الإصلاح.. شراكة وطنية وحضور إقليمي ودولي فاعل    فصائل فلسطينية تعلن إعدام 6 أشخاص تعاونوا مع إسرائيل    محافظ حضرموت يبحث مع أورتسلا صيانة محطات الكهرباء    نائب وزير المياه والبيئة: قرارات الرئيس الزُبيدي وضعت حدا للتلكؤ بتنفيذ اتفاق ومشاورات الرياض    سريع يعلن عن عملية عسكرية بصاروخ انشطاري متعدد الرؤوس    مستشار الرئيس الفلسطيني: دماء أطفال غزة أحيت الضمائر    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من المرتفعات والسواحل    أنظمة العصبيات المُستَبِدة    شرطة الممدارة تستعيد حافلة مسروقة وتضبط المتهمين    وساطة إقليمية بين العليمي والزبيدي الذي يصر على إصدار قرارات جديدة    العدو الإسرائيلي يعلن إفلاسه باستهداف المدنيين وصنعاء ترد وتتوعد    اليوم.. انطلاق البطولة الأفريقية لشباب الكرة الطائرة بالقاهرة بحضور وزير الرياضة    مرة ثالثة.. الاتحاد يضرب الفتح 42    ممتاز السيدات.. الأهلي يكتسح نيوم بخماسية    مبابي: سنقاتل لحصد جميع الألقاب هذا الموسم    خطر تسونامي في كامشاتكا بعد زلزال عنيف    الصين تعارض إدراج شركات لها ضمن قائمة العقوبات الأمريكية على كيانات يمنية    القبض على متهم بجريمة قتل والشروع في قتل رجل وامرأة    ضبط 594 مهاجراً غير شرعيا في عمران    ضغوطات سعودية على الانتقالي تثمر في تحييد البحسني والمحرمي    الإصلاح.. مسيرة نضال    مع الإصلاح في ثباته ومواقفه    مجلس الأمن يدين احتجاز الحوثيين 21 من موظفي الأمم المتحدة ويطالب بالافراج الفوري عنهم    مجلس الأمن يدين الهجوم الإسرائيلي على الدوحة و يؤكد دعمه القوي لسيادة قطر    ايمري يصف مارتينيز بأفضل حارس في العالم    الدوري الاسباني : التعادل الايجابي ينهي مواجهة إشبيلية والتشي    حين احتملنا ما لا يحتمله جبل    بعد غياب 4 سنوات.. أحمد حلمي يعود إلى السينما بفيلم جديد    جريمة هزت إب .. شاب يقتل اخر في الجعاشن ويعتدي بالسلاح الأبيض على والديه    وزارة التجارة والصناعة تعلن شطب قرابة ألفي علامة ووكالة تجارية    بن حبريش: الحكومة مسؤولة عن الكهرباء وليس قطاعاتنا القبلية    الانتظار الطويل    اليمن كل اليمن    جاك غريليش يفوز بجائزة أفضل لاعب بالدوري الإنجليزي    بداية ضعيفة لاقتصاد بريطانيا في النصف الثاني من 2025    الشراكة الخائنة: كيف تُسرق إيرادات الجنوب لتمويل أعداءه؟    35عاما في مدرسة الإصلاح    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    انتشال جثتي مواطنين سقطا داخل بئر في تعز    تمرد بن حبريش.. خنجر في خاصرة التنمية بحضرموت    توقف مصنع سجائر محلية الصنع وسط انتشار انواع من السجائر المهربة    شعب إب يلاقي شباب المعافر وأهلي تعز يواجه وحدة التربة في ربع نهائي بطولة بيسان    تدشين توزيع مادتي الديزل والاسمنت لدعم المبادرات المجتمعية في مأرب    "عربدة "    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    مركز الهدهد يدين العدوان الصهيوني على المتحف الوطني بصنعاء    "القسام" تدعو الأمة للتضرع إلى الله الليلة لاستمطار الفرج لأهل غزة    الارياني: عودة 16 قطعة أثرية إلى اليمن تتويج لجهود حكومية ودبلوماسية    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    إصلاحيون على العهد    عدن .. أزمة السيولة بين قرارات البنك المركزي وعجز الحكومة عن صرف المرتبات    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور مركز اللغة السقطرية للدراسات والبحوث    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    العثور على مدفن عمره 5500 عام في ياقوتيا الروسية    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    مرض الفشل الكلوي (20)    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنظمة العصبيات المُستَبِدة
نشر في يمنات يوم 13 - 09 - 2025


أ.د/ عبدالله غالب المعمري
في تاريخ الشعوب تبرز أنظمةٌ غريبة معقدة في تكوينها، حلزونية بتفكيرها ، هشة في جوهرها تبني بامتياز سلطات قمع واستحواذ وسيطره على مربعات للأرض ولكنها تعجز عن بناء أوطان نموذجية بمواصفات مدنية إنسانية. تلك هي أنظمة العصبيات المُستَبِدة التى تم إنتاجها في معامل الإستبداد القديمة حيث تحل القبيلة , المنطقة أو الطائفة أو الحزب الهش محل الدولة وتتنازع مهامها، ويتحوّل الولاء للزعيم ، للقائد، للجنرال أو للرئيس الرمز كبديل عن الولاء للوطن.
في رحلة الأوطان نحو البناء الحقيقي لا مكان لسلطه مستبدة طارئة فاسدة مُرتَهنه للخارج ترى في نفسها إلهًا صغيرًا ولا لمليشيا منفلتة مجنونة تحمل بندقيةً للأيجار بلا وعي ولا قانون ولاقضية عادلة ترفض أن تكون ضمن مؤسسة عسكرية وطنية محترفة. أن نهج الإستبداد المتدثر بالعصبيات النتِنه وعصابات الفساد لا يُنجب دولة مكتملة الأركان، بل ينجبُ سجونًا، يُصدر خوفًا، يكرسُ الارتهان ، يذل شعوبًا مسحوقة تبحث عن متنفس للحياة واساسيات العيش. والبندقية السائبة المأجورة لا تحمي، بل تتحول إلى غول ضخم يلتهم الدولة، يسرق قوت الناس ويتحكم بهم ويزرع الرعب بدل الأمن والأمان.
في تاريخ اليمن لم يكن قطار الاستبداد العصبوي يومًا مشروع دولة ولا كانت المليشيات يومًا درعًا حامياً للوطن. كلاهما وجهان لعملة واحدة: عملة الخراب والقمع كلاً منهما يتكئ على الآخر.
قد يبدو للمشاهد البسيط أن سلطات العصبيات قوية تسيطر على الأرض وتدير شؤون الحياة اليومية للناس وتُسكت الأصوات المعارضة، لكنها في الحقيقة تعيش على هشاشة عميقة. فالوطن الذي لا يقوم على العدالة والمساواة والقانون، يتحول إلى أرضٍ مشققة عليها كانتونات رخوه تنتظر أول هزة نحو التغيير لكي تنهار. نعم أقولها وبكل ثقه قد تبني العصبيات سلطة وقد تُشيّد قصورًا للحاكم وأتباعه وديكور لمؤسسات رخوه، وأجهزة أمن قمعية وسجونًا للمعارضين، وجيوشًا من المصفقين المتنطعين والبشمرجه لكنها أبدًا لا تستطيع أن تبني وطنًا مستقراً امناً كريماً.
العصبية ليست قوة، بل وهم قوة؛ أنها الضعف كله. فهي تبني ولاءات عمياء متعصبه على حساب دولة القانون والعدالة ترفع من شأن القريب مهما كان فاسداً وغير مؤهلاً، وتقصي الكفؤ إذا لم يكن من "العشيرة" أو "الحزب" أو "الطائفة" أو"الشلة" توزع الهبات والخير لمن تريد وتمنعه عمن تريد وبهذا تضعف مؤسسات الدولة، ويتحول القرار السياسي والإداري إلى غنيمة يتقاسمها أولئك المتعصبون خلف خنادق العصبيات المقيته التى انتشرت على مستوى محافظات اليمن كخلايا سرطان تنقسم ميتوزياً على نحو مخيف . أن قوى الاستبداد في اليمن اليوم لم تأتي ولن تأتي بحكم رشيد ممنهج لكل الناس، بل جاءت وستبقى دائمًا كسلطة غاشمه طارئه متعجرفه لا ترى الشعب إلا كعبء، ولا تفهم الدولة إلا كغنيمة. هي سلطه تُكمم الأفواه، وتغتال العقول، وتبني عروشها على ركام الفقر وجدار الجهل والصراع الدموي عبر الانقلابات.
اليمن لن يتحرر ويكون دوله مؤسسات ولن ينهض ويتقدم خطوات نحو برنامج حاجات الناس الوطني الاقتصادي والسياسي والاجتماعي إلا حين نخلع نحن الشعب ثوب الخوف والجبن أولا ً ومن ثم نخلع الجلباب العتيق الممزق المهترئ للاستبداد الذي فرضه علينا المستبدون الطارئون وأمراءالمليشيات العابثون في كل الساحة اليمنية، لنلبس بوعينا وبنضالنا الشريف ثوب الدولة المدنيه الحديثة ، دولة القانون، دولة المواطنة المتساوية ونغادر ثقافة الإستبداد والاستقواء بقوة السلاح وبكرباج ومال دعم الخارج. اليمن سيُبنى فقط عندما تُكسر قيود واصنام الاستبداد وتجفف منابعه وتجتث شبكات الفساد وتُخمد نيران البندقية السائبة القاتلة للحياة ويعلو صوت الوطن الواحد فوق كل الأصوات فالوطن فكرة لاتموت ولا تُختزل في مشاريع تفتيتيه تمزيقيه ماقبل الدولة.
إن اليمن لن يُبنى إلا بدوله ديمقراطيه عادلة، ودولة قانون، وجيش وطني موحَّد منظم يُبني على أسس حديثه جيش من كل ابناء اليمن ولكل اليمن من الشمال الى الجنوب يحتكر السلاح بأسم الشعب وللشعب لا بأسم العصبيات والهويات والجهويات المناطقية المختلفة والماسكة بأصابع الديناميت من خلال مليشياتها تهدد بها السلم الإجتماعي ونسف مشروع وبناء الدولة المدنية الحديثة حلم الجميع.
أن اليمن هي أنت هي أنا هي أنتم هي نحن جميعاً أيها المثقفون الثوريون (الأنتليجنسيا) المناضلون الشرفاء.
حقاً لن يستقر بلدنا ولن يتقدم إلا بكم وبحرية مواطنيه، وعدالة قضائه، وكرامة إنسانية وتوزيع السلطة والثروة للجميع. اليمن أكبر من الأجندة الشوفينيه الأنانية متعددة الولاءات لترويكا أعضاء المجلس الرئاسي اليمني، وأبقى من المليشيات وأقدس من البندقية المستأجرة المنفلتهدة المنتشرة كحبوب اللقاح هنأ وهناك.
قال تعالى: ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ [ الحشر: 14].
أن بعد كل هذا القُبح ومصفوفة تلك الخيبات التي طوقت حياتنا لعقود من الزمن يجب علينا أن ننهض جميعًا للتغيير لإنقاذ بلدنا المنهار والذي يُسحب من تحت أقدامنا وبناء اليمن الذي نستحقه ويطالب به أبناؤه المتعبين المسحوقين : يمن بلا استبداد ، يمن بلا فوضى، بلا عبث بلا قمع بلا خوف بلا تمييز جغرافي ، جيني ، سياسي ولا الغاء ولاتهميش ، يمن حر بلا عمالة وخيانة وارتزاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.