الحياة الزوجية قد تستمر بفضل طرف واحد يتحمل العبء كله.. يتحمل الألم؛ يتحمل عدم الإشباع؛ يتحمل غرابة وشذوذ الطرف الآخر.. ولكنها وبكل قطع حياة زوجية غير سعيدة.. ولكن.. لماذا يتحمل؟ والأغرب هو أن هناك أناسا لا يتصورون الطلاق.. لا يتصورون الابتعاد والانفصال عن شخص عاشروه وعاشوا معه مهما كان هذا الشخص سيئا.. فالحياة معه بمساوئه أفضل من حياة الطلاق.. فكرة الطلاق أساسا مرفوضة.. وهؤلاء الناس لديهم تركيب نفسي خاص؛ فهم إذا اعتادوا شيئا لا يستطيعون الانفصال عنه؛ إذ لديهم مخاوف الانفصال عمن اعتادوا عليهم يفزعهم وهناك من العائلات من لا توجد بها حالة طلاق واحدة وعلى النقيض سنجد عائلات أخرى تكثر فيها حالات الطلاق؛ الطلاق لديها أمر سهل.. إذن الطلاق يحتاج لقدرة نفسية خاصة؛ يحتاج لبناء نفسي خاص.. يحتاج إلى استقلالية نفسية.. يحتاج إلى قدر من الاستغناء بسهولة وبدون ألم شديد عن إنسان عاشرناه طالما أن الحياة معه صعبة.. الطلاق يحتاج إلى إنسان قوي من الداخل؛ عملي؛ موضوعي.. يحتاج الى إنسان ليس لديه الاستعداد ﻷن يتحمل آلاماً لا مبرر لها.. أما الخوف من الطلاق فأساسه الاعتمادية النفسية وعدم القدرة على التغيير أو الخوف الذي يصل إلى حد الذعر من فكرة التغيير والحياة من جديد مع إنسان جديد.. هناك أناس لا يتصورون استبدال زوج بزوج.. إنهم لا يتصورون الحياة إلا مع زوج واحد.. وهناك أناس لا يتصورون الحياة بدون رفيق حتى وان كان هذا الرفيق سيئاً, لا يتصورون حياة الطلاق؛ حياة الوحدة؛ رفيق سيئ خير من الوحدة هذا هو منطقهم.. أو بالأصح هذه هي قدراتهم النفسية.. لذلك فمهما كان الطرف الآخر مزعجا، مؤلما، معذبا، غريبا، فإنهم يتحملون ويتحملون.. ويستمرون في حياة زوجية غريبة وصعبة.. وإذا كانت العلاقةُ بين الزوجين بتلك الدرجة منَ القوة والمتانة، وحقُّ كلٍّ منهما على الآخر، فإنَّ من أعظم ما يجب على الزوجين: المعاشرة بينهما بالمعروف، وحسن الصُّحبة، وأن يَعرف كلٌّ منهما ما له وما عليه، ويقوم بواجبه تجاه صاحبه، ويراقب الله فيه، فلا يظلمه ولا يماطل بحقه، ولا يحتقره ولا يهينه، ولا يكلفه شَطَطًا أو يحمله ما لا يطيق؛ قال الله تعالى: «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ»[3]. كما أنَّ غيرة المرأة على زوجها دليلٌ على محبتها له، وحرصها عليه، ولكنها لا يجوز لها أن تسيء به الظن من غير ريبة، أو تتهمه بالشرِّ من غير بيِّنة، ولا أن تبالغ في الغيرة عليه، فتؤذيه وتحرجه بكثرة السؤال والاتِّصال، والتقصِّي والمتابعة، وتحاصره وتستجوبه كلما دخل وخرج: لماذا ذهبت؟ وإلى أين؟ ومع مَن كنت؟ وهكذا، كأنه طفل صغير.. لماذا يستمرون رغم المعاناة؟! تمنياتي لكم بحياة زوجية سعيدة!!