أحيى الفلسطينيون ذكرى مرور عامين على وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمار). وفي مدينة رام الله نُظم مهرجان تأبيني وشارك به الرئيس محمود عباس (أبو مازن) بخطاب شامل كشف فيه عن التوصل إلى إتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وتحدث لأول مرة عن فشل التحقيقات في التوصل إلى السبب الذي أدى لوفاة عرفات. وشهدت المدن الفلسطينية كافة مهرجانات تأبين للرئيس الراحل ياسر عرفات. وفي مدينة رام الله أيضا سيتم وضع أكاليل من الزهور على قبر الراحل عرفات. وحظي الرئيس عرفات بشعبية كبيرة جدا في أوساط الفلسطينيين. وتميز بقدراته العالية على كسب حب الشعب الفلسطيني. ولا زال حتى الآن سر موت عرفات مجهولا بعدما لم تظهر التحقيقات الطبية أية نتائج ملموسة. وبالرغم من ذلك إلا أن هناك توجهات لدى الكثيرين من الفلسطينيين وعدد من المسؤولين بأن عرفات مات مسموما. وفشل الأطباء في مستشفى بيرسي العسكري في فرنسا في إنقاذ حياة عرفات. وكان الرئيس الفلسطيني الراحل قد تعرض لعدة محاولات اغتيال خلال قيادته لحركة فتح التي شكلها عام 1965. وقال الكاتب الفلسطينيإبراهيم الحمامي أن إحياء ذكرى عرفات تكون بالكشف عن سبب وفاته وقال:"دون إطالة أقول للمتباكين اليوم على من اعتبروه يوماً رئيساً ورمزاً وزعيماً، وإلى من خرجوا ليهتفوا قبل اسابيع: "أبو عمار يا أبونا من بعدك جوعونا"، وإلى من يذرفون الدموع اليوم، لهؤلاء جميعاً أقول أن الوفاء لعرفات لا يكون إلا بكشف الحقيقة وملابسات اغتياله، والوفاء هو بالاقتصاص من قتلته، وهو الذي لا يتأتى إلا بفتح تحقيق رسمي مستقل حول الجريمة، وهذا ما قلته قبل عام في بحثي المتواضع أقتبسه من جديد". وأضاف"حكام المقاطعة الجدد، وكل رموز السلطة هم في قفص الإتهام، والإتهامات والدلائل ضدهم قوية، ولن ينقذهم سوى فتح تحقيق حقيقي وجدي ورسمي، والأهم محايد، وبمشاركة من يوثق بأخلاقهم وضمائرهم، وللتحقيق على كل المسارات السياسية والجنائية والمالية، وحتى الإنسانية". واضاف قائلا:" وتابع:"إن من ينظر إلى صور عرفات خلال السنوات الأخيرة والمرفقة مع هذا البحث، لا يستطيع إلا أن يقف وقفة حساب ومراجعة، فهاهو الرجل الذي كان يحكم ويرسم، ويمسك بزمام الأمور بقيضة من حديد يضعف وتخور قواه، ويرحل عن الدنيا دون أن ينصفه رفاق الأمس، حكّام اليوم، ليدفنوه ويدفنوا سرّه معه، فهل يتعظ هؤلاء من التاريخ، أم أنهم أمنوا مكر الله؟ لينظروا في الصور ويقرروا، فدوام الحال من المحال، وكلنا إلى زوال". وأضاف:" هذا نداء لكل مخلص شريف، سواء اتفق مع عرفات أو اختلف، كان معه أو عليه، أحبه أم لم يحبه، أن يطالب بإنصاف التاريخ والحق والعدل، ومعاقبة الجاني أو الجناة، وأن لا نكتفي بكتابة البكائيات والمرثيات، وهو ما لمسناه خلال الأسبوع المنصرم، حيث كثرت الكلام والتأبين دون الدخول في لب القضية الجريمة، ولنتذكر جميعاً نظرات الخوف والتوسل في عيون عرفات المغدور وهو يُدفع داخل الطائرة، كمن يستنجد بشعبه ممن حوله، هذه النظرات الحائرة التائهة التي كانت آخر عهد الناس به، وآخر عهده بالناس". وأوضح أن:"الوفاء ليس بالأشعار والرثاء، ولا بالدموع والبكاء، ولا بأضرحة الأولياء، كما يحاول حكام المقاطعة الجدد الإيحاء، بل بكشف المستور، وإحقاق الحق، ومعاقبة المسؤولين المتورطين في جريمة إغتيال ياسر عرفات، وما دون ذلك هو الرياء" وخصص رؤساء تحرير الصحف الفلسطيني مقالاتهم اليومية للحديث عن الرئيس ياسر عرفات. ويقول رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة حافظ البرغوثي:" في ذكرى الرئيس الراحل يفتقد شعبنا الأب الذي ظل لعقود ربا للأسرة الفلسطينية، فما من بيت خلا من صورة مع احد ابناء البيت وما من مواطن طرق بابه طالبا حلا لمشكلة الا ووجد ضالته وخرج راضيا، حتى في اشد لحظات مرضه كان يؤكد لمن حوله ضرورة توفير لقمة العيش للمواطن".وأضاف:"قيل عنه الكثير حيا . انتقده الكثيرون عن حب ورجمه آخرون عن حسد وحقد واتهموه بالتفريط وبيع الأرض والدم، لكنه رحل لأنه لم يفرط ولم يبع.. ظلموه اكثر من عدوه .. ولم يقس على احد بل كان يعرف المزاوجة بين السياسة والشعور الانساني .. كان محاصرا يحاصر محاصريه .. وجائعا يشبع شعبه ومهددا يحمي ابناءه وظل حتى آخر رمق ممسكا بخيوط اللعبة الدولية ومؤثرا فيها". ويؤكد البرغوثي على أن عرفات كان الرقم الصعب في مسلسل الديجيتال السهل المحيط في المنطقة . وتابع يقول:" وهو الذي كرس نفسه لقضيته منذ صباه حتى استشهاده .. فسلام عليك ايها الرجل الأخير .. الذي قرن نفسه بقضيته المقدسة .. واقترنت به حتى بات رمزا لها وباتت رمزا له.. وتداخل الرمزان لدرجة التوحد .. وعندما رحل لم يتبن احد من بعده مشروعه الوطني .. كأنما رحل المشروع معه .. ولهذا يشعر المواطن باليتم من بعده، لأن القضية أكبر من الجميع .. وبعضنا صار يحسب نفسه أكبر من القضية" وتقول صحيفة الايام الفلسطينية:" إن القادة العظام، أيها الراحل العظيم، هم مصيبة عامّة، في حياتهم كما في مماتهم. ولقد كنت أنت يا عرفات قدرنا، قدر شعبك، وما كان لنا في حياتك كما في مماتك أن ننجو من هذا القدر، المعنى الكامن في بطولتك. وها نحن، بعد سنتين من رحيلك، نتعرّف على أثر هذا المعنى الكامن في مأساة صراعك، صراعك القدري حتى الموت، كما صراعنا الأبديّ إلى ما لا نهاية، وحتى الموت. فإما نحن وإما هم. هكذا كان المآل النهائي لموتك".وتوضح الصحيفة في مقال حسين حجازي :"هل أخذتنا إلى هذه المخاطرة، في الطريق التي طالما تحدثت عنها، طريق الآلام، غير المفروشة بالورود، كما في الذهاب إلى الجلجلة، كأنك أبصرت بأنه ما كان لك، أو لأحد أن يبلغ قمّة الإفرست، سور الصين العظيم كذلك، دون أن يتصدّى في حياته للمستحيل، وأن يعمل على قهر هذا المستحيل".ويمضي الكاتب قائلا:"تُرى بماذا فكّرت أيها المحرّض العظيم على التضحية، حتى بعد أن لم يعد بعد موتك، من يستطيع إلهام الشعب بنفحة حتى من روحك المستسلمة تحت التراب؟ ولا تقول: حتى من يستطيع أن يلبس كوفيتك؟ هل استسلمت حقاً ليقين من كانوا آباءَ مثلك، على وشك أن يخرجوا من الدنيا، وقد خشوا أن ينحرف الأعقاب عن عقائدهم من بعدهم، بأنه ما كان للسلام أن يوجد على الأرض حقاً، ولكن في المقابر، في المقابر فقط، وإنك قد أوفيت عهدك، وأبررت بقسمك"ويتابع:"فنحن قاتلوك الحقيقيون، لأن أبوّتك الثقيلة كانت ربما أكثر مما تحتمله نزواتنا الطائشة، حلمنا بانتزاع سطوتك، ولا نقول قوتك، لأن السطوة فعلاً أكثر خبثاً واحتيالاً من القوة. وقد بدا لنا أن تاريخك قد انقضى. أقصد الصلاحية التي تحددها الشركات الرأسمالية الحديثة على بضاعتها، إلى جانب الماركة المسجّلة، والشيفرة الرقمية. وقد كان ثمّة حلم، ربما حلم أسود، بأن التخلص منك، هو أمر لا مفرّ منه، من أجل أن تحرّر أريحا، تماماً كما تخلّص اليهود من موسى، فكلاكما أب صعب المراس، ثقيل الوطأة".