تعتبر قضية اليمن واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في الشرق الأوسط، إذ تتداخل فيها عوامل تاريخية، اجتماعية، وسياسية. ومع تصاعد الأحداث في المنطقة، لا سيما بعد الخلافات الداخلية والتدخلات الخارجية والعدوان الظالم من قوى الشر الإقليمية والعالمية، أُعيد تشكيل الرؤية العالمية نحو اليمن بشكل ملحوظ، وسنتناول كيف أن الأحداث الأخيرة، خاصةً "طوفان الأقصى"، قد أثرت في فهم العالم لليمن ودوره في مجمل قضايا الصراع الإقليمي. ولفهم كيف أعاد "طوفان الأقصى" تشكيل رؤية العالم لليمن، يجب النظر إلى السياق التاريخي والسياسي لهذا البلد. فمنذ عام 2015 شهدت اليمن عدوانا وتدخلا مدمرا بحجة إعادة الشرعية للحكومة المعترف بها.. ما أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة.. وفي ظل هذه الحرب، تدخلت قوى إقليمية ودولية، وهو ما عّقد المشهد أكثر. "طوفان الأقصى" هو اسم العملية التي نفذتها حركة المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة في 7 أكتوبر 2023.. وهي العملية التي أدت إلى عمليات عسكرية ابادية لسكان محافظة غزةالفلسطينية الصامدة التي أطلقها الكيان الإسرائيلي المؤقت ضد حركة حماس المقاومة في فلسطين. وقد كان لذة الأحداث تأثيرات واسعة لا تقتصر على فلسطين فقط، بل امتدت إلى اليمن والدول المجاورة. وقد أدت عملية "طوفان الأقصى" إلى إعادة تقييم التحالفات في المنطقة. فبينما كانت السعودية والإمارات تدعمان ما يسمى الحكومة اليمنية الشرعية، والذي قابله اصطفاف ومساندة حكومة صنعاء لمحور المقاومة والممانعة ضد تحالفات الشر العالمية ما زاد من تعقيد الحرب.. وقد ساعدت هذه الديناميكيات الجديدة في تشكيل كيفية نظرة الدول الكبرى إلى اليمن، حيث أصبحت تُعتبر ساحة للصراع الإقليمي بين القوى المتحالفة مع محور الشر الأمريكي الصهيوني وقوى محور المقاومة والممانعة والمتمثل في إيران وحزب الله في لبنان والعراق وأنصار الله. وتعتبر الأحداث التي أعقبت "طوفان الأقصى" نقطة تحول في إدراك العالم لخطورة العدوان على اليمن وتأثيره على امن المنطقة.. فقد ربط العديد من المراقبين بين تصاعد التوترات في فلسطين وتأثيرها على أنصار الله والجهات الأخرى التي تسعى لتعزيز مواقعها في المنطقة. وفي هذا السياق، بدأت بعض الدول في إعادة تقييم استراتيجياتها الأمنية والسياسية في الشرق الأوسط، حيث أصبحت اليمن جزءًا من المعادلة الإقليمية المعقدة.. وعلى سبيل المثال، زادت حدة الخطاب الإعلامي حول دور أنصار الله في الحرب ضد العدو الإسرائيلي، كونهم جزءاً من محور المقاومة كمحور كبير يشمل إيران وحلفاءها في المنطقة.. هذا الربط بين أنصار الله ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي جعلت اليمن تتصدر عناوين الأخبار بشكل غير مسبوق، ودفعت بعض الحكومات إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه أنصار الله. إلى جانب التأثيرات الإقليمية، التي أدت تداعيات "طوفان الأقصى" إلى زيادة الوعي الدولي بقضية اليمن.. فقد قامت منظمات حقوق الإنسان بتسليط الضوء على الوضع الإنساني المتدهور في البلاد، مشيرةً إلى أن العدوان في اليمن لم يعد مجرد عدوان إقليمي، بل أصبح قضية تتطلب اهتمامًا دوليًا أكبر.. وباتت معظم الدول تجري تفاهمات غير معلنة في بعض الأحيان مع حكومة أنصار الله وتوقع اتفاقيات ومعاهدات معها وهو ما يعكس حجم التأثير الذي استطاعت حكومة صنعاء الوصول إليه وفرضه من خلال مساندتها ودعمها لقضية اليمن واليمنيين الأولى والمركزية والمتمثلة في القضية الفلسطينية كمهمة دينية عقائدية وأخلاقية إنسانية من خلال الإعلان عن عمليات الإسناد للفلسطينيين ستتوقف بمجرد توقف العدو الإسرائيلي عن العدوان على غزة.. وهي المعادلة التي فرضت نفسها على الرأي العالمي.