مفهوم الحياد مفهوم ملتبس وخادع ومشتبه ومن يتبناه لاموقف له لاسيما إذا كان الأمر مرتبطاً بالقضايا الوطنية الكبرى ولا توجد قضية أكبر من تعرض الأوطان للعدوان الخارجي من دولة لدولة فكيف إذا كان هذا العدوان مصدره ليس دولة واحدة, بل تحالفاً تنضوي فيه أقوى الدول تسليحاً وأغناها مالاً على النحو الذي يتعرض له شعب مسالم مُفقَر, وليس فقيراً كشعبنا اليمني بسبب حروب وتآمر جواره النفطي الأغنى من حيث المال والفقير بالقيم والمبادئ الدينية والأخلاقية, الخليج وعلى رأسه بالطبع نظام بني سعود في نجد والحجاز, والذي كافة اليمنيين على معرفة ودراية بما يحمله هذا النظام من حقد على الشعب اليمني إلى حدٍ أصبحوا جميعاً يطلقون عليه بالعدو التاريخي.. فما الذي حدث لنجد من يدعي الحياد تجاه عدوان موصوف لتحالفٍ اجتمعت فيه قوى إقليمية ودولية لطالما بنت إمبراطورياتها وكياناتها على دماء ودمار وخراب الشعوب الأخرى.. كل هذا العدوان وهناك من يعتبر نفسه يمنياً ويدعي الحياد مع أن سيادة واستقلال الوطن وكرامة أبنائه لا تقبل التموقع في المنطقة الرمادية والاختباء خلف مفهوم يحمل معنى مجازي لا وجود واقعي له إلا في تلك العقول المأفونة بنزعاتها المناطقية والطائفية والمذهبية.. والأكثر إيلاماً أن أولئك المحايدين وبعد أربع سنوات من حربٍ عدوانيةٍ إجراميةٍ وحشيةٍ قذرة وشاملة يوجد من يدعي عدم فهم واستيعاب حقيقة ما يتعرض له الشعب اليمني من إبادة لشيوخه وأطفاله ونسائه بوسائل القتل المباشر وبالحصار ليصبح ضحايا آلة حرب تحالف العدوان يحسب بعشرات الآلاف وبمئات الآلاف من أبيدوا جوعاً وبالأوبئة الفتاكة وهي جريمة بات العالم كله يتحدث عنها وعما يتعرض له اليمن وشعبه من حرب تدميرية إجرامية وكارثة إنسانية قل ان شهد التاريخ مثيلاً لها.. رغم هذا مازال بيننا من لا يرى هذا كله وان رأى يتعاطى معه وكأن الأمر لا يعنيه وكأن ذلك يحصل في بلد وشعب آخر أو في كوكب آخر من هذا الكون متحججاً بما يسوقه العدوان من ذرائع ومبررات لم يعد لها وجود بعد أن أضحت الحقائق ساطعة ومجسدة على أرض اليمن بما تقوم به قوات العدوان السعودي الإماراتي الغازية من احتلال للأرض, وانتهاك للعرض في المحافظات الجنوبية والشرقية, وكل المناطق التي وصل إليها الغزاة وعملاؤهم ومرتزقتهم.. إن هؤلاء المحايدين هم أسوأ بما لا يقاس من القوات الغازية, ومن انضوى تحت لواء المال النفطي القذر عمالة وارتزاقاً لأن أولئك واضحين ومصنفين كأعداء لليمن, أما هؤلاء فدورهم أخطر كونهم يعطون انطباعاً ان ما يجري ليس عدواناً, بل هي حرب داخلية وصراع بين أطراف يمنية, وهذا ما يريده العدوان لتغطية حقيقة ما يقوم به, وما خفي من المحايدين أعظم وأشد فظاعة.. نحن لسنا مع نظرية من ليس معي فهو ضدي في الشأن السياسي الداخلي, فالاختلافات في المواقف والآراء والأفكار لها ما يبررها, لكن هذا لا يمكن القبول به إذا ما تعلق الأمر بسيادة واستقلال الوطن وحرية وكرامة أبنائه الذين يتعرضون لعدوان خارجي من قوى لطالما عرفت بحقدها غير المبرر على الشعب اليمني والطامعة في موقعه الاستراتيجي وثرواته، وعلى المحايدين من أبناء جلدتنا أن يعطونا مثالاً من تاريخ الشعوب والدول المتأثرين بثقافتها ان حصل ووجد من أبنائها محايدون تجاه أي عدوان خارجي تعرضت له فلا تعتبر هؤلاء خونة وطابوراً خامساً ولا فرق.. للحظات الحاسمة من تاريخ الشعوب أن يدركوا ذلك أم لا يدركوه, فالمواقف تحسب وتحاسب على نتائجها.. ختاماً نقول ان استمرار الحيادية ووجود المحايدين يطيل أمد العدوان وعلى كافة أبناء اليمن إدراك أن الوطن وطننا جميعاً ومسؤولية الدفاع عنه وعن وحدته واستقلاله مسؤولية تقع على عاتق الجميع.