عندما بدأت مرحلة إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة باتجاه الأراضي السعودية، كانت السعودية تتكتم على أي هجوم جوي من قبل اليمن سواء بالصواريخ الباليستية أو بالطائرات المسيرة، حيث كانت تنفي وقوع ذلك بشدة, بل كانت تتجاهل الأمر وكأن شيئاً لم يكن. ومع مرور الوقت تدرجت السعودية من مرحلة النفي إلى وصف الصاروخ الباليستي اليمني بما كانت تطلق عليه اسم المقذوف الحوثي، كنوع من تقليل شأن الحدث وكأنه لا يليق بالمملكة الكبرى أن تجهر بالصراخ من دولة فقيرة ومنهكة كاليمن، فضلاً من حركة سياسية صاعدة. اليوم ونحن في السنة السادسة للحرب، انقلبت مجريات الأمور رأساً على عقب، حيث تصرخ السعودية بأعلى صوتها وعلى رؤوس الأشهاد ومافتئت تبعث برسائل تترى إلى الأممالمتحدة ومجلس الأمن، وتشكو من الصواريخ الباليستية والطائرات اليمنية المسيرة، والتي يتم إطلاقها بشكل شبه يومي. فسبحان الله مغير الأحوال ومقدر الأشياء كلها. كانوا يظنون بأنهم سيخوضون معركة هجومية آمنة دون أدنى رد فعل، لكن الله خيب ظنهم وأركسهم واستحالوا من مهاجمين إلى مدافعين ثم إلى عاجزين حتى عن الدفاع عن حدودهم ومنشآتهم. لقد أرادوها نزهة قتالية مصحوبة بالغطرسة والاستعلاء وأراد الله لهم الفشل والعجز والذل والهوان وقذف في قلوبهم الرعب. أرادوها حرباً غير متكافئة وأراد الله صموداً غير متوقع. أرادوها هزيمة ساحقة وأراد الله نصراً مبيناً. أرادوها حربا خاطفة ومعارك سريعة وأراد الله أن يستنزف قدراتهم ومقدراتهم وأموالهم التي ينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون. أرادوا تدمير مخزون اليمن من الصواريخ الباليستية وأراد الله أن تكون اليمن قادرة على صناعة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة. أرادوا تفوقا جويا وشاء الله أن تعجز قدراتهم الجوية أمام طائرة مسيرة محلية الصنع. أرادوا حصارا مطبقا على البلاد والعباد وأرسل الله إلينا بركات من السماء والأرض فهطلت الأمطار الغزيرة واتجه الناس نحو الزراعة وتضافرت الجهود الرسمية والشعبية لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي. أرادوا أن يحشدوا القوى العربية والدولية ضد اليمن وأراد الله لهم الخذلان والانحسار والتلاشي.. أرادوا تقسيم اليمن وتجزئته وأراد الله لهم التفرق والانقسام والخلافات العميقة فيما بينهم. أرادوا عاصفة الحزم وأراد الله أن يعصف بعاصفتهم وأن تعود الحزم "مركز محافظة الجوف" وغيرها من المدن المحتلة إلى حضن الوطن. أرادوا صنعاء وصعدة وأراد الله الجوف والبيضاء ومأرب عن قريب. أرادوها معارك متعددة ذات خطط حربية محكمة وأرادها الله معادلة ربانية حقيقية "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" صدق الله العظيم.