الثورات العظيمة لم ولن تموت بل تظل جذورها غائصة في الأعماق وأغصانها تعانق عنان السماء فهي فرصة سانحة لمراجعة كل المراحل التي مرت بالوطن منذ إرهاصاتها الأولى حتى ما بعد إستقرارها فالثورات دوماً في حالة تجدد وفوران وعنفوان وجيشان مدى الحياة.. لذا علينا أن ندرك أن الشعوب دوماً تواقة للثورات والتغيير نحو الأفضل سواء أكان على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي من هنا تبدأ مكونات الشخصية الوطنية المحافظة على هويتها الإسلامية من منطلق المنهج الإسلامي الشامل الذي يسير وفق الشرع والتصور الإسلامي والكون والحياة الرائي التاريخي يرى دائماً أن قوة الشعوب في وحدتها وتكاتفها وتوحيد رؤاها الفكرية والثقافية لأن الاتحاد قوة، ولكن أعداؤنا لا يريدون لنا التقدم والنهوض والاستقرار، بل يريدون أن نكون في موقف ضعف وتمزق وتفكك حتى يحققوا مآربهم الماورائية الدنيئة. وقد أكد أحد المحللين السياسيين بأن في حالة اتحاد الأمة تحت مظلة الإسلام قد يصبحوا خطراً داهماً على العالم أما إذا بقوا متفرقين مذهبياً متناحرين فكريا فيما بينهم فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير، فالأعداء يدركون أهمية القرآن في صدور وعقول الأمة لأنهم يعدون القرآن المصدر الأساس لوحدة وقوة الأمة والعرب والمسلمين, وبقاءه بين أيديهم وفي قلوبهم وعقولهم يؤدي إلى قوتهم وتوحيد صفوفهم ووحدتهم، وقال أحد مفكريهم مادام هذا القرآن موجوداً في صدور وعقول وقلوب المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق. فارقة تاريخية الزمن هو الزمن.. والتاريخ قد يدون زوراً بأيدي العملاء والمأزومين وكثير من الأوطان تمر بمرحلة مخاض عسير، وهذا شيء بدهي لأن سنة الله في خلقة التغيير من حالة إلى حالة أخرى، وكل الشعوب والأمم تمر بمراحل عسيرة ولكن لا بد أن نستفيد من التجارب والخبرات السابقة ففيها الدروس والعبر، فالأوطان لا تُبنى بالكلمات الجوفاء، ولا بالخطب العصماء وإنما تُبنى بالسواعد الفتية وإقامة المشاريع الحيوية وإطلاق العنان للعلماء والخبراء والمتخصصين بطرح رؤاهم.. صفوة القول من المستحيل حجب أشعة الشمس عن الشعوب، فالأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها الأوفياء إذا وجدت النية الصادقة والإخلاص في العمل ارتقت ونهضة الشعوب والأوطان، أما أن يظل الوطن رهن الصراعات السياسية والمذهبية والطائفية والتدخلات الخارجية فلن تقوم له قائمة بل يظل أسير تلك الخلافات والصراعات أياً كان نوعها. لذا علينا أولاً: أن نحدد ماذا نريد؟ أين تكمن مشكلتنا؟ ما هو المطلوب في المرحلة الراهنة قبل فوات الأوان؟ لا داعي للاصطياد في المياه العكرة، وإيجاد الفوارق بين أبناء الوطن الواحد كونوا يداُ واحداُ وقلباً واحداً على أعدائنا في الداخل أو الخارج ولن تصلح الأوطان إلا بصلاح علمائها الذين لا يخشون في الله لومة لائم. كونوا مع الله يكن معكم.!!.