وفي مقابل الاستهداف الممنهج والهجمة الشرسة, الذي تعرض لها اليمن عبر التاريخ من قبل الغزاة والمحتلين على اختلاف أجناسهم وأهدافهم ودياناتهم, كان من البد على أبنائه أن يكونوا على مستوى وقدر المسؤولية والواجب الوطني ازاء ذلك, وأن ينفروا خفافاً, ثقالاً, ويشكلوا سداً منيعاً أمام أطماع الطامعين بخيرات بلادهم, ولا يدعونها لقمة سائغة للأعداء, ولا يتجمجمون أو يتقاعسون عن واجب الدفاع عن العرض والمال والسيادة والحرية والاستقلال والكرامة, ويضحون من أجل هذه القيم السامية بكل غالٍ ونفيس. وقد أكد أبناء اليمن على الدوام أنهم عصيون على الخنوع والإخضاع والتطويع, وأثبتوا لأعدائهم أنهم أهل نجدة وأنفة وكبرياء وإباء, ولم يقبلوا بالخضوع للغزاة والمحتلين وينامون على ضيم. وكانوا ولا يزالون يختارون لأنفسهم ما يختاره الرجال الأحرار, الأعزاء, ولا يرضون بما يدنس أعراضهم ويهينهم ويشينهم ويجعلهم يحيون أذلاء خانعين, حتى ولو كلفهم ذلك حياتهم, بل إنهم خلاف أهل الأرض جميعا لا يقبلون قط الدنية في دينهم ودنياهم.. وشعب عظيم, أبي, كريم, هذه بعض أوصافه وسجاياه, وخياراته ومبادئه وأخلاقه يعتبر شعب جدير بالاحترام والإكبار والتقدير, وخليق به أن يبجل ويعيش عزيزا كريما, حرا, وسيدا على أرضه. باختصار إنه شعب يستحق أن يحيا الحياة الكريمة التي يستحقها, لاسيما وقد آيس أعدائه الأولين منهم والأخرين ممن قدموا وجاءوا من خلف الحدود لغزو واحتلال أرضه وقهره وإخضاعه وإذلاله, من أن ينالوا منه بسهولة وعجزوا عن تحقيق استهدافهم له بشتى الوسائل والطرق, وإن كانوا قد جلبوا له مع ذلك الخسران المبين وأوجعوه غير مرة بضرباتهم القاتلة وتسببوا له بالكثير من الكوارث والمآسي التي لا يمكن تجاهلها وإغفالها بالمرة, إلا أنه برغم كل هذا ومعه شعب عظيم وقوي تجده سرعان ما ينهض ويقف على قدميه من بين أنقاض الخرائب والعمران المدمر على أيدي الأعداء, وكأن شيء لم يحدث!. إننا أمام شعب جبار, عصي على كل محاولات الطمس والخنوع والإخضاع والإذلال والتركيع, ومثله ليس بالهين ولا بالقليل ولا بالسهل ولا يمكن أن يقبل بأن ينقاد هينا ذليلا لأي غاز أو محتل أو دخيل يقتحم عليه حياته بما لا يقبل ولا يرضى ولا يليق به. والشعب الذي أفشل محاولات الرومان والأحباش والفرس قديما لتركيعه وجعله أداة طيعة ومنقادا ذليلا لهم كعبد آبق, هو نفسه الشعب اليمني الذي يقف اليوم بكل إباء وثبات وشموخ وصمود وشجاعة واستبسال وفدائية وبطولة قل أن تجد مثلها في مواجهة تحالف دول العدوان التي تشارك دول تسمي نفسها عظمى, متصديا لهم وقد جاءوا لإحتلال أرضه وفرض الهيمنة والوصاية عليه وإدخاله مجبرا في بيت طاعتهم. وعلى مدى الست السنوات الماضية استخدموا كل مالديهم من وسائل وإمكانيات عسكرية حديثة فتاكة في حربهم المستمرة عليه, وما نالوا من كبريائه وعظمة شأنه وما يعنيه شيئا, وعجزوا كما أخفقوا تماما عن تحقق مآربهم الخبيثة والدنيئة من. خلال العدوان والحرب الظالمة عليه التي حشدوا لها مرتزقة الأرض من الشرق والغرب, ولم يفلحوا بهم ولن يفلحوا . إنه الشعب اليمني البطل الذي يأبى الحياة خانعا ذليلا, تابعا, ويفضل أبنائه على ذلك الموت ولا يبالوا به أبدا, وهو ذاته الشعب الذي يؤمن إيمانا راسخا لا يتزعزع بأنه خلق ليعيش حرا لا عبدا لأحد, ويكون سيدا عزيزا على أرضه لا يتبع طاغ أو غازي محتل أو يكون ضمن قائمة ممتلكات هذا أو ذاك . لقد أنفقت مملكة آل سعود الشريرة منذ بدء حربها وعدوانها على اليمن في 26 مارس 2015م, وحتى اليوم ما يقارب ال800 مليار دولار, أو أكثر أو أقل من هذا المبلغ, واستعانت في حربها وعدوانها الغاشم هذا بمرتزقة العالم وعلى رأسهم أمريكا, ومع ذلك لم تدرك غايتها, ولن تدركها سواء على المدى القريب. أو البعيد, لماذا؟!. لا لشيء قد يستعصي فهمه واستيعابه, بل لأنها تقف عاجزة أمام شعب جبار عظيم عنيد, قوي,شديد العزم والبأس والإصرار, عصي عن التطويع والتركيع, يفضل الموت ولا تنحني هاماته ورؤوس أحراره وأباته لأقزام الأرض من حثالة البشر. وما كان الشعب اليمني الأسمى بكل معانيه, الذي أنجب التبباعة العظام ممن ملكوا الأرض مشرقها ومغربها, ودانت لهم الدنيا, ليهن وهو الأعلى والأعظم بكل شأن له, وسيظل كذلك ما بقيت السماوات والأرض, ولا يعني ارتباط بعض أبنائه الخونة وتبعيتهم لأسيادهم للخارج, أنه قد يمكن النيل من كبريائه وإبائه, وإرغامه على ما يعافه ولا يقبل به بأية حال من الأحوال, وعلى الأعداء أن يعوا جيدا ويفهموا هذه النقطة بالذات. والشعب اليمني الذي خلق ووجد على هذه الأرض التي أنجبته أبيا شجاعا بطلا, كان وسيظل قوي الشكيمة, شديد الاعتزاز بذاته ونفسه, شعب جسور محارب لا خوف عليه من كل غاز ومحتل تسول له نفسه أن يمسه بضر أو سوء, وإذا فكر غاز مغامر بأن يحتل أرضه يوما فإنها ستكون له مقبرة, كما كانت لمن سبقوه من الغزاة, والأكيد الأكيد هنا أن اليمن كانت وستظل البلد والأرض التي وصفت بأنها (مقبرة الغزاة) ولن تكون على الدوام غير ذلك والعزة والمجد والظفر لشعبها العزيز المجيد!. ....... يتبع .......