ومن محاولاتها العبثية اليائسة والمستمرة لإقلاق وإشغال اليمن والتدخل في شؤونه الداخلية والانغماس وحشر أنفها في مشاكله وقضاياه الداخلية والسعي حثيثا للتأثير على قراره السياسي وفرض الوصاية على أبناء شعبه ومصادرة إرادته وخياراته الوطنية والحجر عليها في إصرار عجيب على فرض التبعية والوصاية على اليمنيين الأحرار وصولا اليوم إلى هذه الحرب العدوانية الضروس التي تشنها مملكة آل سعود ومعها عدد من الدول المتحالفة معها بزعم وحجة محاربة المد والخطر الإيراني الفارسي في اليمن والمنطقة ولمناصرة ما يسميه إعلام الرياض بحكومة الشرعية لازالت مملكة البغي والعدوان السعودية في نجد والحجاز تسعى مساعيها وتمكر مكرها الخبيث مكرا كبارا ضد اليمن وشعبه وتعمل كل ما بوسعها لعرقلة وإعاقة تقدمه وتطوره وتحقيق نهضته التنموية الشاملة وتحرر أبنائه من الفقر والاعتماد والاتكال على الهبات والمساعدات الخارجية المشروطة والمهينة أحيانا من هذه الدولة أو تلك والتعويل تارة على موافقة البنك الدولي أو هذا الصندوق الداعم والممول وموافقته على منح اليمن قرضا لتمويل وتنفيذ هذا المشروع أو ذاك.. والأهم والأخطر من كل ذلك أن السعودية أثبتت وأكدت في كل الأحوال أنها تقف حجر عثرة ولا تقبل أو ترضى بتفرغ اليمنيين والتفاتهم واهتمامهم بما يصلح شأنهم ويبني بلادهم ووطنهم اعتقاد منها أن اليمن إذا حقق قفزة في التقدم والتطور والنماء ونعم أبناؤه بحالة من الأمن والاستقرار فإن ذلك يشكل خطرا عليها وتهديدا لها ولهذا تجد السعودية مدفوعة بمبرراتها واعتقاداتها وقناعاتها الخاطئة والآثمة تمضي قدما في ما عزمت عليه لتمس اليمن وأهله بضرها وقد حرصت أن لا تتوقف ولا تهدأ أو يعتريها يأس لتحقيق ما تهدف إليه بالباطل, بل إنها تصر إصرارا على بسط نفوذها وسيطرتها ووصايتها على اليمن واليمنيين وتتدخل بلا حق ولا معنى في شؤونه الداخلية وتكون في أحايين كثيرة كما كانت وستكون اليوم وغدا جزءا من تعقيدات المشهد اليمني ومشاكل هذا البلد العربي كثير الاضطراب والقلاقل والفتن. وفي مراحل سابقة من تاريخ اليمن الحديث والمعاصر كان لمملكة قرن الشيطان السعودية سوابق عديدة ومتنوعة ومتصلة ببعض عبر سلسلة وحلقة واحدة لاتنفك في إذكاء نيران الفتن في اليمن وإيقاظها ودعم وتمويل مشاريع الاحتراب الداخلي وتشجيع التمزق والتشظي وزعزعة الأمن والاستقرار وعدم السماح على الإطلاق بتحرر اليمن واليمنيين من التبعية للخارج ومن ضمنه السعودية والوقوف بالمرصاد أمام أية محاولة يمنية جادة تتبني مشروعا وطنيا جامعا لليمنيين يؤسس لبناء دولة مؤسساتية حديثة متطورة تضمن وتحفظ لليمن أمنه واستقراره ووحدة شعبه وأراضيه وتكفل لأبناء هذا البلد حق تقرير مصيرهم بأنفسهم واختيار صيغة وشكل ونوع الحكم الذي يناسبهم وإصدار القرار والاستقلالية وممارسة السيادة الوطنية غير المنتقصة على تراب بلادهم دون تدخل وتأثير خارجي من هذا الطرف الإقليمي أو هذا الطرف الدولي كائنا من كان ولن يتأتى لليمنيين ذلك ما لم يبادروا هم قبل غيرهم إلى بلوغه وإدراكه عبر توحدهم وتكاتفهم وتآزرهم والقبول بإنهاء الخلافات فيما بينهم واستيعاب بعضهم بعضا أخوة متحابين متعاونين دون تهميش ولا تجريم ولا إقصاء وتقديم التنازلات المشتركة وعدم الإصرار على البقاء والتمترس خلف المواقف المتشنجة الانفعالية والقناعات والمصالح الأنانية النرجسية والإيمان القوي الراسخ بأن اليمن تتسع لجميع اليمنيين ولا حق ولا أفضلية ولا تمييز لأحد بعينه. وإن كنت أرى وأجد هذه الغاية السامية غير مدركة قريبا وبعيدة المنال لاسيما في ظل الوضع الراهن والوقت الراهن حيث يحيط بمجرد التمني فيه كثير من المحبطات والمثبطات والمعوقات ويحاك به سوء وشر مكر الماكرين ومع ذلك لا يمنع أن نتمنى نحن اليمنيين ما نتمناه لإصلاح شأننا ونحاول ونعمل جاهدين على الوصول إلى ما نصبوا إليه وهو ممكن ومتاح للجميع وبسهولة ويسر لو انتهزنا فرصته المتاحة وليتنا نحاول هذه المحاولة ولا نأبه بالسعودية وغيرها لنصنع مجدا يمانيا شامخة صروحه وتاريخا ناصع الصفحات والبياض فهلا حاولنا ذلك وهو ممكن وغير بعيد?!.. أم أنه قد قدر علينا يا أبناء يمن الإيمان والحكمة أن نبقى ونظل لقمة سائغة للتدخلات السعودية والإقليمية والدولية في شؤون بلادنا الداخلية وهدفا للحاقدين والطامعين في خير وطننا وثرواته من العرب والأعاجم ومقصدا لمن تسول لهم أنفسهم منهم ليجبرنا هذا الدخيل الصفيق الحقود على ما لا نرتضيه ويفرض علينا ذلك الطامع الغازي ما نأباه على أنفسنا الحرة?!. وتأسيسا على ما تقدم من يقين فما فعلته السعودية من قبل وما تفعله اليوم في سياق تدخلاتها المرفوضة وغير المقبولة في شؤون اليمن ومحاولاتها المستمرة لفرض وصايتها عليه أمر لا يمكن تبريره وشرعنته والسكوت عليه وغض الطرف عنه وإجازته بأي شكل من الأشكال وتحت ظل أي ظرف أو مسمى, بل إن مقاومة هذا التوجه السعودي والتصدي ومحاربة سياسة مملكة آل سعود ذات الصلة بهذا التوجه والهدف يمثل ضرورة وواجبا وطنيا ينبغي أن يقوم به كل يمني حر غيور على وطنه لاسيما وقد تجاوز جار السوء السعودي كل ممكن ومعقول ومقبول وما رعى لليمن واليمنيين حق الجوار والإخاء والعيش والمصير المشترك ولا كف عنا شره وأذاه ولا اكتفى بما أجرمه في حقنا في السابق ولا انتهى عن غيه وبغيه علينا ظلما وعدوانا لا لذنب اقترفناه سوى شعور منه بعقد نقص كثيرة تحركه من الداخل ضدنا وتراكمات وأحقاد تاريخية قديمة من قبل الإسلام وبعده تحرك مملكة آل سعود وتجعلها تستقوي وتتطاول وتستكبر على اليمن وشعبه واعتقد انه لا يوجد من ينكر مثل هذه الحقيقة أو يتجاهلها ويشكك في مصداقيتها أو يقفز من فوق سورها ويتجاوزها بعيدا مهما أجاد من تفانين ولعب الخداع والزيف!. على أن الكثير من القرائن والشواهد ووقائع التاريخ القديمة والحديثة منها قد أشارت وتؤكد صراحة بما لا يدع مجالا للشك أن نظام مملكة آل سعود التآمري صنيعة ودمية الغرب والخادم المطيع لمصالحه في المنطقة كان ولا يزال ضالعا في اختلاق مشاكل اليمن وتغذيتها وتشجيعها وتمويلها وعلى صلة وثيقة وقريبة ومباشرة بما يحدث في هذا البلد من اضطراب وقلاقل ومن أمثلة ذلك تدخلاتها في التأثير ومحاولة تغيير خياراتهم الوطنية وإملاء الشروط على إراداتهم الحرة ورغبتهم في إدارة وتصريف شؤونهم الداخلية بأنفسهم ومن ذلك محاولتها وتدخلها في مسار الأحداث التي أعقبت اندلاع ثورة 26سبتمبر 1962م والصراع بين الملكيين والجمهوريين والسعي لإجهاض النظام الجمهوري الوليد ولاحقا مساعيها لعرقلة وإفشال خطوات الوحدة اليمنية ودعم الطرف المنادي بالانفصال في حرب صيف 94م والتدخل العسكري للرياض في حرب صعدة السابعة وقيام الطيران السعودي بقصف المناطق اليمنية وقتل الكثير من المدنيين الأبرياء وأخيراً وليس بآخر إسراع الرياض وتدخلها المباشر في الأحداث التي شهدها اليمن في العام 2011م واستهدافها لثورة الشباب السلمية التي جسدت رغبتهم في التغيير من خلال تبنيها للمبادرة الخليجية التي اختزلت الثورة وحرفتها عن مسارها وأفرغت محتواها من مضمونها الوطني وحصنت رموز نظام فاسد أجرم في حق اليمنيين وتعدى كل حد ومسؤول عن التفريط بحقوق اليمن وسيادته. وقد نجحت السعودية في مسعاها الأخير هذا وتحقق لها بانحراف ثورة الشباب ضد نظام صالح عن مسارها ودخول هذه الثورة في طور الوصاية وسيطرة من اندلعت أساسا ضدهم ليتبخر حلم الشباب المتحمس بالتغيير وتذهب دماء البعض منهم الزكية التي سفكت من اجل الحرية والخلاص من نظام الفساد والتغيير للأفضل هباءً منثورا وتعود الرياض بعد ذلك لاسيما وقد تلطخت أياديها الآثمة بدماء اليمنيين لتمارس هواية ودور وصايتها وهيمنتها على اليمن وتستأنف مجددا أنشطة تدخلها السافر في الشأن اليمني الداخلي بلا حسيب ولا رقيب. وبناء على ما سبق ذكره والإشارة إليه يمكن القول إجمالاً: أن مملكة آل سعود منذ قيامها وحتى اللحظة وهي تقوم بدورها الهدام الذي حدده الغرب لها في مؤذاة جيرانها في اليمن والدول الأخرى المجاورة لها والتآمر على قضايا الأمة والتفريط بحقوقها وكرامتها مع العلم أن الغرب قد تكفل بدعمها كواجهة ديكورية وأداة ومطية طيعة لما يسميه ويعتبره «رمزا وممثلا للإسلام السياسي المعتدل» إلى جانب مطايا وأدوات أخرى له في المنطقة كالبحرين وقطر والأمارات والأردن وغيرها ووجد في السعودية وهذه الدويلات الكارتونية ضالته للنفاذ إلى قلب وعمق هذه الأمة وتحييد دول كبيرة الحجم والتأثير والمكانة والتاريخ كمصر وسوريا والعراق واليمن وإلهائها وإشغالها بمشاكلها الداخلية. وهكذا كانت السعودية منذ إنشائها ولا زالت أداة طيعة بيد الغرب لا ينحصر خطرها على اليمن والدول المجاورة لها بل يمتد ليشمل أمة بأكملها بعروبتها وإسلامها وقيمها ومبادئها وحقوقها ومصيرها ووجودها على المدى القريب والبعيد وهو خطر أعظم وبلاء أشد أبتلينا عربا ومسلمين به مذ جعله الغرب محدقا بنا!!..