عن أي راحل أتحدث وأي الكلام أقول .. مهما تفننت في اختيار المفردات وأبدعت في رسم الكلمات وأطلت في تنسيق السطور فإنها ستظل عاجزة وغير كافية لإجمال أوصاف من أتحدث عنه.. الماجد البطل والراحل الذي أصبح رحيله أمرا لا يحتمل .. من ترك في الروح حسرة وفي الفؤاد أنين وفي القلب وجع...لساني يعجز عن الكلام وأصابعي لا تقوى على الكتابة وعقلي لا يتوقف عن التفكير.. كان أول لقاء جمعني به قبل سنتين من الآن .. إنه رقيب أول السرية الثالثة .. الشهيد ماجد أحمد زيد الخالدي..لم يكن مجرد شخص عادي ضمن السرية بل كان في مقدمتها..أول شخص رفع لي تمام السرية بقمة الشحطة العسكرية والرجولة.. كان الأقصر..نعم..لكنه الأطول باعا وذراعا في وطنيته ووفائه وإخلاصه وقوة إيمانه ورباطة جأشه والأشحط والأفضل في أدائه وتجسيده للقيم والمبادئ والتقاليد العسكرية.. كان نحيف الجسم..لكنه..الأكثر مرونة وشدة ولياقة بدنية.. كان الأقدم والأقدر على أسر القلوب وكسب الرجال..رزين في التعامل..قوي في السيطرة..ذكي في التخطيط سريع في التنفيذ . مرت ثلاث مراحل متتالية لم نسمع منه أي شكوى أوتذمر أو مرض أو سخط..تحمل كافة مسؤولياته كرقيب..وكان أفضل من حمل رتبة عريف..آثر زملائه على نفسه وتحمل الصعاب من أجل الجميع... بعد التخرج انقِطع اتصالنا بالجميع إلا بالشهيد الخالدي..ظل يتواصل بنا يسأل عن حالنا التقينا أكثر من مرة..ولا زال بنفس المعنويات بنفس الإصرار والإقدام.. صحيح أننا لم نقدم له أي شيء ولكنه قدم لنا كل شيء.. تمنينا له التوفيق..وتمنى لنا كل الخير ... لكن..مشيئة الله حالت بين اجتماعنا ولقائنا به مرة أخرى باختياره واصطفائه إنه الأقدم والأفضل فينا بإيمانه واستبساله وشجاعته وإقدامه وإنطلاقه إلى ساحات الوغى وميادين التصدي والمواجهة للأعداء .. إنه الشهيد ماجد الخالدي الجميع يعلم قصة استشهاده وتضحياته من أجل أفراده ومن هو مسوؤل عليهم..وهذا ما عهدناه منه وليس بغريب علينا.. ارتقى شهيدا مضمخا بطيب الوفاء لوطنه وشعبه ودينه وأمته .. ظل شامخا في موقعه يرعب الأعداء حتى بعد أن فارقت روحه جسده الطاهر .. ظل جثمانه الشريف شهرا كاملا منذ لحظة استشهاده ومع ذلك لم يتحلل جسده بل ظل كما هو عليه حتى لحظة مواراة جثمانه الثرى .. فهنيئاً له الشهاده... رحل عن دنيانا نعم فترك خواطر مكسوره..وأيدي باسطة أكفها بالدعاء له.. وأرواح ونفوس تمضي وتنهج نهجه...رحم الله شهيدنا ماجد أبو بدر.. وعصم الله قلوب أهله ومحبيه وقلبي المحروق بالصبر...