الذي يعتقد خاطئًا بدافع إنبهاره بزخرف باطل حضارة رُعاة البقر، بأن أمريكا هذه الإمبراطورية الإستعمارية العالمية الكاسحة والغاشمة التي قامت على الخراب والدمار وعلى جرائم الإبادات لملايين البشر، هي قبلة التحضر وكعبة المدنية والرقي ورمز المُثل والقيم الإنسانية العليا، وملاذ الخائفين وايقونة الديموقراطية والعدالة والمساواة في هذا العالم البائس كما تدعي هي لنفسها ذلك، فهو واهم وغبي جداً، بل ومُجافٍ بمثل ذلك الإعتقاد الخاطئ للحقيقة والواقع اجمالاً وتفصيلا فأمريكا المعروفة بإسم الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تأسست قبل أكثر من مائتي سنة وتضم حالياً 52 ولاية وتضم خليط من الأجناس والقوميات والإثنيات بينها الأسيوية والأفريقية، والأهم الأوروبية التي هاجرت من أوروبا في أعقاب اكذوبة الكشوفات الجغرافية المزعومة التي هي في الأساس حملات استعمارية غربية مُنظمة، تُعد بهذا التنوع والتعدد بمثابة الشيطان الأكبر في هذا العالم، ورمز الإستكبار والإستعباد للشعوب فضلاً عن ذلك فأمريكا صاحبة تمثال الحرية الزائف التي تفاخر به تعتبر أصل الشر ومنبع الإرهاب وكل الجرائم، ولا أُغالي إذا قلت: إن هذه الملعونة المُجرمة المُسماة (الولاياتالمتحدةالأمريكية)، هي البلاء العظيم الذي ابتلى الله به البشرية جمعاء والعالم برمته، ولا يمكن أن تكون غير ذلك بكل المقاييس والآراء والمعايير والمحددات والتصورات المُنصفة والصائبة والسليمة وهي بلا ريب أسوأ وأفظع من كل ذلك وسواه لأكثر من سبب لا يمكن اغفاله وتجاوزه والمرور عليه مرور الكرام دون التوقف عنده للتأمل والتمحيص وأخذ العبرة والحذر والحيطة، طالما وأمريكا هذه منذ عُرفت وبرزت على سطح الأحداث ومسرح التاريخ الإنساني والعالمي شر في شر، ولم تزل كذلك. وبالرجوع إلى أساس ومنبع الشر الذي تُمثله وتُجسده أمريكا قولاً وفعلاً ونصًا وروحًا، لابد من أن تلفت انتباهنا حقيقة دامغة تُشير صراحةً، إلى إن المشروع الإمبريالي الأمريكي رغم تعثراته وأزماته المتلاحقة قام منذ استقلال الولايات الثلاث عشرة في البداية عن بريطانيا في عام 1776م، على ظاهرة التوسع والغزو، وضم الأراضي لهذا الكيان الإستعماري الغربي الوليد المُسمى (الولاياتالمتحدة) بالقوة ولم يمر عقد من الزمن في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ نشأتها وقيامها إلا وكانت متورطة في حرب كبرى حيث شهدت الولاياتالمتحدة نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وبدايته حروباً مع البحارة الجزائريين قبالة سواحل الجزائر، فيما يسميه الأمريكيون الحروب البربرية بين عامي 1801 و1805م، ثم عامي 1815 و1816م. وخلال هذه الفترة وقعت حرب بين الولاياتالمتحدةوبريطانيا التي كانت تستعمر وتحتل معظم دول العالم؛ وذلك في العام 1812م، تمكنت خلالها القوات البريطانية من التقدم في اتجاه واشنطن واحراق البيت الأبيض ومنع غزو الأمريكيين لكيبيك الكندية الواقعة تحت التاج البريطاني . والمعروف أن الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تأسست على الحروب والدمار وقتل الأبرياء، كانت قد بدأت حروبها ضد الهنود الحُمر السكان الأصليين لأمريكا الشمالية فيما عُرِف بالحروب الهندية لمدة ثلاثة عقود من الزمن، تم خلالها نهب أراضي الهنود الحمر وقتل معظم سكان أمريكا الشمالية الأصليين والتي تُقدر أعدادهم بالملايين في سلسلة جرائم إبادات جماعية لهم كانت تنفذها بدمٍ بارد ولأنها دولة شريرة قامت على السلب والنهب والإجرام والسطو على حقوق الآخرين، شنت الولاياتالمتحدة في عام 1848م، حرباً ضد المكسيك أسفرت عن استيلاء أمريكا على كامل الولاياتالمكسيكية الواقعة إلى الشمال من نهر الريو غراندي، وأبرزها تكساس ونيو مكسيكو ونيفادا وكاليفورنيا الغنية بمناجم الذهب وأمريكا هذه تؤمن بما تُسميه (القدر المحتوم)، وهو مُصطلح سياسي اخترع في عام 1845م على يد كاتب المقالات المحافظ "جون أوسوليفان"، الذي زعم في مصطلحه هذا أن الله وهب الولاياتالمتحدةالأمريكية، الشابة المسيحية اللييبرالية "قَدَراً محتومًا" للسيطرة على أمريكا الشمالية من المحيط إلى المحيط، وقد شجع بهذا الأمريكيين على الإستيلاء على ولاية تكساس المكسيكية وولاية أوريغون التي كانت تحت سيطرة بريطانيا، وهي أكبر بكثير من ولاية أوريغون اليوم بقوة السلاح ، وإذا لزم الأمر بإسم الديمقراطية وخلال الحرب الأمريكية- المكسيكية (1846- 1848م) أستخدمت الصحافية الأيرلندية الأمريكية "جين كازنو" مُصطلح (القدر المحتوم) من جديد، داعيةً الولاياتالمتحدة إلى ضم المكسيك بأكملها . ومن المعلوم أن الجيش الأمريكي تمكن من الإستيلاء على مدينة مكسيكو سيتي، وفرض على المكسيكيين التنازل عن 55 بالمائة من أراضيهم، ومنها الولاياتالأمريكية الحالية: كاليفورنيا ونيفادا ويوتا وكولورادو وأريزونا ونيو مكسيكو، وأجزاء من ثلاث ولايات مكسيكية أخرى . وقد تذرع المورمون وغيرهم من الرواد والمستوطنين الأمريكيين الذين قدموا لأمريكا الشمالية من بلدان أوروبية كمستعمرين ومحتلين بحماس شديد بما اعتبروه "المثل الأعلى الأخلاقي" للتقدم غربًا دون عوائق، وتمكنوا من طرد السكان الأصليين من أراضيهم التي انتزعوها منهم بالقوة وحتى إبادتهم بأبشع الصور وهُناك لوحة شهيرة في ذلك الوقت حملت عنوان "التقدم الأمريكي" للرسام الأمريكي "جون غاست" 1842- 1896م، تقود الملاك "كولومبيا"- أمريكا هنا- قوافل المستوطنين إلى الغرب المتوحش، وقد تم استنساخ تلك اللوحة في آلاف النسخ الطباعية التي كانت تحظى بشعبية كبيرة آنذاك بين المستوطنين كطمأنة زعمت بأن الله كان يرافقهم في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر للإستيلاء على أراضي الغير وطرد سكانها الأصليين منها والتخلص منهم بجرائم الإبادة الجماعية ويُقال أن معركة "ريو سان كبرييل" كانت معركة حاسمة في الحرب المكسيكية- الأمريكية خلال 1846- 1848م، كجزء من غزو الولاياتالمتحدة لكاليفورنيا، ويُقال أيضًا: إن مصطلح "القدر المحتوم" الأمريكي الإستعماري هذا، قد شكل الأساس الديني للإمبريالية الأمريكية المتوحشة، ناهيك أنه اعطى للمستوطنين البيض امتيازات خاصة منحوها لأنفسهم مقابل السكان الأصليين. وعادةً ما تلجأ أمريكا إلى استخدام واستحضار ذلك المصطلح السياسي العنصري المعروف بالقدر المحتوم، في تمرير مشاريعها التآمرية الهدامة وأطماعها في الإستيلاء على أراضي وثروات الشعوب سواء في قارة أمريكا الشمالية والجنوبية أو في غيرهما من مناطق العالم المختلفة، وهي بذلك تدعي لنفسها حقًا إلهياً مزعومًا وبه تمضي أمريكا قدمًا في ارتكاب مزيد من الجرائم بحق الإنسانية والعالم الذي ابتلي بها . ..... يتبع .....