هناك اصرار أمريكي بريطاني أممي على تمديد الهدنة ثلاثة أضعاف الهدنتان السابقتان والمنتهيتان وهذا ليس مستغرباً بالنظر إلى حاجة تحالف العدوان لفترة الستة أشهر باعتبارها وقتاً كاف لتتضح مسارات الأحداث التي يشهدها العالم والإقليم واليمن، وهم مستعدين أن يعطوا وعوداً بكل ما تريده القوى الوطنية المدافعة عن سيادة اليمن ووحدته واستقلاله وحرية شعبه، وسيمارسون نفس المناورات والالتفاتات والكذب والتضليل ولكن هذه المرة لمدة أطول. الهدنة وتمديدها ليس غايةً في ذاتها، بل من أجل على الأقل التخفيف بشكل ملموس عن الشعب اليمني من الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي اعتقد ومازال هذا التحالف الإجرامي البغيض أن ذلك سيحقق له أهدافه التي لم يتوقف في يوم من الأيام عن اعتماد وسائل وأساليب جديدة لتنفيذها، ويرى في هذا التمديد أنه سيتمكن من تحقيق ما عجز عن تحقيقه طوال سنوات حربه الوحشية القذرة. والحديث عن الحل السياسي والسلام الذي يمكن أن يتحقق خلال هذه الفترة الزمنية بيعاً للوهم إن لم يكن هناك ضمانات بأن مطار صنعاء سيفتح بشكل كامل وكذلك ميناء الحديدة لخروج المسافرين والمرضى وعودة كل العالقين خارج اليمن إلى وطنهم ودخول المشتقات النفطية والمواد الغذائية والأدوية وكل احتياجات اليمن عبر ميناء الحديدة، والأهم صرف المرتبات السابقة واستمرارها وكذلك فتح الطرقات والإفراج عن الأسرى لأن هذه الأمور هي أهم ملامح أن هناك نوايا جادة لمقاربة حل سياسي يفتح ثغرة للسلام. أما بقاء الأمور على حالها كما كانت في الهدنتين السابقتين فيمكن القول أن ذلك لا يحتاج إلى جولات ومشاورات للمبعوث الأمريكي والسفير البريطاني وبعض سفراء الاتحاد الأوروبي والمبعوث الأممي، والوساطات وإحاطات من أجل دخول بعض سفن المشتقات التي تعد بأصابع اليد وبعض الرحلات الجوية من مطار صنعاء إلى الأردن وجاءت الرحلة اليتيمة إلى القاهرة من أجل تمديد هدنة الشهرين الثانية. قبول صنعاء بالتمديد ولنصف عام سيكون له ارتدادات إذا لم يلمس أبناء اليمن بالمحافظات الحرة نتائج تمس حياته المعيشية والخدمية والصحية، وأما موضوع وقف إطلاق النار ووقف الطيران المسير والصواريخ على نظامي العدوان السعودي والإماراتي فيكفي أن توقف هذه الدول طيرانها وكذلك أن يوقف مرتزقة العدوان قصفهم وهجومهم وزحوفاتهم واستهداف المدنيين وسيتوقف أبطال الجيش واللجان الشعبية، وربما هذا يكون إن حصل بدون هدنة لا وجود لها إلا في تصريحات بايدن في إدعاء فضل تحقيقها. بدلاً من كل هذا الضجيج الإعلامي والدعائي لاتفاقات هدن أكثر عبثية من الحرب العدوانية الإجرامية المستمرة للعام الثامن على التوالي والتي دمرت كل شيء واستباحت دماء اليمنيين دون سبباً أو مبرراً سوى أطماع تحالف العدوان الذي أعلن حربه من واشنطن، وبيد واشنطن وقفها،والشعب اليمني وقيادته في صنعاء مستعدةً لسلام عادل وشامل ومشرف ولطالما كانت يدها ممدودة له. ويبقى المؤشر الصحيح في اتجاه تهدئة جدية صرف المرتبات بعد توريد ما تم بيعه وما سيباع من النفط والغاز إلى البنك المركزي اليمني بعد إعادته إلى صنعاء، وبدون ذلك فإن الهدن وتمديداتها ليس إلا لُهاثاً وراء سراب.