جرعة سعرية ثالثة على البنزين في عدن    أكاديمي مصري يحذر من حملة استخباراتية في اليمن    مناقشة مستوى أداء مكتب هيئة الأوقاف بمدينة البيضاء    رفع السيارات المتهالكة من شوارع الأمانة    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    بثلاثية الترجي.. تشيلسي إلى دور ال 16    فلامنجو يفرض التعادل على لوس أنجليس    90 مليونا.. بطاقة خروج رودريجو من الريال    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    طارق سلام:عدن تعيش حالة عبث غير مبرر    كيف تمكن الموساد من اختراق ايران ..والى أي مستوى وصل    تشيلسي يغتال حلم الترجي بثلاثية قاسية    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    بوليتيكو: استهداف منشآت إيران النووية لم يضعف قدراتها.. بل عزّز خيارها النووي    تفاصيل إخماد تمرد في معسكر القوات الخاصة بلحج    استشهاد بطلين من القوات المسلحة الجنوبية في جبهة الضالع الحدودية    الجنوب.. الحوثي والشرعية وما بعد تأثير إيران    بلاغ للزبيدي.. أعداء الجنوب الأمنيون يتسللون إلى معاشيق بأوامر العليمي غير المعلنة    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بإعداد خطة عسكرية ضد "انصارالله"    تقرير أممي: استمرار تدهور الاقتصاد اليمني وارتفاع أسعار الوقود والغذاء    صنعاء.. الخدمة المدنية تعلن الخميس المقبل إجازة رسمية    اليمنية توضح تفاصيل حادث عرضي لطائرة في مطار عدن    إدارات أمن عدد من مديريات إب تحيي ذكرى الولاية    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    تكتل قبائل بكيل يدين قصف قاعدة العديد في قطر ويدعو لتجنيب شعوب المنطقة ويلات الحروب والتدخلات    الرئيس الزُبيدي يبحث مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي الأوضاع الراهنة في بلادنا وسُبل دعم جهود السلام    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    إصابة 7أشخاص بحادث مروري بذمار    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    الأندية المغادرة والمتأهلة لثمن نهائي كأس العالم للأندية    كم كسب الأهلي ماليا من كأس العالم للأندية 2025    الصحة الإيرانية تعلن استشهاد 44 سيدة و13 طفلاً في هجمات الكيان الصهيوني على إيران    - عنوان ممتاز وواضح. ويمكنك استخدامه كالتالي:\r\n\r\n*الأوراق تكشف: عراقيل تهدد إعادة فتح فندق موفنبيك \r\nعراقيل مفاجئة أمام إعادة افتتاح موفنبيك صنعاء... والأوراق تفتح الملف!\r\n    من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل    "حققنا هدفنا".. الحكومة الإسرائيلية تعلن رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    ارتفاع حصيلة قتلى صاروخ إيران الأخير إلى 11 إسرائيليا على الأقل    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    الأهلي المصري يودع مونديال الأندية    المجلس الأعلى للطاقة يقر حلول إسعافية عاجلة لتوفير وقود لكهرباء عدن    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    كأس العالم للأندية: ريال مدريد المنقوص يتفوق على باتشوكا المكسيكي بثلاثية    إيران تنتصر    مرض الفشل الكلوي (9)    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر والأديب عباس الديلمي ل« 26 سبتمبر » يجب توثيق مانسجه الأدباء والشعراء خلال فترة العدوان
نشر في 26 سبتمبر يوم 09 - 07 - 2023

في هذا الحوار، نستضيف الشاعر والأديب الأستاذ/ عباس الديلمي، ولد في شرعب الرونة بين أحضان الفقه واللغة،
وتخرج في صنعاء بين أسرار الفلسفة والآداب، هو شاعر غنائي متألق، تغنى بأعماله ألمع الفنانين العرب، وأشهرها "صباح الخير يا وطنا" التي ترددت في كل زاوية من أزقة الوطن العربي، هو أديب وإعلامي متمكن، تولى مسؤوليات عدة برامج وقطاعات في الإذاعة اليمنية، وحصل على أعلى الأوسمة والتكريمات، لديه خمسة دواوين شعرية تنوعت بين الغزل والوطن والحياة، نستمع إلى حديثه عن تجربته الشعرية والإعلامية والثقافية، ونتعرف على رؤيته للشعر والفن في هذا العصر.
حاوره : عبدالله عبدالسلام
* توجهك في بداية عمرك كان لدراسة الفقه والأدب، نريد أن نتعرف عن اللحظة الأولى التي قررت فيها أن تكون شاعراً أديباً وكاتباً.. كيف اتخذت القرار وأسباب ذلك؟
** موهبة الشعر والأدب والكتابة لا يختارها الإنسان ولا يدعوها وإنما تأتي تلقائياً شأنها شأن القصيدة التي لا يستدعيها الشاعر إذا اضطراد أن يكتب وإنما هي تقرع الباب وتفرض نفسها، ولكن بدون البيئة المناسبة لا تعزز الموهبة لدى الشاعر خاصة عندما يكون من أسرة فيها الأدباء والشعراء فيستفيد من تجربتهم وينخرط في مجالسهم الشعرية والأدبية، وذلك ما كان متوفر لي حيث كان والدي الشاعر علي الديلمي يصطحبني معه في مجالس الأدب والثقافة.
القراءة كان لها دور في تكوين ثقافتي وكنت حريصا على القراءة المستمرة وكان لها الدور في ترسيخ هذه الموهبة في وجداني وكنت أحفظ يومياً خمسة أبيات شعر بإشراف والدي وكان يختارها من الأعمال الخاصة بالأطفال مثل شعر أحمد شوقي.
* بحكم بيئتك العلمية التي كان أغلبهم من الفقهاء قد يسأل البعض لماذا لم تتجه صوب العلوم الشرعية؟
** لم يستهويني مجال الفقه واعتقدت أن دارسة العلوم الدينية عبارة عن حفظ، وذلك يعني أن أكون نسخة إضافية لا يمكن أن تضيف شيئا جديدا لهذه العلوم.
مسألة اهتمامي بالقراءة والمطالعة المستمرة والمبكرة حببت لي الشعر والأدب كما كانت الكتب الفلسفية محط اهتمامي والتفت لها منذ دراستي في الإعدادية والثانوية العامة، وهذا ما دفعني للتأمل والتفكر بنظرة فلسفية فاحصة وموهبة شعرية متعمقة وهذا ما يفسر سبب اختيار تخصص الفلسفة أثناء دراستي الجامعية والشعر والفلسفة متلازمتان يمكن للمتعمق بهما الغوص في خصوصيات الناس وهموم المجتمع أكثر من غيره واستيعاب الظواهر الاجتماعية والسياسية المعقدة.
* ما أبرز المدارس والتيارات الشعرية التي تأثرت بها وتنتمي اليها؟
** المنهل الذي نهلت منه كان والدي, الذي هو الوسيلة والنافذة الوحيدة التي نقلتني إلى بيئة الشعر والأدب، ومن الأعلام الذين تأثرت بهم الأستاذ عبدالله البردوني والاستاذ أحمد محمد الشامي وغيرهم من الشعراء وقرأت كتبهم ودواوينهم الشعرية منذ صغري.
كما قرأت كثيراً في الشعر العربي الجاهلي وما تلاه من شعراء العصر الإسلامي خصوصاً العصر العباسي أبرزهم الشاعر أبو نواس الذي اعتبره شخصية أدبية مظلومة ولم يعط حقه في الكتابة عن خصوصيته، وكان شاعرا مكتمل الأركان لهذا أفكر الكتابة عن حياة هذا الشاعر والتطرق لنقاط عديدة أهملها الأدباء والمؤرخون وركزوا على نقاط ضيقة كجانب المجون والخمريات.
* للشعراء تجارب أدبية رهينة حالات ومواقف معينة، ما هي تجربتك التي عشتها في فترة العدوان والحصار؟
** تجربتي الشعرية في هذه الحالة بدأت عام 2011م وجمعت كل تأثراتي وخواطري في ديوان "أيام الوجع" وصدر في حينها، وما تلا تلك الفترة من عدوان وحصار عام 2015م ألفت ديوان "أولو البأس"وضمنت فيه كل ما أريد قوله عن تحالف العدوان وما تعرضت له اليمن من هيمنة ورغبة في السيطرة واستوحيت هذه الفكرة من صورة الغلاف التي اخترتها للجندي الشهير الذي داهم موقع من مواقع السعودية على الحدود وهو حافي القدمين.
* الحركة الأدبية عموماً في ظل العدوان هل ساهمت في تعزيز تماسك الجبهة الداخلية والتعريف بالقضية اليمنية ام ان هناك تقصيرا؟
** هناك تقصير ليس من جانب الأدباء وإنما يتحمله الجانب الإعلامي وكذلك النشاط الثقافي المؤسسي الذي يتبنى الأمسيات الشعرية والصباحية التي أصبحت غائبة كلياً هذه الفترة، إلى جانب إهمال رصد ومتابعة ما نسجوه الأدباء والشعراء خلال فترات الحرب والحصار وتوثيقها.
يجب إعادة النظر في دور المؤسسات الثقافية حالياً وتوثيق الأعمال الأدبية والشعر لمبدعي الفترة لأنهم يؤرخوا لهذه الفترة ويحكوا معاناتهم وينقلوها للأجيال القادمة.
* للأمانة مثلاً أنا كصحفي أواجه صعوبات بالبحث عن أعمال الشخصيات الثقافية والأدبية، بالأمس كنت ابحث عن قصائدك المغناة ولم أجدها كلها موثقة على النت؟
** وزارة الثقافة تتحمل مسؤولية عملية توثيق الأعمال الأدبية لشعراء اليمن، للأسف حتى دور اتحاد الأدباء غاب وتراجع كثيراً ويبدو إنه في طريقه إلى الانشطار لأنه بعد شن الحرب على اليمن غادر رئيس الاتحاد آنذاك الدكتور عبدالله حسين البار صنعاء وتوجه إلى حضرموت، وبعض أعضائه في عدن قطعوا صلاتهم تماماً بزملائهم في صنعاء برغم أن الاتحاد يعتبر المؤسسة الوحدوية الأولى وولد عام 1971م.
كنا أول من يتصدر لأي قضية سياسية أو بادرة خطر على الوطن وصوت الأدباء كان الصوت الأول وعندما تقرأ تاريخ الأدباء اليمنيين لا تلمس النزعة الشطرية في كتابات الشعراء حتى في أيام الاستعمار في الجنوب والحكم المتوكلي في الشمال، ترى الشاعر يخاطب اليمن كلها لا يخاطب شطرا معينا.
الآن في الوقت الراهن لم نسمع أي صوت لاتحاد الأدباء في تناول قضايا الوطن المصيرية ذلك لأنهم أدخلوا السياسة في عملهم وكانت الغالب على علاقات أعضائه وهذا يختلف كلياً عن الماضي كان الاتحاد يفصل أي عضو يلمس في كتاباته أو توجه نزعة شطرية.
* نفهم من كلامك أن الوضع ينذر بكارثة حاليا على كافة المستويات، ما دعوتك في هذا الجانب؟ ولمن توجهها؟
** أوجه دعوتي لكل أدباء وشعراء اليمن عليكم أن تحافظوا على المكسب الكبير لهذه المؤسسة الوحدوية، واتركوا السياسيين يلهثون وراء مصالحهم ومكاسبهم وانتماءاتهم الخاصة، وحافظوا على واحدية اليمن وعليكم أن تتصدوا لدعوات الانفصال التي تظهر بين الفينة والأخرى.
* كيف يرى الديلمي كشاعر الى الفن الزواملي? وبرأيك لماذا اكتسح المشهد وحقق حضورا كبيرا خلال هذه الفترة? هل لأنه فن حربي أم لأن السلطات الحالية تهتم به؟
** كل ما ذكرته صحيح السلطات حالياً تعطيه الأولوية أكثر من الأعمال التي لها طابع موسيقي، لدرجة لم تعد تسمع الأناشيد الوطنية الحماسية تبث في وسائل الإعلام الرسمية، هذا يعد نوعا من التقصير لأنك عندما تخاطب مجتمعا خاطبه بكل الألوان أنت لا تخاطب شريحة واحدة او فئة واحدة وبالذات في اليمن البلد الذي يتميز بالتنوع الثقافي والفلكلوري الشعبي.
* أنت سابقاً كنت مسؤولا عن خارطة البرامج الإذاعية، ما تقييمك لخارطة الإذاعات الحالية؟
** الإذاعات شأنها شأن بقية المجالات سيطرت عليها أوضاع الحرب مثلاً إذاعة صنعاء التي كانت الرائدة منذ منتصف القرن الماضي، لم تحافظ على ألقها في هذه الفترة وكان لها حضور كبير في اتحاد الإذاعات العربية وشاركت في كثير من الفعاليات والمسابقات العربية وحصلنا على 4 جوائز في مهرجان القاهرة الدولي واستضافت الإذاعة مهرجان الأغنية الإذاعية العربية، وحازت الإذاعة على المراكز الأولى في كل المسابقات الثقافية والأدبية.
وما ميز إذاعة صنعاء تصدرها بين كل إذاعات الوطن العربي إنها نشأت بمنأى عن سيطرة الدول الاستعمارية بحكم استقلال شمال اليمن عن الحكم العثماني حينذاك في عهد الإمام يحيى حميد الدين.
فظروف الحرب عملت عملها، الآن معنا ما يقارب الثلاثين إذاعة لماذا لا نكرس البرنامج العام ويكون ضمن استراتيجية تخاطب الوطن العربي بأكمله والإذاعات المحلية الأخرى تواكب القضايا والظواهر الاجتماعية والسياسية المختلفة.
أنا مثلاً أتابع الإعلام السوري بحكم علاقتي المتينة بشخصيات فنية عريقة، بصورة يومية وألاحظ أن المحن التي عاشتها سوريا لم تصرف إذاعتها عن هدفها العربي العام.
* كيف يمكن استعادة دور إذاعة صنعاء الريادي؟
** هذا يترك للقائمين على المؤسسات الإعلامية لأنهم أدرى بطرق تطوير عملهم وفق ما يملكون من إمكانيات وكوادر وخبرات.
* ما العمل الإذاعي الذي قدمته؟ وترك أثرا كبيراً بين الناس؟
** برنامج "حديث الناس" اليومي والذي قدمته لأكثر من عشرين عاماً، ولم يترك أثرا بين المجتمع فحسب بل حتى في أروقة السلطات، وكان له أثر سياسي واقتصادي وسبب لي كثيرا من الخلافات لأنه كان برنامج متنوع في مجالاته واعتمد على أسلوب النقد ومعالجة القضايا.
* لك تجربة طويلة في الشعر والفلكلور الشعبي اليمني بحكم تنقلاتك الكثيرة داخل الوطن، هل تفكر بتأليف كتاب يوثق للفلكلور وحمايته من الإندثار؟
** عندما كنت مديراً عاماً لبرامج الإذاعة ورئيساً للقطاع بذلت جهدي من اجل التوثيق وكلفنا بعض الزملاء في عمل ميداني شمالاً وجنوباً هذا كان قبل الوحدة حتى سقطرى وصلوا إليها لتوثيق أعمال الفلكلور الشعبي، وما توصلوا إليه لا زال موجوداً في أرشيف إذاعة صنعاء.
لكن التوثيق الذي يحمي الأعمال الأدبية والشعبية من السرقات يكون عبر وزارة الثقافة بالتواصل مع جهة معينة في فرنسا مسؤولة عن توثيق الأعمال الشعبية الفلكلورية لأي مجتمع.
اليمن هي البلد الوحيد المتصدر في تنوع الفلكلور الشعبي مثلا مصر لا تمتلك فلكلورا شعبيا تاريخيا واسعا وإنما محصور في لون أو لونين من الغناء الفني.
والشام له فلكلور شعبي مميز ولكنه ليس بهذا الثراء الذي في اليمن لأنها بالإجماع موروثها متنوع وواسع ولها خصوصيتها في كل منطقة من مناطقها الواسعة في السهول والسواحل والجبال والهضاب.
ذات يوم قال الفنان العربي السوري صباح فخري رحمه الله إنه لا يوجد في الجزيرة العربية فن وموروث غنائي الا في اليمن، ما وجد في دول الخليج إلا أغاني بحارة وأعمال صيد، أما الطرب الفني الأصيل ينتشر بكثرة في قرى اليمن وأريافها وحتى مدنها.
وهذا ما أكده المطرب العربي محمد عبدالوهاب عندما التقينا به في زيارة عمل في العاصمة المصرية القاهرة لإجراء بعض اللقاءات عبّر لنا عن أمله في زيارة اليمن كي يسمع المورث الغنائي من شفاه الناس لا من وسائل الإعلام ويتذوق التنوع والإيقاع المتميز بنفسه.
* الكل يعرف قصة اول اغنية لك مع الفنان علي الآنسي، ما قصة وصول اول أغنية لك "يا طبيب الهوى" للفنان احمد السنيدار؟
** إذاعة صنعاء كانت تبث برنامج بريد المستمعين وتعتمد على مشاركات الجمهور حينها كان الفنان السنيدار يعمل في إدارة التنسيق في الإذاعة فبعثت لهم بقصيدة "يا طبيب الهوى" وطلبت منهم أن يعرضوها عليه فعلا أعجب بها الفنان السنيدار وتفاجأت حين سمعته يغنيها بلحن جميل مزجه بين التهامي والصنعاني.
* ما الذي جذبك كثيرا في حياة ومواقف الشاعر والأستاذ عبدالله البردوني؟
** بحكم علاقته الودية بوالدي كتب لي مقدمة ديواني الشعري "اعترافات عاشق" الذي طبعت على نفقة الدولة بأمر من الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني، واعتمدت العنوان الذي اختاره الأستاذ عبدالله البردوني.
كان البردوني دائماً يحضر الأسابيع الثقافية اليمنية وجالسته كثيراً في ثنايا هذه الفعاليات، حتى عندما كنت في تعز في مرحلة الدراسة الإعدادية كانت تصلنا قصائده التي كانت في مجملها ثورية ونقد للسلطة والوضع وما يعانيه المجتمع أثناء الحكم الإمامي لذلك لم يضمنها في دواوينه المنشورة.
* لك تجربة معينة في الشعريبدو انك عانيت قليلاً من بيئة المجتمع المحافظ، وعندما أصدرت أول ديوان لك "اعترافات عاشق"،برأيك ما هي الوسيلة المناسبة للشاعر لكي يتجنب الصدامات المجتمعية؟
** الشاعر عندما يصدر دواوينه الشعرية أو أعماله الأدبية الأخرى لا بد ما يتلقى ردود أفعال غاضبة من بعض الأطراف المتزمتة التي لا تستوعب رسالة القصيدة الشاملة فمثلا عندما صدر ديواني المذكور فوجئت بأحد الفقهاء ينتقد العمل وقال هذا ليس اعتراف عاشق إنما اعترافات فاسق.
* برأيك هل جسد شعراء اليمن بالشكل العام مشاكله في كافة نواحي الحياة وبماذا يختلف شعراء اليوم عن شعراء الأمس؟
** لوعدت إلى ديوان شعراء اليمن نهايات القرن الماضي، ستجد الشعراء الكبار وثقوا كل شيء فيه وكانت دواوينهم بمثابة تاريخ يحكي واقع البلد مثل الأستاذ البردوني وعبدالعزيز المقالح ومحمد الشرفي وأيضاً علي عبدالرحمن جحاف وعلي حمود عفيف وغيرهم الكثير.
أما بالنسبة لشعراء اليوم الآن في قصور ويمكن طرح هذه التساؤلات على طاولة مسؤولي وزارة الثقافة ونعرف أوجه التقصير ومن يتحمله.
* التكامل بين الفنان والشاعر أهم عنصر في بروز العمل الفني، كيف يمكن خلق هذا التكامل لا سيما مع ظروف اليمن الحالية؟
** الشاعر يكون أكثر تفاعلاً وحماساً عندما يجد الفنان الذي يتلقف أعماله ويؤديها كما كان يحلم وهذا لا يتم إلا عبر التوافق والانسجام بينهم ما قد يخلق ثنائية جديدة من الإبداع، مثلاً في الوطن العربي تجد الإبداع الغنائي لا يخرج إلا بواسطة ثنائي جميل وهذا الأسلوب تجده في مصر والعراق واليمن والشام.
الشاعر عندما يسلم الفنان قصيدته هو يضع مولوده الجديد في يديه آملاً أن يحافظ عليها ويقدمها بأسلوب فني يجعلها مستساغة لمسامع الجماهير وهذا يخدم الشاعر،وهناك كثير من الشعراء العمالقة ولهم دواوين عملاقة لكن ما يبرز منها إلا القصائد المغناة.
* ذائقة الجمهور أحياناً هي من تفرض النوع الغنائي على الوسط الفني، كيف يمكن التصرف في حال كانت الذائقة سيئة هل النزول إليها أم محاولة رفع مستوى الجمهور إليها؟
** الإمام علي بن أبي طالب قال ذات مرة مقولة مخلدة: ابناؤكم خلقوا لزمان غير زمانكم، ما يعني أن الجيل الجديد متأثر بأدوات عصره الفنية ولا يتوافق مع ذوق الجيل الذي سبقه، مثلاً أنا لا أستطيع أن أفرض على ولدي أن يستمع لتسجيلات الفنان علي الآنسي أو السنيدار لأنه بطبيعة الحال يميل للأصوات الجديدة بألبوماتها العصرية المستجدة علينا والتي نصنفها ضمن الأغاني الهابطة فنياً، لكن الثابت أن الفن الهابط يبقى هابطا والعمل الفني الذي يحافظ على أدواته وأركانه الشاملة يبقى المتصدر.
* حدثنا عن دور الشعر في ترميم الخلافات بين أبناء الوطن والدفع بمحاولات توحيد صفوفهم ولماذا غاب الصوت حاليا ونحن في أمس الحاجة؟
** كما سبق الإشارة سابقاً كان للأدباء دور كبير في الحفاظ على الوحدة اليمنية ومناقشة كل القضايا الأخرى التي كانت تؤرق المجتمعات في تلك الفترة وحلها أو إيصالها للنخبة السياسية ووضعها كأمر واقع يفترض حلها والتعامل معها.
ويقع على عاتق شعراء اليوم مسؤولية كبيرة في توحيد صفوف اليمنيين والتصدي لكل محاولات تقسيم اليمن أو تشطيره من قبل الدول الأجنبية المتآمرة.
* اليمن امتازت بالشعر الحميني أين نجد هذا الشعر في الوقت الراهن وكيف يمكن احياؤه من جديد؟
** كل منطقة بالعالم تمتاز بطابع فني مثلاً الأندلس اشتهرت بالموشحات المعروفة بالموشحات الأندلسية، فيما اليمن امتازت بالشعر الحميني والأثنان متقاربان في كثير من الخصائص كأنها توأمان ويتشابهان من حيث التقسيم والتقطيع والتبويب.
وينقسم الحميني إلى نوعين المبيتات والموشحات الأولى تأتي مكونة من أربعة أبيات أو بيتين، أما الأخير يعتمد على التوشيح والبيت والتقفيل والتجميع، وهذا النوع يكاد يختفي.
أنا حتى في بعض الفترات استخدمت النوع الموشح وغنى لي فؤاد الكبسي وغيره بهذا الأسلوب لكن الكثير يميل إلى المبيت.
* ماذا قدمت لك اليمن؟ مقابل ما قدمته لها أنت؟ وهل تتعامل مع الأمر على أساس أخذ وعطاء؟
** اليمن يكفي إنها الملهمة هذا أكثر ما منحته لي.
* شكلت ثنائياً وطنياً رائعاً مع الفنان أيوب طارش منذ بداية السبعينات، كيف تقيم نشاط الفنان مؤخراً لاسيما اغنيته الأخيرة عن الوحدة اليمنية والتي أثارت جدلاً كبيراً؟
** الفنان أيوب طارش العبسي له خصوصيته في الأنشودة الوطنية وأول أغنية وطنية كانت من كلماتي "دمت يا سبتمبر التحرير يا فجر النضالي" وأشعر بالفخر لأنها من كلماتي، وقبلها كان يغني أغاني عاطفية.
بالنسبة لأغنيته الأخيرة التي أثارت الجدل أنا لم اقرأ القصيدة ولا سمعت الأغنية حتى اللحظة، لكني علمت بالجدل الذي حصل حولها وربما عامل السن له دور، مثلا العالم أبوبكر الرازي أكبر عالم في الطب بدأ حياته فناناً ومغنياً وعندما جاوز العشرين ترك الغناء لأنه لا خير في غناء يخرج بين ذقناً وشارب كما قال.
* ما تقييمك للمؤسسات والشخصيات الخاصة التي تقوم بالأشراف على الشباب تشجيعاً في كتابة الروايات أو القصص القصيرة؟
** إذا كانت هذه الجهات وجدت من أجل خدمة الإنتاج الأدبي والإبداعي فهذا جيد ومساعدتهم على الطباعة وعلى النشر، لكن أن تملي عليهم هذا يتعارض تماما مع دعم وتشجيع الثقافة والادب في اليمن.
* هناك الكثير من الشعراء المتميزين لكنهم لم يتجهوا للشعر الغنائي، برأيك ما الذي يحتاجه الشاعر لتصل قصائده إلى مسامع الجماهير؟
** التخصص في كتابة القصيدة الغنائية لها خصوصيتان البساطة والإبداع ولا يستطيع كل الشعراء ترجمة أحاسيس الناس في عمل غنائي قد يترجمها بقصيدة عصماء ولكن العمل الغنائي يمزج ما بين البلاغة والبساطة.
أن تصل قصيدتك إلى مسامع الجماهير يحتاج موهبة خاصة هناك مثلاً قلة من الشعراء الكبار الذين وجدت أعمالهم طريقا إلى الموسيقى، ولهذا يقوم الفنان باختيار الأعمال الصالحة لتكون أعمال غنائية.
* كيف ينظر الشاعر عباس الديلمي إلى شعر الحداثة؟
** القصيدة الحداثية على المستوى العربي مواكبة لهموم الوطن والقضايا المصيرية لهذه الأمة وقد حظيت بالتغطية الإعلامية الواسعة وكانت تصل إلينا في مراحل طويلة، لكن مرحلة الحرب والحصار منذ عام 2015م لم يصلنا شيء من الدوريات الثقافية الشهرية والأسبوعية إلا ما نقلته لنا بعض الفضائيات عن جديد الثقافة والأدب في الوطن العربي.
* أين وهجك الحماسي؟ أين حروفك؟ما آخر أعمالك؟
** آخر ديوان أصدرته هو أولو البأس والكتابة لا يمكن للشاعر تركها هي ملازمة له، أحيانا بدون شعور أجد نفسي ممسكاً بالقلم والبياضة وأبدأ بالكتابة وكل أعمالي الأخيرة سوف اجمعها في مذكرة خاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.