أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، في حين فشل مجلسا الأمن الدولي، والسلم والأمن الأفريقي، في التوصل إلى اتفاق بشأن الموقف مما جرى بالسودان، وسط تباين في المواقف بالداخل السوداني من الإجراءات التي اتخذها المكون العسكري. وقالت الخارجية الأميركية إن بلينكن تحدث -في اتصال هاتفي مع حمدوك- ورحب بإطلاق سراحه، وجدد المطالبة بإطلاق بقية المعتقلين. وأضافت أن الوزير أعرب عن قلقه العميق إزاء استمرار استيلاء الجيش على السلطة في السودان، وكرر ضرورة ضبط النفس وتجنب العنف في الرد على المتظاهرين، مشيرا إلى الدعوات الدولية المتزايدة لإدانة ما وصفه بالاستيلاء العسكري على السلطة في هذا البلد، مجددا تأييده لمطالب السودانيين بالقيادة المدنية والديمقراطية والسلام. من جهته، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن بلاده على اتصال وثيق مع القادة الإقليميين، بما في ذلك دول الخليج، من أجل التنسيق وإيصال رسالة واضحة للجيش السوداني بضرورة وقف أي عنف ضد المدنيين، وإطلاقِ سراح السياسيين المعتقلين، والعودةِ إلى المسار الديمقراطي. وضع محفوف بالمخاطر وعلى المستوى الأوروبي، قالت الخارجية الألمانية في بيان إن ما وصفته بالانقلاب العسكري في السودان تطور كارثي يضع البلاد في وضع محفوف بالمخاطر. وأضاف البيان الألماني أن الإجراءات التي أعلنها الفريق أول عبد الفتاح البرهان تجعل مستقبل السودان الديمقراطي والسلمي موضع تساؤل. وقال وزير الخارجية هايكو ماس إنه يجب عدم السماح للبرهان وأنصاره بعرقلة طريق الديمقراطية. من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد يمكن أن يعلق مساعدته المالية للسودان بعد الانقلاب، إذا لم يعد الوضع فورا إلى ما كان عليه. وأضاف بوريل أن ما حدث محاولة لتقويض الانتقال نحو الديمقراطية في السودان، وأنه غير مقبول. مجلس الأمن.. لا اتفاق واختتم مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات مغلقة، أمس الثلاثاء، بشأن التطورات في السودان، دون التوصل إلى اتفاق على موقف موحد. وقال ديمتري بوليانسكي نائب المندوب الروسي بمجلس الأمن إنه يتعين على المجلس الإعراب عن رفضه للعنف من جميع الأطراف في السودان. وامتنع بوليانسكي عن وصف ما حدث في السودان بأنه انقلاب، قائلا إن الانقلاب له تعريف محدد، وإن مثل هذه التطورات توجد في العديد من الدول وأجزاء كثيرة من العالم ولا توصف بأنها انقلاب، وإن الأمر متروك للسودانيين ليقرروا ما إذا كان ذلك انقلابا أم لا. انقسام بمجلس السلم الأفريقي كما رُفعت جلسة عقدها مجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن السودان دون التوصل إلى اتفاق، وتَقرر أن تُستكمل في وقت لاحق من بعد ظهر اليوم. وذكرت مصادر اعلامية أن الجلسة شهدت تباينا في المواقف بين مؤيدين لتعليق عضوية السودان، ومطالبين بمزيد من التشاور والتواصل مع السلطة الجديدة بالخرطوم. ويطالب الطرف الأول بتعليق العضوية لأنه يعتبر ما حدث في السودان انقلابا يخرِق مواثيق الاتحاد الأفريقي، وبالتالي يجب تعليق العضوية فورا وفرضُ العقوبات وعدم التعامل مع منفذيه، ومطالبةُ المجتمع الدولي بعزل النظام في السودان. أما الطرف الثاني فيقول إنه من الضروري التواصلُ والحوار، والاستماع إلى الجانب السوداني قبل اتخاذ أي قرار. وباء الانقلابات وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا القوى الدولية الكبرى إلى التحلي بالوحدة، في ردع ما وصفه بوباء الانقلابات التي تحدث في أفريقيا وأماكن أخرى حول العالم. وأضاف: نشهد الآن تضاعف الانقلابات، لدينا انقسامات جيوسياسية قوية، ومجلس الأمن يواجه الكثير من الصعوبات في اتخاذ تدابير قوية، وهناك تأثير مشاكل كوفيد-19 والصعوبات التي تواجهها العديد من البلدان من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. واعتبر غوتيريش أن هذه العوامل الثلاثة تصنع بيئة يشعر فيها بعض القادة العسكريين بأنهم يتمتعون بالإفلات التام من العقاب، وأن بإمكانهم فعل ما يريدون. ودعا القوى الكبرى -على وجه الخصوص- للاتحاد من أجل التأكد من وجود ردع فعال فيما يتعلق بوباء الانقلابات، مشيرا إلى أن هذا الردع الفعال غير موجود حاليا، كما هو واضح فيما يخص ميانمار والعديد من المواقع الأفريقية. وبدوره، قال مجلس جنيف للحقوق والحريات إنه يتابع بقلق كبير تطورات الوضع في السودان بعد سيطرة الجيش على السلطة وإعلانه حالة الطوارئ وإلقائه القبض على عدد من المدنيين. وأوضح هذا المجلس، في بيان، أن قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين مما أدى إلى قتل وجرح العشرات. وأضاف أنه يعبر عن القلق العميق بشأن حقوق الإنسان بسبب الاستعمال المفرط للقوة ضد المتظاهرين وعمليات القتل والاعتقالات العشوائية، والهجوم على حرية التعبير. هذا وقد دافع قائد الجيش السوداني (البرهان) عن سيطرة القوات المسلحة على السلطة، قائلا إنها أطاحت بحكومة حمدوك لتجنب حرب أهلية، في حين خرجت احتجاجات في الشوارع للتنديد بتحرك الجيش بعد اشتباكات دامية. بين الرفض والتأييد وفي وقت تتواصل الإدانات الخارجية، يستمر الانقسام داخل السودان بشأن الخطوات التي أقدم عليها المكون العسكري، فقد قالت قوى "الحرية والتغيير- مجموعة الميثاق الوطني" إن ما جرى في البلاد قرارات شجاعة تمثل خطوة أولى لتحقيق جميع المطالب. ودعت مجموعة الميثاق الوطني، في بيان، جميع الأطراف، إلى تقليل حدة التوترات السياسية، والمساهمةِ في استقرار الحكومة للخروج من الأزمة. وأضاف البيان أن أحد الحلول أمام الشعب هو توسيع دائرة المشاورات والمشاركات، لتشكيل حكومةِ كفاءات مستقلة ديمقراطية. كما شدد على ضرورة قيام الحوار الوطني الفعال من أجل الوفاق مع المجموعات التي ترفض العودة لمنصة التأسيس، والوصولِ إلى صيغ مشاركةٍ أوسع لكل الأطراف. وبالمقابل، قال محمد التعايشي عضو مجلس السيادة في السودان، إن الإجراءات التي اتخذها القائد العام للجيش انقلابية. وشدد التعايشي على أنه سيقف مع الشعب لمقاومة الإجراءات، ولا سبيل آخرَ لاستعادة الحقوق الدستورية. استمرار الاعتقالات ودعوات العصيان وقالت مصادر اعلامية إن قوة أمنية اعتقلت فائز السَّليك، المستشارَ السابق لرئيس الوزراء. من جهته، قال مصدر في أسرة الصديق الصادق المهدي، مساعدِ رئيس حزب الأمة، إن قوة أمنية اقتادت الصديق المهدي من منزله، لأسباب غير معلومة. وذكر مصدر أن قوة أمنية اقتادت أيضاً القيادي في تجمع المهنيين إسماعيل التاج إلى جهة غير معلومة مساء الثلاثاء. كما أفاد عضوٌ باللجنة التسييرية للنقابة العامة للمعلمين أن رئيس اللجنة ياسين حسن عبد الكريم اعتُقل من قبل قوات مشتركة بين الجيش والدعم السريع بشارع الغابة، واقتيد إلى مكان مجهول أيضا. وقال تجمع المهنيين، في بيان صدر اليوم، إن عمال شركة سودابت النفطية الحكومية سينضمون إلى حركة العصيان المدني على مستوى البلاد، والتي أعلنتها النقابات الأخرى ردا على الإطاحة بالحكومة من قبل الجيش. وبالتوازي مع ذلك، قال مدير الطيران المدني للجزيرة إن مطار الخرطوم سيستأنف رحلاته ابتداء من الرابعة عصر اليوم، بعد أن أُغلق اعتبارا من يوم الاثنين عقب إطاحة الجيش بالحكومة. وقالت مصادر اعلامية بالخرطوم أحمد الرهيد إن حالة من الترقب تسود المشهد، في انتظار القرارات التي أعلن البرهان أنه سيتخذها خلال الأيام القادمة ومن بينها تشكيل الحكومة. وأضافت أن الرفض الشعبي يستمر في عدد من مدن العاصمة الثلاث، وهناك إغلاقات مستمرة في الكثير من أحيائها، كما يستمر انقطاع الإنترنت بعد عودة جزئية لها. وأكدت المصادر إن هناك دعوة من بعض النقابات للعصيان المدني، مقابل ترحيب أيضا من أطياف أخرى للإجراءات التي اتخذها البرهان.