منذ تأسيسه قبل أكثر من ثلاثة عقود، شكّل التجمع اليمني للإصلاح رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية اليمنية، حيث استطاع، بفضل جذوره الشعبية الواسعة وخياراته المدنية، أن يرسّخ حضوره كقوة سياسية فاعلة محليًا، وحزب مؤثر يحظى باهتمام إقليمي ودولي، لما يتمتع به من نهج معتدل وشراكة بنّاءة في ترسيخ قيم التعددية والحوار والعمل المؤسسي. وعلى الرغم من التحديات التي واجهته خلال مسيرته، ظل الإصلاح متمسكًا بالنهج السلمي والخيارات الديمقراطية، وهو ما أكسبه احترامًا محليًا ودوليًا واسعًا، وعزز موقعه في المشهد السياسي باعتباره مكونًا لا يمكن تجاوزه في أي عملية وطنية تهدف إلى بناء الدولة وإرساء الاستقرار. وأسهم هذا التوجه المدني للإصلاح في بناء علاقات متينة مع الإقليم والمجتمع الدولي، حيث تعاملت أطراف عربية ودولية مع الإصلاح كحزب وطني مسؤول، يوازن بين الالتزام بالثوابت اليمنية والانفتاح على محيطه، ويرفض الانزلاق إلى الصراعات خارج مؤسسات الدولة. وفي ضوء هذه المسيرة، اكتسب التجمع اليمني للإصلاح موقعًا مهمًا في نظر شركائه الإقليميين والدوليين، الذين رأوا فيه ركيزة وطنية يمكنها أن تسهم في حماية اليمن من مشاريع الفوضى والانقسام، وتشارك بفاعلية في جهود السلام وإعادة الإعمار.
- الإصلاح.. مسار للتجديد والتغيير:
يصف البروفيسور الفرنسي فرانسوا بورغا تاريخ حزب الإصلاح بأنه نتاج مباشر للثنائية الشمالية الجنوبية في التاريخ الوطني لليمن؛ إذ نشأ من بيئة سياسية صاخبة شهدت مقاومة الملكية المطلقة، ثم مواجهة الاستعمار البريطاني، وصولًا إلى التفاعل مع أنظمة وقوى يسارية. وقال بورغا في تصريح خاص ل"الصحوة نت"، "إن الإصلاح كان رائدًا في التحولات السياسية والاجتماعية، إذ تجاوز الانقسامات المحلية، وانخرط في العملية الديمقراطية، كما بادر إلى فتح قنوات تعاون مع مختلف القوى الوطنية، ما جعله سبّاقًا مقارنة بغيره من المكونات السياسية التي تبنّت لاحقًا توجهات مماثلة". ويؤكد الباحث الفرنسي أن ميزة الإصلاح الجوهرية لا تكمن فقط في كونه الحزب الذي خرجت من صفوفه كوادر فعالة ونشطة من نشطاء ومفكرين وأكاديميين فحسب، بل في أنه تطور في بيئة يمنية شبه معزولة عن التأثير الغربي المباشر، ما جعله يعكس مسارًا داخليًا أصيلًا للتجديد والتغيير. ويشير بورغا إلى أن أحد أبرز رموز الحزب، محمد قحطان، لخّص هذه الخصوصية بعبارة بليغة خلال حوار أجراه معه مطلع الألفية: "في العالم العربي كله سعت القوى إلى إدخال الإسلام في الدساتير، أما نحن في اليمن فقد أدخلنا الدستور في الإسلام." هذه الرؤية، كما يوضح بورغا، تختصر تجربة الإصلاح وتبرز تميّزه عن بقية الأحزاب، فهي تعكس اتجاهاً تحديثياً أصيلاً انبثق من واقع اليمن وتجربته الوطنية. وهو ما يفسر قدرة الحزب على التكيف مع التحولات الكبرى والاحتفاظ بجذوره الشعبية في مختلف المراحل.
- انفتاح خارجي يحفظ المصالح الوطنية:
أدرك الإصلاح منذ وقت مبكر أهمية بناء علاقات متوازنة مع الخارج، قائمة على عدم التدخل في شؤون الآخرين، والحفاظ على المصالح الوطنية، الأمر الذي أكسبه احترامًا إقليميًا، وجعله شريكًا في قضايا كبرى مثل مواجهة التمدد الإيراني ودعم الشرعية اليمنية في وجه الانقلاب الحوثي. وفي المواقف المصيرية، أيّد الحزب عاصفة الحزم التي أعلنها التحالف العربي بقيادة السعودية، وكان المكون الوحيد الذي أصدر بيان تأييد موحد، منطلِقًا من قناعة راسخة بضرورة دعم الشرعية اليمنية واستعادة مؤسسات الدولة، باعتبارها الركيزة الأساسية لحماية الهوية الوطنية. وعلى الصعيد الدولي، تفاعل الإصلاح بإيجابية مع المبادرات الأممية، وشارك في الحوارات السياسية التي رعتها الأممالمتحدة، وقدّم رؤىً واقعية لحل الأزمة اليمنية، مع الالتزام بخيار الدولة المدنية، والحوار الوطني الشامل الذي يضمن مشاركة جميع المكونات دون إقصاء أو استفراد. ومن خلال هذه المواقف، حافظ الإصلاح على صورته كقوة مدنية وطنية، تجمع بين الالتزام بالديمقراطية والانفتاح على العالم، وهو ما يجعله اليوم شريكًا لا غنى عنه في أي مشروع وطني يسعى إلى إعادة بناء الدولة وإحلال سلام عادل ودائم في اليمن.
يمثل التجمع اليمني للإصلاح ركيزة أساسية في المشهد اليمني، بحضوره الشعبي ودوره الوطني في دعم الشرعية وحماية مؤسسات الدولة، ما أكسبه احترامًا إقليميًا باعتباره شريكًا فاعلًا في تحقيق الاستقرار وبناء التوافق الوطني. في هذا السياق، أشاد قائد القوات المشتركة للتحالف العربي لدعم الشرعية، الفريق الركن فهد السلمان، خلال لقاء سابق جمعه مع رئيس الهيئة العليا للإصلاح محمد اليدومي، بدور القوى الوطنية اليمنية، وفي مقدمتها التجمع اليمني للإصلاح، مشيرًا إلى مواقفه المشهودة في تعزيز الهوية اليمنية والعربية وتوحيد الصف الوطني لمواجهة التحديات. وأكد السلمان أهمية الدور الوطني الذي يؤديه الإصلاح في دعم الشرعية ومساندته جهود التحالف لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، مشيرًا إلى أن حضوره السياسي والشعبي يجعله عنصرًا فاعلًا وأساسيًا في التوافق الوطني والمساهمة في حماية الدولة وتعزيز مساعي الاستقرار والأمن في البلاد. من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السعودي سليمان العقيلي أن استهداف الإصلاح لا يضر الحزب وحده، بل يمس بمصالح إقليمية كبرى في مقدمتها السعودية. وأوضح أن الإصلاح ظل تاريخيًا حليفًا استراتيجيًا للرياض، وأن إضعافه يمثل تهديدًا مباشرًا لشركاء المملكة الموثوقين في اليمن. وأشار العقيلي إلى أن الإصلاح يمثل القوة السياسية الأكثر تماسكًا في الساحة اليمنية، والمكوّن الذي حافظ على خيار الدولة ومؤسساتها رغم الانهيارات المتلاحقة، مؤكدًا أن الحملات الإعلامية التي تستهدف الحزب تعكس أجندات لا ترغب ببقاء قوة مدنية فاعلة، قادرة على حماية الهوية اليمنية.
- شريك دولي موثوق:
عبّر القائم بأعمال السفير الصيني لدى اليمن، شاو تشنغ، عن تقديره المتكرر للدور السياسي الفاعل الذي يقوم به التجمع اليمني للإصلاح. وأكد أن الحزب يمثل مكونًا مؤثرًا في الحياة السياسية اليمنية، مشيرًا إلى أن تماسكه وفاعليته يجعلان منه طرفًا مهمًا في أي مسار وطني مستقبلي. وأوضح الدبلوماسي الصيني أن الإصلاح يعبّر عن قوى اجتماعية واسعة، وينطلق من رؤية وطنية لا تنغلق على الذات، الأمر الذي يجعله عنصرًا مهمًا في بناء التوافقات السياسية، مشددًا على أن دور الإصلاح لا يمكن تجاوزه في أي عملية سلام ترعاها الأممالمتحدة مستقبلاً. وأكد شاو تشنغ أن الصين تنظر بعين الاهتمام إلى القوى المدنية القادرة على الحفاظ على التوازن في المشهد اليمني، معتبرًا أن الإصلاح يمتلك هذه الميزة من خلال عمله السلمي ومشاركته الفاعلة في التجارب الديمقراطية السابقة، ما يجعله شريكًا مهمًا في أي جهود دولية قادمة. وتسلط هذه الشهادات - بحق الإصلاح- الضوء على موقعه كحزب وطني يجمع بين القاعدة الشعبية والانفتاح السياسي؛ ما يمنحه حضورًا في الأوساط الدولية، باعتباره قوة مسؤولة تتبنى الحوار وترفض الانجرار إلى الصراعات المسلحة خارج مؤسسات الدولة الدستورية.