»حكاية الصاروخ الذي انفجر من الضحك« كلفني الفندم علي حمود بالذهاب إلى السعودية لغرض مهمة صحفية وهي تغطية زيارة جديدة للرئيس الأمريكي ترامب إلى السعودية!! قلت حاضر بس أريد أولاً الذهاب إلى الدائرة استأذن قيادتها بالسفر وكذلك اطلب الصحفي يحيى السدمي كمساعد ومحمد الحرازي مصور ما رأيك؟ قال الفندم علي: خذ معك اثنين من عيالك يساعدوك .. قلت: عيالي شباب ما عندهم خبرة لمثل هذه المهام .. قال الفندم علي حمود: نفذ المهمة بدون نقاش.. تصرف .. قلت: حاضر سأتصرف وبدأت أتصرف: الخطوة الأولى: اتصلت بأولادي عمران وأرحب إلى القرية وطلبت حضورهم سريعاً الى صنعاء. الخطوة الثانية: استأجرت ثلاثة جمال وحضرت أدوات السفر الكاميرا والخرائط الطبوغرافية والبوصلة و«مسب فدرة» احتياط. الخطوة الثالثة: بعد أن حضر الأولاد اخترت طرقاً آمنة خالية من الاشتباك الناري بين أصحابنا وأصحابهم. امتطينا ثلاثتنا ظهور الجمال وبواسطة الخارطة والبوصلة سرنا من مناطق آمنة.. والجمال الثلاثة ما قصرت كانت تركض بسرعة الفهد اليماني. وأثناء السفر استرحنا مرتين: المرة الأولى: في منتصف نهار اليوم وقد لاحظت الجمال ترقص رقصاً إجبارياً ترفع وتهبط أرجلها من شدة حرارة رمضاء الصحراء في العمق السعودي لم تعتدها. الاستراحة الثانية: عصر اليوم الثاني في منطقة يوجد فيها بعض الشجيرات الصحراوية وعلى بعد 200 متر تقريباً يوجد معسكر سعودي محاط بالأسلاك الشائكة يتكون من مخيمات وبعض المباني من الطين, لم يكن في إحداثيات الخارطة الطبوغرافية المطبوعة عام 2016م واضح انه مستحدث هذا العام أو العام الماضي 2018م .. جنود المعسكر اجتمعوا على شكل حلقة .. كانوا يغنون ويرقصون على أنغام الجيتار .. نتف من الأغاني المبتذلة والرقصات المائعة شاهدتهم بالناظور الروسي السوبر وخارج السور كان عسكري سوداني يرقص عن بعد ذكرني برقصات عمر البشير بعصا المايسترو قبل سنوات عندما كان له شعبية نسبية تناقصت تدريجياً حتى وصل الحضيض وفجأة لاحظت صاروخ «بدر 2» منطلقاً نحو هدف استراتيجي معاد في الرياض وشاهدت الجنود السعوديين هاربين بخفة الراقصة المصرية نجوى فؤاد أيام شبابها وفجأة انفجر الصاروخ وشظاياه قتلت معظم جنود المعسكر .. لذلك عجلنا السير .. سألني أرحب أيش الذي فجر الصاروخ وهو في الجو؟ رد عمران يمكن صاروخ باتريوت هو اللي فجره أيش رأيك يا أبه؟ رديت أكيد انه انفجر من الضحك على الجنود السعوديين الذين كانوا يرقصون .. ضحك أولادي رغم الخوف البائن على محياهم .. وقد خفت على أولادي أكثر من نفسي .. بعد خطوات سير صاح ابني أرحب: أبه أبه «اشحر» ذاك العسكري «المقشنن» نزلنا نعاين العسكري الذي أصابته شظية من صاروخ بدر 2 في رأسه ربطنا الجرح وأوقفنا النزيف وأخذناه معنا لإسعافه إلى اقرب مستشفى لدواع إنسانية.. بشرته متفرعة من البشير السوداني أوصلناه إلى أقرب مستشفى في مدينة سعودية لا نعرفها. الأطباء لم يعيروه أي اهتمام كانوا مشغولين بالرقص والغناء في صالة واسعة داخل المستشفى .. وانسحبنا سريعاً تجنباً من السين والجيم .. ذهبنا سريعاً إلى المطار لانتظار قدوم الرئيس الأمريكي ترامب الذي سيأتي لزيارة صاحبيه سلمان وبن سلمان وسيصل بعد دقائق. أغاني ترامب ورقصات بن سلمان ساعدني الحظ أنا و»جهالي» بان نكون في الصف الأمامي لمستقبلي ترامب نزل الرئيس ترامب من الطائرة وعلى يمينه عبدالفتاح السيسي يحمل طبله مزدوجة نسميها «دربوجة» وعلى صدره لوحة معدنية مكتوب عليها بالعربي: «ضابط إيقاع» وعلى يساره عمر البشير «شيال شنطة» يحمل شنطة ترامب تقدم سلمان لمصافحة ترامب قائلاً له: يا هلا يا هلا يا هلا بيك يا طويل العمر رد عليه ترامب بأغنية يمنية غناها بالعربي هكذا: «ما اتركك قط قط يا حسين النقط» قالها ملحنة بالعربي .. طبعاً يقصد ترامب ب»حسين النقط» كريم الهبات المالية والنقط هي المال المهدى كهدية أو هبة، رد عليه سلمان من نفس الأغنية اليمنية التي سرقوها بل وسرقوا ثروتنا وحليب أطفالنا.. رد عليه: «من رآك من رآك انبسط» قالها سلمان مغناه بصوت أجش ونسي بقية الكلمات وهو معذور فهو يعاني من «الزهايمر» تدخل عبدالمجيد عبدالله وأكمل الأغنية بصوت جميل.. وهكذا استمر الحفل الكرنفالي ساعة إلاَّ ثمن وأحسن الراقصين خفة وخبرة كان الولد محمد بن سلمان وما يعيبه فقط هو حركة الخصر بشكل مبالغ فيه.. بعد هذه النمرة الغنائية والرقصية استراح الجميع شويه وشاور ترامب بن سلمان يجهزوا له الزلط المتفق عليها.. هز محمد سلمان رأسه مثل الهندي قائلاً: حاضر يا سيدي دقائق وتوصل, صبر ترامب 5 دقائق وضاق من الصبر ثم نهض مثل المذعور مغنياً أغنية المرحوم فيصل علوي وبالعربي وبنفس اللحن: «يا وليد يا نينو لما متى وأنا صابر يا وليد يا نينو لما متى وأنا صابر» وعاد محمد سلمان عبدالعزيز ولي عهد آل سعود يرقص لحاله هذه المرة وبنفس مبالغة الهز.. وبعد دقائق جاءت سيارتان تحملان الدولارات في أكياس كبيرة شفافة ومنظورة.. قطع ترامب الأغنية وشكر بن سلمان ووالده على كرم الضيافة واعتذر عن الولائم وعاد من المطار الى بلاده.. انصرف الجميع بعد حاله، قلت لنفسي أن الغناء والرقص جزء من الفنون الإبداعية لكن عندما يغني ترامب ويرقص بن سلمان ففي هذه الحالة الرقص نقص والغناء بهذلة.. قبل عودتي إلى بلادي اليمن تذكرت أن الولد الطائع علي مبارك قد شاورني أن السعوديين استوردوا من أمريكا عدة راقصات أبرزهن: ماريا كاري للرقص والغناء في أحد فنادق جدة السعودية.. سافرت وعيالي من الرياض إلى جدة ودخلت فندق «سلول أكس برس» ومنتظرين على أحرِّ من جمر نمرة السيدة ماريا لكن يا فرحة ما تمت فقد صحتني زوجتي لصلاة الفجر قم يا فندم صلاة قمت غيان قلت: اصبري شويه يا بنت عمي أشتي أشوف نمرة «ماريا كاري». قالت أيش من نمرة وأيش من ماريا يا ولد عمي وأضافت بتهكم: «غلطان بالنمرة» أيش «لا تُهذرف» يا فندم؟ قمت عيان أشعر بإرهاق السفر إلى السعودية الذي كان حلماً جيداً نسبياً. في العدد القادم استكمل حكايات الرقص والغناء في السعودية في الواقع وما تبقى من الحلم غير المزعج والحلقة القادمة هي الرابعة والخورجة.. هامش بعض المفردات من لهجة منطقتي عمار هي أصلاً من مفردات اللغة الحميرية القديمة معانيها كالتالي: مسب فدرة-كيس جلد مليء بالفطيرة أكلات مشهورة عمارية. اشحر-معناها انظر. المقشنن -معناها الجثة الهامدة. تهذرف-معناها تهذي والهذرفة هي الهذيان.