ليست المرّة الأولى التي تحطّ فيها طائرةٌ سعوديّةٌ في مطار بن غوريون بل سبق ذلك زيارات سريّة بين الطّرفين ورحلات متبادلة. ووفقاً لما أعلنته وسائل إعلامٍ إسرائيليّة عن وصول رحلةٍ جويّةٍ مباشرةٍ من الرّياض إلى تل أبيب في أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي ووفقاً لما ذكرته لصحفية "جيروزاليم بوست" إنّ "الرحلة الجويّة المباشرة من الرياض حطّت في مطار بن غوريون بتل أبيب، تابعة لشركة "رويال جيت" الإماراتيّة، وتابع بأنّ الطّائرة تحمل اسم "(A6-AIN) 737 VIP". فيما ذكرت تقارير إسرائيليّة أنّ طائرة إسرائيليّة خاصّة حطّت في مطار الرّياض وفقاً لما أظهرته بيانات مواقع تتبع حركات الطّيران بالعالم حيث بقيت الطّائرة على الأراضي السّعودية لساعاتٍ قبل مغادرتها. فيما كشفت مواقع من رصد حركة الطّائرات في العالم عن تفاصيل أكثر أوضحت خلالها أنّ الطّائرة الإسرائيليّة مُسجلة باسم "M-ABGG"، وهي من طراز: Bombardier CL-600-2B16 Challenger 604، وتحمل الرّقم التسلسلي 5450. وهي نفس الطّائرة التي عبرت في فبراير/شباط 2020 الأجواء السّودانية، وأقلعت حينها من مطار كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو، وعادت إلى تل أبيب مروراً بأجواء السّودان، ولم تكن الطّائرة برقم تصريح إسرائيلي، لكن قاعدتها المسجّلة كانت مطار بن غوريون وبكلّ الأحوال فإنّ العلاقات السّعودية الإسرائيليّة قطعت شوطاً كبيراً منذ تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد الذي أخذ على عاتقه أسرلة نظامه وإلحاقه بالكيان الصهيوني في ظلّ ما أنجزه لغاية الآن وفقاً لما يلي: 1 - التّعاون الأمني الواضح بين تل أبيب والرّياض خلال السّنوات الماضية المختصّة في برمجيات التجسّس الإلكتروني "NSO" خلال التّعاون مع شركة 2 – التّعاون العسكري بين الكيانين وفقاً لما نقله موقع ميليتاري للشّؤون العسكريّة أنّ الطّائرات المقاتلة السّعودية شاركت للمرّة الثّانية مع الطّائرات الإسرائيليّة في عمليّة تعاونٍ أمنيٍّ إضافة إلى وضع الكيان الصّهيوني إمكانيّاته في خدمة السّعودية لمواجهة أنصار الله في اليمن. 3 – التّعاون الاقتصادي المفتوح من خلال شركة "أفينتي بارتنرز" التي أسّسها كوشنر حديثاً، والتي جمعت أكثر من 3 مليارات دولار بما في ذلك التزام بقيمة 2 مليار دولار من صندوق الثّروة السّيادية السّعودي الذي يشرف عليه بن سلمان للاستثمار في شركات إسرائيليّة وفقاً لما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال". كلّ ذلك لا يشير إلى تطبيع للعلاقات بين الكيانين المتشابهين في النشأة والسّياسة والامتداد بل تخطّى التّطبيع ليصل إلى مرحلة الأسرلة التي لن تقتصر على الكيان السّعودي وحسب بل ستشمل كلّ دول مجلس التّعاون الخليجي بحسب المعطيات. فالكيان السّعودي المنهك من استنزافه في اليمن على مدى أكثر من سبع سنوات من عدوانه والنّظام السلماني الذي لم يأبه لمعاناة مواطنيه السّعوديين من البطالة وارتفاع أسعار الوقود وغلاء المعيشة وزيادة الضّرائب كلّ ذلك لم يمنع محمد بن سلمان من توزيع المليارات عبر صندوق الاستثمارات العامّة السّعودي (الصندوق السّيادي) وتبديد أموال الشّعب على مسؤولي إدارة دونالد ترامب السّابقين، تحت عناوين استثماريّة. وفي هذا الإطار، في مراهنةٍ خاسرةٍ بكلّ احتمالاتها لعودة دونالد ترامب إلى سدّة الحكم. وخلاصة الأمر أنّ كلّ ما يقوم به نظام بن سلمان هو إعلان عن تلك العلاقات وإخراجها للعلن لا سيّما وأنّ ثمّة ارتباط عضوي وتاريخيّ بين الكيانين السّعودي والصّهيوني وفقاً لمصادرَ تاريخيّةٍ جمّة منها ما ذكره ناصر السعيد مؤلّف كتاب تاريخ آل سعود والذي قتله النّظام السّعودي بعد خطفه من بيروت وإلقائه من الطّائرة في عرض البحر. يثبت السّعيد بالوثائق أنّ أصل آل سعود هم يهود يعود إلى جدهم إبراهم بن مردخاي بن موشيه وكان تاجر قماش في بلاد الحجاز. أمّا المُستشار الخاص المُقرَّب من عبد العزيز آل سعود جون فيلبي الصّهيوني البريطاني فقد كتب في مذكراته التي كتبها في بيروت عام 1955 في الفصل الأول الصفحة 97: (إنّه في مؤتمر العقير الذي انعقد عام 1922 كتب عبد العزيز آل سعود تعهّداً خطيّاً ل (برسي كوكس) المندوب السّياسي البريطاني في الخليج يُقرّ بموجبه بأنّه لا يُمانِع من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود المظلومين) ، وبناء على تعهّده بإعطاء فلسطين للصّهاينة قدّمت له بريطانيا الدّعم الكبير بالمال والسّلاح ليحقّق انتصاره على الشريف حسين في عام 1925 ويخرجه من الجزيرة العربية، إضافةً إلى ما ذكره مُستشار الأمن القومي الأميركي السّابق (زبغيو برجينسكي) في كتابه خارج السّيطرة في الفصل الرّابع عن اتفاق كوينسي الذي انعقد في 14 فبراير عام 1945 وذلك على متن الطرَّاد الأميركي (يو أس أس كوينسي) بين الرّئيس الأميركي آنذاك فرانكلين روزفلت وعبد العزيز آل سعود، يقول بريجينسكي في الصّفحة 323من كتابه (أن اتفاق كوينسي أعلن عنه بين روزفلت وعبد العزيز بينما حضره سرّاً كلّ من رئيس المنظمة الصّهيونية العالميّة آنذاك حاييم وايزمان ودافيد بن غوريون وحينها تعهّد عبد العزيز لكلٍ من بن غوريون ووايزمان أن يدعم إقامة الكيان الصّهيوني بمقابل حمايته وحماية أسرته. تلك هي حقيقة نظام ال سعود المهزوم والمأزوم في اليمن والسّاعي هرولة لإرضاء الحليف الصّهيوني الأكثر وهناً وتأزّماً منه والآيل إلى السّقوط مهما كانت تحالفاته.