لقد نص بيان الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الصادر في 14 إبريل 2004م, على عدم قدسية حدود 1967م, والسماح بالتالي للكيان الصهيوني بالتهام ما يشاء من أراضي الضفة الغربية, كما نص على عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وهو ما يهدر حقوق 6 ملايين لاجئ فلسطيني, واعترف وعد بوش بأن الكيان الصهيوني دولة يهودية, وأن من حقها الدفاع عن نفسها بكل الطرق أي ممارسة العدوان والقتل والتهديد بحجة محاربة الإرهاب. علي الشراعي حماية الإرهابيين نجد الرئيس الامريكي بوش الابن يستقبل الإرهابي آرييل شارون رئيس وزراء الكيان الصهيوني بمصافحة حارة ويعانقه- ما أشبهه اليوم بالبارحة بين استقبال الإرهابي شارون من قبل الحكومة الأمريكية واليوم في استقبال الإرهابي نتنياهو من حكومة البيت الأبيض-، كم سيضحك العالم في نفسه وتنعدم ثقته عندما يرى بوش يتشاور مع شارون حول مكافحة الإرهاب، في حين أنه مطلوب للمحاكمة من قبل محكمة العدل الدولية, وهي نفس المحكمة الدولية التي نجحت في توقيف وترحيل (سلوبودان ميلوزوفيتش) الرئيس اليوغسلافي الأسبق بسبب قيامه بجرائم ضد الإنسانية في كوسوفو، ومن هنا يمتنع شارون من السفر إلى بلجيكا خوفا من أن تقوم المحكمة الدولية باعتقاله بسبب تلك المذبحة، رغم أن شارون مطلوب للعدالة بسبب تورطه في مذبحة صبرا وشاتيلا بحق الفلسطينيين في بيروت في سبتمبر 1982م, ولديه سجل حافل بعشرات المذابح الأخرى منها تعود لماضي يصل إلى عام 1953م, كمذبحة قرية قيبية واستشهاد 70 فلسطينياً وكان أكثر الضحايا من النساء والأطفال . جماعة القرن هي جماعة صهيونية تسمى (جماعة امريكا القرن الجديد) نشأت رسميا عام 1997م, وخططت وفكرت وجهزت ودعت إلى غزو العراق من وقتها أي منذ عام 1997م, فالعدوان على العراق واحتلاله عام 2003م, ليس رد فعل على احداث 11 سبتمبر او محاولة لنزع أسلحة دمار شامل تبين بعد ذلك كذبتها, أو القضاء على أنظمة ديكتاتورية أو غيرها من الحجج المعلنة لتبرير العدوان، ففي عام 1998م, دعت تلك الجماعة إلى غزو العراق وأرسلت رسالة بهذا المعني إلى الرئيس الأمريكي وقتها (بيل كلينتون)، وحسب منشورات ووثائق ودراسات تلك الجماعة والتي نشرها عدد من الكتاب والصحفيين الأمريكيين أمثال (ويليام ديفرزبيت) وهو من أشهر كتاب صحيفة نيويورك تايمز وصاحب أكثر الكتب مبيعا في أمريكا مثل: (الحرب على العراق) وكتاب (الصمت أكبر جريمة)، فإن تلك الجماعة تسعى إلى تأسيس أمريكا العظمى أي تحويل أمريكا إلى إمبراطورية كونية، وفي تقرير نشرته الجماعة عام 2000م قالت: (إنه يجب نشر واسع لسياسات الدفاع والدخول في حروب كبرى لتحقيق هذا الغرض) ويسيطر أعضاء هذا الجماعة على الرئيس بوش ودفعوه إلى إصدار أكبر ميزانية دفاعية وعسكرية في تاريخ أمريكا تصل إلى (650) مليار دولار سنويا, وهم ينتشرون في وزارات الدفاع والبيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات ومجالس الأمن القومي والكونجرس بمجلسيه (النواب والشيوخ) وهم على تحالف قوى مع رموز اليمنين المسيحي في الكنيسة البروتستانتية وفي وزارة العدل، وترى هذا الجماعة الصهيونية أن غزو العراق ونشر قوات أمريكية في المنطقة هو مقدمة لتغيير كل الأنظمة غير الموالية لأمريكا أو حتي الموالية لتصبح على استعداد للخضوع الكامل, والسيطرة على البترول, ومن ثم التحكم في اقتصاد العالم، ونشر القوات الأمريكية في كل مكان بالعالم أي عودة الاستعمار الإمبراطوري القديم, وضرب كل الثقافات والديانات التي تشكل عقبة في هذا الصدد وعلى رأسها الإسلام من خلال تغيير مفاهيمه وجعله أكثر عصرية أي تفريغه من مضمونه الحقيقي. تطويع الأممالمتحدة مع مجيء إدارة بوش الابن عام 2001م, لسدة الحكم في البيت الأبيض, دخل وضع الأممالمتحدة ودورها مرحلة جديدة من التراجع وتبلور مفاهيمها حول العمل الانفرادي الدولي في مقابل مفهوم العمل المتعدد الأطراف والتعاون الدولي واستخفافها بقواعد القانون الدولي والمنظمات الدولية واعتبارها عبئا وقيدا على حرية تصرفها, ووصفت مجموعة المحافظين الجدد التي أصبحت ذات دور مؤثر في الإدارة الأمريكية المنظمة الدولية- الأممالمتحدة- بأنها غير ذات موضوع ولم تلجأ الإدارة الأمريكية إلى المنظمة الدولية إلا لكى تحصل على تأييد وشرعية لتصرفها بما يخدم الكيان الصهيوني, وتجاهلتها وتصرفت بشكل منفرد عندما لم تحصل على ذلك, فكانت الأممالمتحدة و مكانتها ضحية الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003م، ومع حصول الرئيس بوش الأبن على ولاية ثانية للرئاسة عام 2004م, وبدعم من اللوبي الصهيوني سياسيا وإعلاميا وماديا وتصويت الناخب اليهودي الصهيوني له في الانتخابات لاستمرار السيطرة الكاملة على القرار الأمريكي وجعله ليس تحت الهيمنة فقط بل اصبح كأداة في تنفيذ مخططات واهداف الكيان الصهيوني وعلى حساب المصلحة القومية للشعب الأمريكي. لذلك مع الولاية الثانية عام 2004م للرئيس بوش الابن اختارت إدارته (جون بولتون) لكي يكون مندوبا دائما للولايات المتحدة لدي الأممالمتحدة، وهو شخصية عرفت بنقدها الحاد للأمم المتحدة , وهو شخصية محسوبة على تيار المحافظين الجدد وشارك منذ التسعينيات ووقع على مشروعاتهم ووثائقهم التي تحمل رؤاهم ومفاهيمهم، وعند تعيينه وصفته (كوندليزا رايس) وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك بأنه ذو عقل صلب المزاج والتفكير وأنه بهذه العقلية ساعد على نجاح المفاوضات التي أدت لتخلى ليبيا عن برامجها النووية وفي توقيع معاهدة خفض الأٍسلحة النووية مع موسكو ووصف من خلال المفاوضات السداسية مع كوريا الشمالية حيث وصف نظامها بأنه (كابوس شيطاني) وإن زعيمها (ديكتاتور مستبد) مما أدى لاستبعاده من المفاوضات، وله عدة تصاريح سابقه منها تصريحه عام 2002م, بأن هدف الولايات المتحدة هو تدمير كوريا الشمالية، وتصريحه عام 2003م, لصحيفة (معاريف الصهيونية) بأنه بعد هزيمة العراق, فإن الولايات المتحدة يجب أن تتعامل مع سوريا وإيران وكوريا الشمالية, كما لعب دورا بارزا عام 1991م, في إلغاء قرار الأممالمتحدة والذي اعتبر الكيان الصهيوني بأنه يمارس العنصرية، وقال أنه يعتبر القرار أكبر وصمة عار على سمعة الأممالمتحدة، أما مواقفه وتصوراته عن الأممالمتحدة فقد استعاد المراقبون قوله: "أنه ليس هناك شيء أسمه الأممالمتحدة" وقوله أيضا: "إذا دمرت عشر طوابق من الأممالمتحدة فلن يكون هناك فرق) وقوله: (إذا أعدت تشكيل مجلس الأمن فسوف أجعله من عضو دائم واحد فقط لأن هذا يعكس توزيع القوة اليوم في العالم, وهذا العضو هو الولايات المتحدة". وعد بوش لم تخطئ الأوساط السياسية والصحفية العربية حين وصفت بيان الرئيس الأمريكي جورد دبليو بوش الصادر في 14 ابريل 2004م, بأنه (وعد بوش) على غرار وعد بلفور الصادر عام 1917م, من وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت والذي وعد اليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين دون المساس بحقوق السكان الأصليين الفلسطينيين، وبديهي أن مسألة عدم المساس بحقوق السكان الأصليين قد تم تجاهله عمليا فيما بعد وغضت بريطانيا الطرف عن ذلك، أما بيان بوش الصادر في 14 إبريل 2004م, فقد نص على عدم قدسية حدود 1967م, والسماح بالتالي للكيان الصهيوني بالتهام ما يشاء من أراضي الضفة الغربية, كما نص على عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وهو ما يهدر حقوق 6 ملايين لاجئ فلسطيني, واعترف وعد بوش بأن الكيان الصهيوني دولة يهودية, وأن من حقها الدفاع عن نفسها بكل الطرق أي ممارسة العدوان والقتل والتهديد بحجة محاربة الإرهاب. خداع العرب بين وعد بوش 2004م, ووعد بلفور 1917م, كثير من نقاط التشابه وأيضا بعض نقاط الاختلاف, فوعد بلفور 1916م, جاء في أعقاب قيام زعماء عرب بمساعدة بريطانيا في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م) مساعدات كبيرة ضد الدولة العثمانية التي كانت متحالفة مع الألمان ضد الحلفاء على أمل أن يتم مكافأة هؤلاء الزعماء العرب بالاستقلال وإقامة دولة عربية كبرى, ولكن الذي حدث أن هؤلاء أخذوا جزاء سنمار وتنكر لهم الحلفاء عامة وبريطانيا خاصة جملة وتفصيلا, بل تم اقتطاع جزء من أغلى الأراضي العربية (فلسطين) ومنحها لليهود من خلال وعد بلفور, الأمر نفسه تكرر مع حلفاء أمريكا من الزعماء والحكام العرب الذين بذلوا الغالي والرخيص من أجل مساعدة أمريكا والتحالف معها منذ حرب الخليج الثانية عام 1991م, وحتى احتلال العراق في أبريل 2003م, على أمل أن يتم عمل تسوية للقضية الفلسطينية تراعى شيئا من الحقوق الفلسطينية, ولكن الذي حدث أن هؤلاء أيضا أخذوا جزاء سنمار, بل إن وعد بوش جاء ليقضى على كل وعود أمريكا وحولها من وسيط إلى طرف في الصراع منحاز إلى الكيان الصهيوني، بل أكثر من هذا أن وعد بوش صدر في وقت كان أحد الزعماء العرب لا يزال موجودا على الأراضي الأمريكية وعقب يوم واحد من اجتماعه بالرئيس الأمريكي بوش، وإذا كان وعد بلفور قد أعطى وطنا قوميا لليهود فإن وعد بوش قد الغى الحقوق الفلسطينية تماما, ونسف فكرة السلام من جذورها, واعترف بيهودية الدولة الإسرائيلية, بل وأعطى تلك الدولة ميزة التوسع من خلال العدوان وبالتالي سيادة شريعة الغاب, بل وجعلها الدولة المهيمنة على المنطقة عسكريا وأطلق يدها في أن تقوم بما تشاء من عدوان وقتل وتدمير بحجة محاربة الإرهاب, ومع الاحتلال الأمريكي للعراق فإن المسألة بوضوح أصبحت أننا أمام عدو واحد هو العدو الأمريكي الصهيوني, وأنه في الحقيقة لا فرق هناك بين أمريكا والكيان الصهيوني، وأن كل الاحزاب والقوى والمؤسسات الأمريكية بما فيها الحزب الديمقراطي بالإضافة إلى الحزب الجمهوري, اتخذت نفس الموقف من وعد بوش للكيان الصهيوني عام 2004م, وهكذا فنحن الدولة الأمريكية والمؤسسة الحاكمة وليس أمام فقط مجرد إدارة بوش اليمينية المتطرفة والتي أصبحت بيد الصهيونية كلها! خطة شارون وإذا كان وعد بلفور قد وصف بأنه أعطى من لا يملك لمن لا يستحق فالأمر نفسه ينطبق على وعد بوش, بل أكثر من ذلك أن بوش اعتبر نفسه وكيلا عن الشعب الفلسطيني وحدد ملامح الحل المتمثل في خطة الإرهابي شارون للانسحاب من غزة عام 2005م, بدون تفاوض أو استشارة الفلسطينيين وهو أمر خطير وسابقة نوعية خطيرة لأن معنى ذلك أن كل من أمريكا والكيان الصهيوني تعتبر أنه لا وجود للشعب الفلسطيني ولا وجود للسلطة ولا حتى وجود للزعماء والحكومات العربية بما فيها من معتدلين ومتطرفين وموالين ومعادين، فالكيان الصهيوني لن يعطى شيئا حقيقيا للفلسطينيين, فالانسحاب المزعوم من غزة هو نوع من إعادة الانتشار خارج المناطق السكانية, ويمكن للجيش الصهيوني العودة وقت ما يشاء ويجتاح غزة-وهذا ما حدث فخلال عهد الرئيس بوش الابن كان عدوان الكيان الصهيوني على غزة خلال 2008 و2009م، ليتكرر العدوان والاجتياح برئاسة خلفه أوباما في 2014م، وأكثر ضراوة ما يحدث اليوم ومنذ عام من اجتياح جيش الكيان الصهيوني لمدينة غزة وتدميرها وإبادة سكانها-وكذلك فإن السيادة الجوية والبحرية والسيادة على الحدود والمعابر كلها للسلطات الصهيونية, ومع استمرار بناء الجدار العازل فإن ما هو متاح هو مجرد (أقفاص دجاج) للفلسطينيين وليست دولة, لأن ما هو متاح لا يعطى أي قدر من المصداقية أو الواقعية لكلمة دولة، لهذا فإن المسألة بهذه الطريقة تقول للفلسطينيين وللعرب والمسلمين: إما أن تقاوموا وإما أنكم عبيد لا أكثر ولا أقل. حرب صليبية وهكذا فإن كل من وعد بلفور ووعد بوش يثبتان أن التربص والعدوان والغدر ضد العرب والمسلمين ليس سلوكا يهوديا صهيونيا فقط بل هو سياسة غربية ثابتة بريطانيا ثم أمريكا، وأننا ليس أمام لوبي صهيوني يتحكم بالقرار السياسي الأمريكي بل نواجه وجداناً صليبياً غربياً مغرقاً في العداء والحقد على العرب والمسلمين, وأن المعركة واحدة وهي معركة مع التحالف الغربي الصهيوني وليس مع الكيان الصهيوني فقط،- وهذا ما تثبته اليوم معركة طوفان الأقصى وتحالف الغرب كله ودعمهم عسكريا وسياسيا واقتصاديا واعلاميا للكيان الصهيوني بجرائمه وإرهابه وتدميره وإبادته لسكان غزة عبر سلاح غربي-، وان التفسير لتلك الخطوة الأمريكية الخطيرة والنوعية في إصدار مثل هذا الوعد في هذا التوقيت فالمسألة تخضع لتوجهات استراتيجية عميقة في الوجدان الغربي تجد الفرصة لتعبر عن نفسها, إنها العدوان والروح الصليبية القديمة الجديدة, وقد انطلقت تلك الروح من عقالها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بمنظومته الاشتراكية وحلف وارسو العسكري, ثم حالة الانبطاح والتردي الحكومي العربي مع وصول إلى سدة الحكم في امريكا اليمين المتطرف المؤمن بالمسيحية الصهيونية يقابله وصول اليمين اليهودي الصهيوني للسلطة في الكيان الصهيوني مع وجود اللوبي الصهيوني في مؤسسات الحكومة الامريكية ووصول رئيس للبيت الأبيض يؤمن بالصهيونية، ويوضح خلفيات وعد بوش الدكتور محمد السيد سعيد في مقال جعل عنوانه (حول وعد بوش المشؤوم) حيث اعتبر ان هذا الوعد انهى أي فرصة للسلام بل أن هذا السلوك من الإدارة الأمريكية بأن بوش الأبن يخضع لتفسيرات توراتية ومسيحية صهيونية معينة حول معركة هرمجدون, فهو يريد دفع العداء والمواجهة بين العرب وأمريكا إلى أقصى حالاته بحيث لا يمكن العودة عن هذه المواجهة, وبالتالي تجهيز المسرح لمعركة هرمجدون). المواجهة والمقاومة فزبدة القول بعد ادراكنا لحقيقة النوايا والاعمال والسيطرة الصهيونية على القرار الامريكي بل والتآمر الغربي على العرب والمسلمين قيادة وشعوبا إنه من خديعة النفس بل الخيانة والانبطاح السعي لإرضاء الغرب أو أمريكا أو محاولة إقناعها بالحقوق العربية فهو نوع من الوهم, وكذلك فإن وهم تحقيق أي شيء من خلال الوساطة الأمريكية أو التغافل عن أن أمريكا هي العدو هو نوع من الوهم والغباء أو حتى ضرب من الجنون, لذلك فإنه لا توجد طريق أخرى سوى المواجهة والمقاومة.