وفي 6 تموز يوليو 1881م قدمت الحكومة الخديوية مذكرة احتجاج إلى حكومة روما ضد شركة (روباتينو) التي كانت قد استولت على عصب فيما سبق وأشارت المذكرة إلى حقوق السيادة المصرية على ساحل البحر الأحمر برمته بما في ذلك خليج عدن ولكن إيطاليا أرادت أن تنفي وجود سيادة مصرية على تلك المنطقة التي أحتلتها بواسطة شركة روباتينو الملاحية . فأرسلت تعليمات إلى مقيمها في عصب ( ليأخذ قراراَ من الشيخ برهان بن محمد سلطان راحيتا , ويعترف فيه صراحة بعدم خضوعه للخديوية المصرية . وفي آب أغسطس 1881ام كتب الشيخ برهان للقنصل الإيطالي (برانكي ) قراراً جاء فيه " إنه السلطان برهان بن محمد يوقع ويعلن أنه لم يحدث في عهد أبيه أوفي عهد أسلافه سلاطين راحيتا كما لم يحدث لا على يده أو على أيدي رعاياه أي عمل ينم عن الخضوع لمصر كما أن الراية المصرية لم ترفرف على ارض راحيتا أبداً ولم يكن للخديوي أية حقوق على بلاده وعلى بلاد اسلافه . وطبيعي أن هذه المحاولة الإيطالية الساذجة تتعارض مع الحقائق التاريخية الثابتة المستمدة من الوثائق وهذا يعني أن إيطاليا أفصحت عن نواياها الملتوية علناً تجاه حقوق مصر في السيادة على الساحل الغربي للبحر الأحمر لاسيما وأن بريطانيا نفسها قد غيرت سياستها تجاه مصر والدولة العثمانية نفسها , وبالتالي لم يكن هناك ما يعيق إيطاليا أو يقف عقبة في طريق أهدافها في المنطقة . هذا ولقد قامت مصر في أواخر آب أغسطس من نفس العام بإرسال حامية من الجنود المصريين إلى راحيتا ولكن السفينة الحربية الإيطالية ( فيرا موسكا ) منعت الجنود المصريين من النزول في راحيتا وعندما علمت الحكومة الإيطالية بأمر الحامية المصرية شددت أوامرها إلى السفن الحربية الإيطالية بمنع نزول المصريين في أي مكان من راحيتا , وبررت إيطاليا هذا التصرف على لسان سفيرها في لندن في3 أيلول سبتمبر 1881م : إن المصريين إنما يريدون إحداث الشغب في ناحية عصب بإرسال قواتهم إلى راحيتا, واصبحت هذه الحجة الإيطالية الواهية مبرراً لبريطانيا للتخلي عن سياستها المعادية للتوسع الإيطالي وظهر هذا التخلي عندما لم تجب بريطانيا على طلب مصر بإرسال مدرعة حربية إلى المنطقة , ومساعدة الجنود المصريين في النزول إلى البر, وكان تخلي بريطانيا هذا عاملاً مشجعاً لتمادي إيطاليا ولغرض خداع مصر اتفقت إيطاليا في 15فبراير 1882م على إصدار تصريح يعلن فيه أن إيطاليا : تعترف بسيادة الدولة العثمانية والحكومة الخديوية على ما تبقى من سواحل البحر الأحمر وشمال عصب , وعليه وبما أن الحكومة كانت قد التزمت بتعهدات سابقة لسلطان راحيتا تتعلق بتذليل أية صعوبات قد يلاقيها بخصوص عصب لذلك من المأمول من الباب العالي والحكومة المصرية أن ينظر إلى مركزه بعين الاعتبار ويسعيا في حفظه وإبقائه على ما هو عليه بشرط ألا يتنازل الى حد ما عن أجزاء أخرى من بلاده وتتعهد الحكومة الإيطالية من جهة أخرى بعد م السعي في توسيع نطاق عصب عن حدودها الحالية , ويبدو أن إيطاليا أرادت أن تحقق عدة أغراض من هذا الإعلان أبرزها تثبيت الكيان الإيطالي في عصب , وجس نبض السلطان العثماني , وخديوي مصر فقبولهما الإعلان معناه اعترافهما باستقلال سلطان راحيتا , وهذا يفسح المجال لإيطاليا باتخاذ هذا الاعتراف كسابقة لقضايا مماثلة.