مما يؤكد حضور السعودية القوي واللافت في تفاصيل جريمة إغتيال الزعيم اليمني الخالد إبراهيم الحمدي وانغماسها فيها بل واضطلاعها وإشتراكها المباشر في جريمة دولية منظمة كهذه من مرحلة الإعداد والتخطيط واستقطاب المنفذين المحليين للجريمة وصولا إلى تحديد ساعة الصفر وكيفية ولحظة تنفيذ جريمة الإغتيال ‹ هو إيفاد الرياض في أعقاب تنفيذ جريمة اغتيال الحمدي التي تمت بصنعاء قبل 43 عاما وزير داخلية المملكة الأمير نائف بن عبد العزيز إلى صنعاء في زيارة خاطفة وقصيرة دامت ساعات ألتقى خلالها المبعوث السعودي المذكور رئيس سلطة الإنقلاب العسكري الدموي المقدم أحمد حسين الغشمي وعدد من معاونيه وحمل لسلطة الإنقلاب رسالة مفادها مباركة وتأييد السعودية لجريمة اغتيال الحمدي وإلتزامها بدعم سلطة الإنقلاب بصنعاء عسكريا وماليا وسياسيا . وقد أكدت زيارة وزير داخلية النظام السعودي لصنعاء في اليوم التالي لجريمة اغتيال الحمدي والتقائه بالغشمي الذي استقبله بحفاوة بالغة أن مملكة آل سعود لم تكن غائبة ولا بعيدة عن مسرح تلك الجريمة ولا مراء أيضا أنها كانت مشتركة في الجريمة إياها خطوة بخطوة وصاحبة اليد الطولى فيها كما أثبتت بعد ذلك عدد من الحقائق التي تكشفت للعيان بعد عهود ومراحل من التغييب والإخفاء والتمييع الممنهج من قبل منفذي الجريمة والمشاركين فيها إعدادا وتخطيطا وتنفيذا من الداخل والخارج .على أن اللافت هنا أنه بعد مرور وقت طويل على جريمة اغتيال الحمدي بصنعاء الذي يكتنفها الكثير من الغموض واللبس تبقى مع ذلك.الكثير من الألغاز المحيرة حولها وتظل كذلك الكثير من الأسئلة المتعلقة بتلك الجريمة التي لم تجد لها اجابة شافية ومقنعة حتى الآن ومن تلك.الأسئلة المثارة والمطروحة بقوة على سبيل المثال لا الحصر : لماذا لم يتم استدعاء اثنان من أبرز رجالات الغشمي قائد سلطة انقلاب يوم 11 أكتوبر 1977 م كانا حاضران في مسرح الجريمة وشاهدان عيان على حدوثها , الأول منهما هو العميد محمد يحي الحاوري الذي كان يعمل آنذاك سائقا خاصا لأحمد الغشمي وينتمي إلى قبيلته همدان وكان مقربا منه ومخزن اسراره وقد تولى الحاوري هذا بعد مقتل الغشمي عدد من المناصب العسكرية القيادية التي اسندت إليه في عهد علي عبدالله صالح وتم انتخابه عضوا في البرلمان ولا يزال عضوا فيه حتى اللحظة والحاوري هذا لو تم التحقيق معه اليوم رسميا والضغط عليه بشأن جريمة اغتيال الحمدي فعنده ما يفيد به خدمة للعدالة والتاريخ والحقيقة التي تظل أهم أجزائها مغيبة ومخفية في موضوع هام كموضوع اغتيال الحمدي الذي يعتبر اغتياله بمثابة اغتيال وطن وقتله على النحو الذي تم في حينه قتلا لحلم شعب وجد في قتل زعيمه المغدور به أو بمعنى آخر أكتشف فجأة أن أحلامه وأمانيه وتطلعاته المشروعة التي كان الحمدي قد شرع بتحقيق قسطا منها تداس بأقدام قتلته الغادرين وينهار مابدأ ببنائه الزعيم الحمدي على مرأى ومسمع منهم مما يضاعف شعور اليمنيين نتيجة ذلك ومعه بالقهر والغبن ويفقدهم الشعور بالطمأنينة والأمان في وطن استولى فيه حفنة من اللصوص وعملاء الخارج على مقاليد السلطة وتوسدوا أمور العباد !. أما الرجل الآخر الذي كان من رجالات الغشمي والمقربين منه فهو سكرتيره الخاص محمد يحي الآنسي الذي يقال أنه كان على علم بالجريمة والإعداد لها منذ وقت مبكر وكان من الحاضرين لحظة اغتيال الحمدي في المنزل الذي تم قتله فيه بحي الصافية بصنعاء ولو تم الضغط عليه والتحقيق معه لأفاد أيضا شأنه شأن الحاوري في موضوع كهذا خدمة للعدالة والتاريخ . ويعتبر الحاوري والآنسي آخر من بقى من رجالات الغشمي الأحياء وشهود العيان على جريمة اغتيال إبراهيم الحمدي. وقد أوردت تقارير متطابقة حول نفس القضية أسماء مشائخ ومسؤولين حكوميين كانوا حاضرين ومدعوين في مأدبة غداء اغتيال الحمدي بصنعاء ظهر يوم.الثلاثاء 11 - 10 - 1977 م بمنزل أحمد الغشمي دون أن تحدد وتبين طبيعة دورهم أو حتى علمهم بتفاصيل تنفيذ جريمة الإغتيال ومنهم شقيق الرئيس أحمد الغشمي قائد سلطة الإنقلاب محمد حسين الغشمي ورئيس الحكومة آنذاك عبد العزيز عبد الغني ووزير المالية الجنيد وثلاثة رجال من سنحان هم علي عبدالله صالح ومحمد حزام والكول ورجل الأعمال شائف عبد الحق وغيرهم إلى جانب الملحق السعودي بصنعاء آنذاك صالح الهديان.الذي يعد من أبرز الحاضرين أثناء تنفيذ جريمة قتل الحمدي وقيل أن الهديان هذا وجه للحمدي قبل لحظة اعدامه وقتله بالرصاص كلمات نابية وجارحة وأبدى شماتة برجل يساق إلى الموت غدرا على أيدي قاتليه في حين بدا وجه الغشمي حينها ممتقعا وعاجزا عن النطق !. بيد أن الأكيد الذي لامراء فيه أن جريمة اغتيال الزعيم اليمني الراحل إبراهيم الحمدي الذي خطى ببلاده خلال فترة حكمه القصيرة خطوات استقلالية واسترد حق اتخاذ القرار الوطني في دولة ذات سيادة مغضبا بذلك قوى اقليمية ودولية ما كانت جريمة اغتيال الرجل لتتم على النحو الذي ذكر وتم لو لم تشترك فيها أطراف دولية وإقليمية وأجهزة استخبارات غربية عالية الدقة والمستوى. وبعد 43 عاما على تلك الجريمة الدولية المنظمة يبقى الشعب اليمني الذي خسر الحمدي كزعيم وطني مخلص في حيرة وصدمة تتملكه من هول الجريمة ومن حقه في كل الأحوال أن يعرف حقيقة ماجرى وحدث بإعتباره المستهدف الأول بذلك وضحية المغامرين والعملاء والمتاجرين بقضاياه الوطنية بمختلف أسمائهم وصفاتهم وشعاراتهم ومزاعمهم التي يزعمونها ولا زالوا لها زاعمين ومنها : العمل على رفع مستواه وتحقيق تطلعات أبنائه في حياة حرة كريمة واخراج هذا الوطن المحشور في المضائق المظلمة إلى بر الأمان الذي طال انتظاره ولم يخرج ولن يخرج على أيدي من يعيثون على أرجاء السعيدة فاسدين مفسدين ويطغون في أرضها بغاة طغاة متسلطين وللخارج أتباع منقادين وأدوات له طيعين !..