لم يكن ذلك الصمود والثبات لفصائل المقاومة في غزة والضفة وقدرتها على التنكيل بالعدو، وامتلاك ترسانة الأسلحة المنكلة به ومخزون الصواريخ الكافي لردعه، وليد اللحظة،. وبالإضافة إلى أن مصدر هذا النصر الإلهي ناجم عن عدالة القضية، والقوة الإيمانية للمقاومة، وروحية البذل والعطاء والتضحية جهادًا في سبيل الله، فإنه يعد ثمرة من ثمار الثورة الإسلامية في إيران، وجهودها الصادقة مع القضية،. فمنذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني رحمه الله عليه، كانت القضية الفلسطينية همه الأول، فأعاد توجيه بوصلة العداء لليهود والغرب الكافر، الأعداء الحقيقيين لله ورسوله والمؤمنين والدين والأمة، وهم من حذرنا الله منهم في كتابه الكريم، والمحتلون لأرض فلسطين العربية ومقدسات الأمة المتمثلة بالمسجد الأقصى مسرى نبيها في القدس الشريف،. ومن هذا المنطلق دعا المسلمين لإحياء يوم القدس العالمي، وتقديم الدعم الكامل لحركات المقاومة في فلسطين، لتصبح يوم القدس البذرة الأساس والمنطلق الصادق والحقيقي المتمخض عنه محور متكامل، والمسمى اليوم محور القدس والجهاد والمقاومة،. ومنذ ذلك اليوم، عملت قيادة الثورة في الجمهورية الإسلامية في إيران على دعم حركات المقاومة انتصارًا لمظلومية الشعب الفلسطيني، وتقديم الدعم بالإمكانات اللازمة، فقدمت لها الدعم المالي والفني والتقني وتأهيل الكادر البشري وبناء طاقات قادرة على تصنيع مختلف الأسلحة والصواريخ، ونقل الخبرات المتطورة، للتمكن من كسر ولجم العدو الغاصب حتى صارت المقاومة صلبة وقوية وعصيّة على الانكسار، وأضحت مقاومة أصلها ثابت وفرعها في السماء. إن محور القدس والجهاد والمقاومة أصبح اليوم بفضل الله تعالى أشد بأسا وقوة وتوحدا، تشكلت بموجبه وحدة الساحات. وبات اليوم أقدر على مواجهة العدو الغاصب وكسر شوكته وهيمنته في المنطقة، ومواجهة كل المخاطر المحدقة بالأمة، فتلك هي بركات الإمام الخميني، فجزاه الله عن الأمة خير الجزاء. إن وحدة الساحات كانت نتاجًا طبيعيًا لوحدة الهدف، وبوحدة الهدف ووحدة الساحات، تمكن المحور، بفضل الله سبحانه وتعالى، من بناء غرفة عمليات مشتركة، انبثقت منها جبهات متعددة، من أهمها الجبهة الإعلامية، كجبهة قوية وصلبة وثابتة، ذات عقيدة إيمانية راسخة، وقادرة على مواجهة الجبهة الإعلامية المعادية بماكينتها الإعلامية الأكثر نفيرًا وانتشارًا في العالم، والأكثر تمويلاً من قبل الأعداء،. ومع المساوئ والمخاطر التي رافقت الربيع العربي، التي أسهمت اسهاماً كبيرًا في تغلغل قوى الاستكبار العالمي في بلداننا وتعزيز هيمنتها، والاحتلال الأمريكي للعراق من قبل ومحاولته احتلال سوريا للإطاحة بالنظام السوري الداعم لقوى المقاومة في لبنانوفلسطين، وتدخله السافر في بلادنا، اليمن، وما سبق ذلك من صناعة للقاعدة وداعش وجبهة النصرة وأنصار الشريعة، والكثير من الأدوات الأمريكية في المنطقة، سعياً منه لحماية وتأمين الوجود الإسرائيلي وتدمير أي قوة تمثل خطرًا وجوديًا على الكيان في المنطقة، ناهيك عن محاولته وسعيه الدؤوب لتوجيه بوصلة العداء والسخط العربي والإسلامي نحو إيران كونها الداعم الرئيس لحركات المقاومة،. ويمكن القول أن محور الشر الأمريكي حقق مكاسب لا يستهان بها وإيجاد شرخ في جسد الأمة، إلا أنه فشل فشلًا ذريعًا في الحؤول دون توسع محور الجهاد والمقاومة، بانضمام اليمن بعد ثورة 21 من سبتمبر في العام 2014 ميلادية، والعراق من بعد جرائم داعش والقاعدة فيها،. وبهذا التحول والتغير في موازين القوى لصالح محور الجهاد والمقاومة، أصبح اليمن رقمًا صعبًا خاصةً بعد الثبات والصمود وكسر شوكة العدو الأمريكي وتحالفه المنهزم في معارك الدفاع والذود عن اليمن، حيث حقق انتصارات على قوى الطاغوت والهيمنة على مدى عشر سنوات من العدوان الإجرامي والحصار الظالم على اليمن. وبانفجار طوفان الأقصى، أعلن القادة المجاهدون المؤمنون في لبنانواليمنوالعراق دعمهم واسنادهم ووقوفهم جنبًا إلى جنب مع المقاومة في غزة لمواجهة العدوان الإجرامي الصهيوني بهدف ردع العدو وإجباره على وقف عدوانه السافر بحق المدنيين ولجم التوحش الصهيوني، وفك الحصار، مهما كلف هذا الاسناد والدعم ومهما بلغت التضحيات، ومن اليوم الأول للطوفان خرج أبناء الشعب اليمني إلى الساحات تأييدًا ودعماً لإخوانهم في غزة وانتصارًا لمظلومية الشعب الفلسطيني، وترجمةً عمليةً لوحدة الساحات. وقد توج هذا الخروج الجماهيري العفوي بخطابٍ تاريخيٍ، أعلن فيه قائد الثورة اليمنية، السيد/ عبد الملك الحوثي رضوان الله عليه، وقوف اليمن قيادةً وشعبًا إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم ومقاومته الشريفة في غزة، وعلى رأسها حركة حماس والجهاد الإسلامي، وباقي الفصائل وعبر عن استعداد اليمن للمشاركة في مواجهة كيان العدو الغاصب بكل الوسائل والإمكانات المتاحة، داعيًا نظام قرن الشيطان لفتح الحدود أمام مئات الآلاف من الشعب اليمني للزحف إلى الأراضي المحتلة للقتال إلى جانب المقاومة ، لكن دعوات السيد القائد المتكررة قوبلت بصمت نظام آل سعود،. كما شهد اليمن حراكًا شعبيًا ورسميًا وعسكريًا بدءًا بالخروج الشعبي الأسبوعي المليوني، وتقديم الدعم المالي، ومن ثم البدء بالعمل العسكري فدشنت القوات المسلحة عمليات الإسناد بتوجيه الضربات الصاروخية إلى كيان العدو الغاصب في ميناء أم الرشراش - إيلات - وتصاعدت العمليات على مراحل، وأهمها اقدام القوات المسلحة اليمنية على حصار البحر الأحمر في وجه العدو الصهيوني، فتمكن اليمن فعلاً من ضرب حصار مطبق على ميناء أم الرشراش، لتتطور المواجهة البحرية إلى مواجهة مع الشيطان الأكبر، الأمريكي والبريطاني، ولم يستطع شيطان أمريكا فعل شيء لفك الحصار على كيان العدو المحتل، بل تمكن اليمن من توجيه ضربات مؤلمة وقاصمة للأمريكي والبريطاني وما يسمى بتحالف الازدهار الذي عجز عن ثني اليمن عن القيام بواجبه الديني والإنساني والأخلاقي في دعم واسناد الشعب الفلسطيني المظلوم،. وكان على الشيطان الأكبر الداعم الحقيقي والشريك الأساس في العدوان على غزة، أن يعمل على إيقاف ذلك العدوان الهمجي الإجرامي على غزة لفك الحصار اليمني على العدو في البحرين الأحمر والعربي، ولكنه بدلًا من ذلك أخذته العزة بالآثم، فاستكبر وظن أن لن يقدر عليه أحد، وأن بمقدوره كسر الإرادة اليمنية التي لا تلين ولا تنكسر، وكانت النتيجة الطبيعية استمرار اليمن في عملياته البحرية وتوسع نطاق المواجهة لتشمل المحيط الهندي ووصولًا إلى البحر المتوسط مؤخرًا، وتمكن اليمن بفضل الله تعالى من استهداف وإحراق وإغراق الكثير من السفن التي تعمل لصالح الكيان الغاصب إضافة إلى استهداف السفن الحربية وبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية الأضخم في العالم والتي عجزت عن رد البأس اليماني وحماية نفسها فضلا عن توفير الحماية لكيان العدو، فلاذت بالفرار خوفًا من الضربات اليمنية ذات البأس الشديد، وكان لهذا الحصار اليمني على ميناء أم الرشراش في الأراضي المحتلة أثره الاقتصادي الكبير على الكيان، إلا أن ملوك وأمراء العهر الأعراب، الأشد كفرًا ونفاقًا، عز عليهم رؤية العدو محاصرًا وهان عليهم الشعب الفلسطيني فطعنوا الأمة وقضيتها في ظهرها، خيانةً لقضيتهم، وكسروا الحصار اليماني حتى لا يعجل بكسر عنجهية الكيان الغاصب المحتل الخبيث ووقف عدوانهم على غزة، وذلك بإقدامهم على فتح جسر جوي وبري يؤمن نقل البضائع ومحتاجات العدو الغاصب من دبي، وعبر الأراضي العربية في نجد والحجاز، مرورًا بالأردن، وصولًا إلى الأراضي المحتلة،. والحقيقة التي سيسجلها التاريخ للأجيال أن اليمن استطاع ولأول مرة إغلاق البحرين الأحمر والعربي فعليًا وضرب حصار مطبق على كيان العدو، وتطهيرهما من الرجس الأمريكي، ومرغ أنف الأمريكي بالتراب بالرغم من الخذلان العربي، وهذا الانجاز يحسب لليمن وقواته المسلحة وسيخلده التأريخ لتفاخر به الأجيال،. إن اليمن بقيادته الثورية الحكيمة، ماضٍ بعمليات الإسناد، وفقًا لمراحل تصعيدية دشنت المرحلة الخامسة بصاروخ فرط صوتي فأصاب هدفًا في عاصمة الكيان، يافا، بعد استهدافها بمسيرة يافا،. ويعمل اليمن جاهدًا على تقديم الدعم والعون والإسناد بكل الوسائل والامكانات المتاحة، ولن يتخلى عن نصرة المجاهدين في غزة وجنوب لبنان ولو استوجب الأمر البدء بالزحف البري، وهذا ما أكده صاحب القول والفعل سماحة السيد القائد سلام الله عليه، في خطاب تدشين المولد النبوي الشريف، للمشاركة في المواجهة البرية، والتي حتمًا ستكون. ولعل التحاق مئات الآلاف من الشباب بمعسكرات التدريب والتأهيل للإعداد والتهيئة لمعركة الفصل والفتح الموعود، والتي سنشهد أحداثها قريبًا بإذن الله وكلما تطورت المواجهات وتوسعت كلما اقترب موعدها،. وكما كان لدخول اليمن كجبهة اسناد قوية وفاعلة في معركة الطوفان الأثر الإيجابي في تطوير ترسانة أسلحتها المختلفة ومنظوماتها الصاروخية بأنواعها وأساليب المواجهة في كل الظروف، ومع تفوقها في إسقاط أحدث طائرات الاستطلاع (mq9 ) وهي هجومية بنفس الوقت، إلا أنه يظل أمامها تحدي طائرات ال( f ) على اختلافها، وبالتوكل على الله والاستعانة به فلا شيئ يحول دون ذلك، وبدورنا فإننا نشد على أيدي قواتنا المسلحة لبذل كل الجهود الممكنة والمتاحة لتطوير منظومات الدفاع الجوي لحماية كافة الأجواء اليمنية من أي عدوان جوي محتمل. وإلى العراق وما أدراك ما العراق التي أثبتت مقاومتها الشريفة والعزيزة والكريمة بقيادة الحشد الشعبي العراقي، أنها في مقدمة الصفوف، وكانت بالفعل بمستوى المسؤولية، وبادرت بالدعم والإسناد المستمر، وتوجيه الضربات المتواصلة، فاستهدفت القواعد الأمريكية في المنطقة، واستهدفت كيان العدو في عمق الأراضي المحتلة بضربات قوية وفاعلة وموجعة للعدو، ولاسيما بعملياتها المشتركة مع القوات المسلحة اليمنية في البحر الأبيض المتوسط بهدف إطباق الحصار على كيان العدو للضغط عليه وإجباره على وقف عدوانه السافر على القطاع،. وعلى الرغم من التضحيات التي يقدمها اليمن والحشد الشعبي في العراق والعدوان الأمريكي البريطاني والإسرائيلي على البلدين واستهداف قادة كرماء من الحشد الشعبي وسقوط قوافل من الشهداء، إلا أنهم ارتقوا شهداء على طريق القدس والقضية، ولا تزيد الأحرار الشرفاء إلا ثباتا وإصراراً على الجهاد في سبيل الله. وما كان لحزب الله في لبنان أن ينأى بنفسه عما يجري في غزة سواء من قبل الطوفان أو من بعد ذلك، إذ يعد جزءا لا يتجزأ من المقاومة في الداخل الفلسطيني، وهو العمق الاستراتيجي والامتداد الطبيعي لحركات المقاومة الفلسطينية، ولم يكن ليقف مكتوف الأيدي في هذه المعركة المقدسة، ونهض بواجبه المقدس من اليوم التالي لطوفان الأقصى، في الثامن من أكتوبر، بالداعم والإسناد فأشعل الجبهة الشمالية الأكثر إيلامًا للعدو، بقصف المستوطنات في شمال فلسطين وتوجيه الضربات الحيدرية المنكلة بالعدو الغاصب، بالأسلحة المناسبة وفقا لمقتضيات المعركة تمكن من خلالها تحييد وإشغال ثلث جيش العدو الصهيوني بالجبهة الشمالية، وتهجير مئات الآلاف من مستوطني المغتصبات الصهيونية في شمال فلسطينالمحتلة،. ولا شك أن حركات المقاومه في غزة والضفة وحزب الله في لبنان قدمت التضحيات الجسيمة وتكبدت لخسائر مادية وبشرية كبيرة، وارتقى في ملحمة الطوفان عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى من المواطنين الأبرياء، وثلة كبيرة من المجاهدين والقادة العظماء وكلهم شهداء في سبيل الله وقرابين للنصر القادم والفتح الموعود على طريق الأقصى والقدس والتحرير وفي مقدمهم سيد شهداء المقاومة والجهاد الشهيد القائد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله ومن قبله الشهيد القائد اسماعيل هنية رئيس حركة حماس وغيرهم من القادة العظماء، ولكن كل هذه التضحيات تهون في سبيل الله، ولن تؤثر على أداء وقوة وبأس المجاهدين في الجبهات والثغور بل ستزيدهم قوة إلى قوتهم وبأسا إلى بأسهم وتمسكا بجهادهم ومقاومتهم وأشد تنكيلًا بالعدو الغاصب وإصرارًا على تحقيق الأهداف ودحر الأعداء،. وسيمضي الأحرار الكرماء بكل عزة وشموخ وإباء حاملين اللواء مستعدين للتضحية والفداء وهم أهل لحمل المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية المقدسة، نصرةً لقضية الأمة العادلة جهادًا في سبيل الله، ونصرةً للمستضعفين، ومن أجل عزة وكرامة الأمة بأسرها. ....... يتبع