بتراكمية التاريخ المناهض للعنصرية والتمييز العنصري ذهبت جنوب إفريقيا لمحكمة العدل الدولية لتسجل سابقة مشرفة للإنسانية جمعاء وهي محملة بتاريخ عريق من النضال لتضع هذه الخبرات نصرة لفلسطين بكلها وليس فقط لغزة، فنجحت في وضع الكيان الاسرائيلي في قفص الاتهام يواجه تاريخ إجرامه الطويل في لاهاي. قرار ذهاب جنوب إفريقيا لمحكمة العدل الدولية لتجريم الكيان الاسرائيلي بجرم الإبادة الجماعية بحق أبناء غزة أعطى للقضية الفلسطينية زخما عالميا وحولها لقضة رأي عام دولي يصعب أن تتعافى إسرائيل من تبعاته. فالعالم أجمع يشاهد إجرام عصابة مركبة من أبناء الشتات أراد وعد بلفور أن يملكها أرضا تبني فيها دولتها الموعودة على حساب أبناء الشعب الفلسطيني أصحاب ارض فلسطين فتمارس هذه العصابة المتمثلة بالكيان الصهيوني جرائم الابادة والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني. مئة يوم والشعب الفلسطيني في غزة يقتل ويذبح ويحرم ابسط مقومات الحياة الإنسانية وينكل به ولم يجرؤ النظام العربي الرسمي على اتخاذ إجراءات مشابهة لخطوة جنوب إفريقيا بل مازال مشغولا بتهيئة قاعاته الفاخرة للقاء وزير الخارجية الأمريكية بلينكن الذي يقوم بطولاته الهادفة لتحقيق مصالح الكيان المنكسر في أي خطوة تتعلق بوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن ومستقبل غزة ليضاف لهذه الأهداف الأمريكية بعد ذهاب جنوب إفريقيا لمحكمة العدل الدولية الا تنضم هذه الأنظمة وتدعم خطوة جنوب إفريقيا في الادعاء على الكيان. أبناء نيلسون مانديلا استطاعوا أن ينقلوا إرثهم المهم في النضال والانتصار من داخل جنوب إفريقيا إلى الوطن العربي الذي يعاني من مشاريع الاحتلال الأمريكي الاسرائيلي منذ عقود ويعمل على كم أفواه شعوبها واجبارهم على القبول بالتمييز القانوني والإنساني على حساب كرامتهم ومصالحهم وأرضهم وانتمائهم وثقافتهم للحفاظ على هذا الكيان من خلال عمالة بعض الأنظمة العربية الفاسدة وهنا تكمن المسؤولية التاريخية لشعوب العالم العربي والإسلامي للوقوف إلى جانب هذه الجبهة التي فتحتها دولة جنوب إفريقيا ضد الأعمال الإرهابية الإسرائيلية فهذه جبهة هامة جدا في محكمة العدل الدولية والتي تعتبر خطوة تاريخية في تاريخ الكيان الاسرائيلي الذي ذهب إلى المحكمة بعد أن شهدنا تغييرات في الخطاب الاسرائيلي الذي لأول مرة نسمع قادته تتحدث عن القانون وهي التي طالما ضربت كل القوانين والاعراف الدولية والقرارات الأممية بعرض الحائط. المتغيرات الدولية كبيرة وكثيرة وتحمل عناوين الانكسار والهزائم للمشاريع الأمريكية الإسرائيلية في العالم فالجبهات تفتح تباعا لمواجهة الهيمنة الأمريكية العالمية التي بدأت بالربيع العربي وانتصار محور المقاومة فيها والخسائر الأمريكية في حربها مع روسيا في اوكرانيا والآن معركة طوفان الأقصى التي فتحت جبهات كثيرة عسكرية وسياسية واستعادة تصويب العناوين التي اقرتها أمريكا والغرب التي استغلتها كذرائع لاحتلال الشعوب إلى نصابها الحقيقي من خلال تحول القضية الفلسطينية إلى قضية عالمية من خلال اهتمام الرأي العام الدولي بهذه القضية لتحقيق العدالة لفلسطين الأرض والشعب. على الرغم من محاولات الاعلام الغربي التقليل من شأن جبهة جنوب إفريقيا وعدم التغطية لهذا الحدث العالمي بهدف عدم إيصال المرافعة للفريق الافريقي بكل ما لديه من معلومات وتصريحات وأرقام تجرم الكيان بجريمة الابادة الجماعية بحق أهلنا في غزة الا ان الرأي العام كان متابعا عبر منصات متعددة. ولعل التعليق القادم من موقع ذا هيل الأمريكي" إسرائيل فقدت مكانتها الأخلاقية سواء كان ما حدث إبادة جماعية ام لا" وهذه القراءة في موقع ذا هيل يمثل بطاقة نعوة للحرب الأمريكية الإسرائيلية على غزة وانتصاراً لتاريخ الشعب الفلسطيني الذي قاوم هذا الاحتلال ومن خلفه خلال عقود طويلة. بغض النظر عمّا سيصدر عن محكمة العدل الدولية من قرارات ستنصف أهلنا في غزة وتوقف آلية الاجرام الاسرائيلي أم لا، الا أن جبهة دولة جنوب إفريقيا التي فتحتها في هذه المحكمة الدولية كخطوة غير مسبوقة في تاريخ هذا الكيان ووضعه في قفص الاتهام يعد انتصار لدم الشعب الفلسطيني ولتاريخ صراعه من هذا الكيان ولنا هنا أن ندعم جهود جنوب إفريقيا بالكلمة والموقف وتوسع دائرة الاتهام جنبا إلى جنب من خلال الانضمام لهذه الجبهة المشرفة.