وبالرجوع إلى موضوع العدوان والحرب الحالية التي تُشن على اليمن منذ سبع سنوات ولا تزال مُستمرة حتى اليوم من قبل أطراف عربية وإقليمية ودولية بقيادة وتمويل مملكة آل سعود وشريكاتها في هذه الجريمة من إمارات ومشيخات النفط الخليجية الأخرى , فسنجد أن أسباب هذه الحرب العدوانية اقتصادية ونفطية بإمتياز. بل إن هذه الحرب ترتبط وبشكل مُباشر بأجندات ومصالح وحسابات الدول المُشاركة فيها , ولا يمكن أن تخرج عن هذا التصنيف والتمحور والإطار , كما تفيد وتُؤكد ذلك تقارير غربية وتصريحات لمسؤولين كبار تشارك بلدانهم في الحرب الحالية على اليمن سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة..وعلى صلة بما سبق ذكره ضمن السياق تحدث وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري بإسهاب وشفافية في حوار مفصل مع صحيفة فرنسية نشرته في العام 2019م حول الحرب على اليمن وطبيعة الصراع الذي يشهده هذا البلد العربي المُضطرب. وكشف كيري كسياسي ومُراقب للشأن اليمني النقاب عن حقيقة مايدور في الأروقة حول حرب اليمن الحالية , والتدخلات الإقليمية والدولية في هذا الملف الشائك والشأن شديد التعقيد. والحرج والخطورة. وقال كيري : " سأقولها بصراحة , وقد رددها الرئيس دونالد ترمب مراراً إن حرب اليمن نفطي يخص الخليج وإيران والروس بدرجة أولى في ظل تنامي وسائل الطاقة المُتجددة التي أضعفت الطلب على النفط , وكذلك بروز مخاوف اقتصادية وسياسية خليجية إذا تم رفع اليد عن اليمن " . وفيما يتعلق بمخاوف دول الخليج النفطية والاقتصادية لاسيما واليمن يعيش حالياً في الحضيض ويمرُ بأسوأ أزمة في العالم , من انهيار. هذا البلد الكلي والذي يعتبر بالنسبة لتلك الدول بمثابة ( الحزام الأمني ) قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري :" نعم دول الخليج تعي كثيراً أهمية حزامها الأمني ( المتمثل باليمن) ولكن لاتريد نهضتها عبر قوى يمنية فعالة ".. وأوضح إن من مصلحة دول الخليج أن تظل اليمن في وضع اللا دولة نظراً لإمتلاكها مقومات كثيرة للنهوض أكبر مما يمكن تصوره على الإطلاق .. وقال كيري :" اليمن البلد الفقير , حسب مراكز الدراسات والإكتشافات الجوفية تحتوي 47 بالمائة من احتياطي ثروات العالم , أهمها النفط والغاز , منها 13 بالمائة في الجنوب , و34 بالمائة بالشمال " .. وأضاف وزير الخارجية الأمريكي السابق :" في الجنوب تمثل شبوةوحضرموت 13 بالمائة , ومثلث مأرب , الجوف , والربع الخالي 18 بالمائة , والساحل الغربي وتعز من ميدي إلى باب المندب 16 بالمائة ".. وأشار كيري إلى أن وصول قوة يمنية لها برنامج بناء دولة يمثل خطراً على مُصدري النفط الذي يمثل عصب الحياة في دول الخليج وروسيا وإيران . ولفت إلى امتلاك اليمن 70 بالمائة من احتياطي الذهب على مستوى العالم , 30 بالمائة منه يوجد في حضرموتبجنوب البلاد و40 بالمائة في شمال اليمن بمناطق حجة وعمران وشرعب بتعز .. وذكر المسؤول الأمريكي في تصريحاته , إن نهوض اليمن يعني انهيار ممالك الخليج , حيث أن موانئ اليمن تهدد موانئ الإمارات , وأن تنمية الأراضي اليمنية بشمال الشمال تمثل مخاوف للسعودية . وبحسب وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري , وتقارير استخباراتية غربية مُتطابقة مع تصريحاته بشأن اليمن , فإنهُ يوجد أطراف ولاعبين دوليين طامعين بثروة هذا البلد الهائلة والضخمة وربما تبديدها . وقال كيري :" هناك لاعبين دوليين ينتظرون لمن ستكون الغلبة في حرب اليمن , فهنالك الصين وخط الحرير وروسيا وشركات نفطية غربية كبرى وفرنسا وإيطاليا , يتنافس هؤلاء وغيرهم على تنقيب النفط والغاز ومعادن الذهب" .. وحول موقف بلاده من كل ذلك يقول كيري :" وأمريكا تعتبر شمال اليمن والسعودية منطقة نفوذ خالصة لها وخط أحمر وكذلك بريطانيا التي تعتبر الجنوب حضيرتها مثلها مثل الأمارات وسلطنة عمان والهند وإسرائيل وغيرها ". وفيما يتعلق بفشل واخفاق اليمن في إقامة دولة مؤسسات وتعذر نهوضه حتى الآن مُقارنة بدول الخليج , يشير الدبلوماسي الأمريكي مُوضحاً هذه النقطة بقوله :" سأقولها بصراحة , هناك أسباب أهمها أن دول العالم الثالث مُغلقة بوصاية قوى الإستبداد , والديموقراطية في اليمن أبتلعتها دول الخليج كمن يشرب السم ممزوجاً بالعسل ويعجز عن أن يتقيئه فقط وينتظر في نفس الوقت وفاته في أي وقت". وحول اخفاق حكام اليمن حتى الآن في استخراج النفط الذي مازال في أضيق الحدود يقول رجل الخارجية الأمريكية الأول سابقاً :" تمنعهم الوصاية الخارجية , فاليمن نشأت من لادولة بعد سقوط العثمانيين ورحيل بريطانيا التي كانت تحتل جنوباليمن " .. مشيرا إلى أن الأمام يحي حميد الدين كان يعتزم القيام بالتنقيب عن النفط , فكانت الحرب اليمنية _ السعودية في عام 1934م , والتي أنتهت بتوقيع اتفاق الطائف بين البلدين الذي نص على عدم استخراج اليمن أي من الثروات النفطية وغير النفطية على أن تتكفل السعودية بدعم اليمن إقتصادياً , بحيث يكون الريال اليمني يقابل الريال السعودي بالقيمة , ولا يقل شأن المواطن اليمني الذي يعيش بالمملكة عن نظيره السعودي في الكثير من الحقوق والإمتيازات , ولهُ نفس الصلاحيات , وكذلك قبول اليمن بموجب اتفاق الطائف بتأجير أراضيه التي أحتلتها السعودية للمملكة, وهي نجران وجيزان وعسير. لمدة عشرين عاماً قادمة قابلة للتجديد , وغيرها من البنود التي أجحفت بحق الجانب اليمني " . .... يتبع....