(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ{ هذه قضية هامة، قضية مؤكد عليها في القرآن الكريم بشكل كبير: أن يكون الناس كلما يدخلون في صراع أن يدخلوا فيه على أساس هدي الله، وليكن في سبيله، على الطريقة التي رسمها، ومن أجله، وله. هذه قضية هامة حتى فيما يتعلق بالدفاع عن الأوطان، تحدثنا سابقاً عنها: أنها قضية يجب أن تكون هي القضية الرئيسية عندك حتى وأنت تدافع عن بيتك، أن القضية الأساسية أن يكون الناس مقاتلين في سبيل الله، إذا كانوا في سبيل الله، يكون تحرير أوطانهم قضية ثانوية، أي: تتحقق تلقائياً، تتحقق تلقائياً صيانة أعراضهم، صيانة ممتلكاتهم تحقق تلقائياً، لكن متى ما عكسوا المسألة: يقاتل من أجل الوطن، بالعبارة هذه، وهو المنطق الذي استمر عليه العرب فترة طويلة، ترسيخ الوطنية، والقومية، والعناوين هذه، في الأخير خسروا فعلاً، ما حققت لهم شيئاً، ولا استطاعوا أن يحققوا شيئاً في مواجهة العدو بهذه العناوين [لن نسمح بأن يحتل، سنعمل على أن نحرر كل شبر في الأرض المحتلة]. }وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{ (البقرة:244). لاحظ كم تكرر في سورة واحدة موضوع القتال في سبيل الله لأنها قضية هامة جداً، ثم التأكيد على أن يكون }فِي سَبِيلِ اللَّهِ{ في سبيل الله هذه قضية يجب أن يكون الناس متأكدين منها، أن تكون نواياهم كلها وهم ينطلقون، أنه في سبيل الله، ومعنى في سبيل الله: أن يكون توجهك أنه لله، واستجابة لله، وفي سبيله، في نفس الطريق التي رسمها لأن تقاتل فيها، نفس الطريق التي رسمها أن تسير عليها وأنت تقاتل هي تعني: الموضوعين، هذه قضية هامة.. بعد أن قال: }وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ{ (البقرة: من الآية244). ضرب لنا مثلاً رائعاً من بني إسرائيل }أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ{ (البقرة: من الآية246). من يأتي لاحتلال أرضك يجب أن تتوجه لقتاله في سبيل الله، وأن تتوجه في سبيل الله أي: ارفع بنيتك، وارفع برأسك إلى الله لا تنزل تحت تقول: [من أجل الوطن، من أجل تربة الوطن] هذه نكسة، هذه النكسة خطيرة، انتكس العرب عندما نكسوا نواياهم [منزل]، فالإنسان يرفع بنيته إلى الله، يرفع بمقصده إلى الله، ويتوجه إلى الله ليرفعه . إذاً هذه القصة تبين لنا أهمية }وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه{ (البقرة: من الآية190). أعني: لا يستجيب الإنسان لأي عناوين أخرى نهائياً، أترك الآخرين يتفاعلون كيفما يتفاعلون، وترى عروضاً عسكرية من أجل الوطن، ويقبل بعضهم الوطن، أليس بعضهم يقبل الوطن؟ هذه ما منها شيء. كيف يمكن أن الله يقف معك، ويعينك، وأنت تؤثر التربة عليه! لا يصح هذا. أما هذا القتال في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله، هو في الأخير هو خير لكم، الخير أليس من الخير صيانة الأوطان والأعراض، والأموال، والممتلكات؟ أليست من الخير الذي يريده الناس؟ ألم تحقق هنا لبني إسرائيل؟ وتحقق لهم ملك عظيم؟