إصلاح المهرة يقيم ندوة سياسية حول دور المرأة الإصلاحية في التأسيس والبناء    وقفة احتجاجية في المعهد العالي بالجوف تنديدا بجرائم العدو الصهيوني    تدشين بطولة سبتمبر لكرة اليد في مأرب    مجلس القيادة الرئاسي يحتضر.. هل تنقذه الرياض من الموت السريري؟    بيان مهم للقوات المسلحة الساعة 10:20 مساء    مجلس الأمن الدولي يصوّت على مشروع قرار جديد بشأن غزة    إصابة 4 مواطنين بنيران العدو السعودي في صعدة    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    انخفاض صادرات سويسرا إلى أميركا بأكثر من الخُمس بسبب الرسوم    مجلس القضاء الأعلى ينعي القاضي عبدالله الهادي    اشتباكات بين حملة أمنية ومسلحين في مدينة تعز    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    السيد القائد يوجه تحذير شديد للسعودية : لا تورطوا أنفسكم لحماية سفن العدو    الأرصاد: حالة عدم استقرار الأجواء ما تزال مستمرة وتوقعات بأمطار رعدية على أغلب المحافظات    المحرّمي يعزِّي في وفاة المناضل والقيادي في المقاومة الجنوبية أديب العيسي    استمرار نزوح الفلسطينيين هربا من القصف الإسرائيلي المتواصل على مدينة غزه    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    مقتل مسؤول محلي بمدينة تعز    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    تغييرات مفاجئة في تصنيف فيفا 2025    تعز.. احتجاجات لعمال النظافة للمطالبة بسرعة ضبط قاتل مديرة الصندوق    برغبة أمريكية.. الجولاني يتعاهد أمنيا مع اسرائيل    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين بتعز برصاص مسلحين    يامال يغيب اليوم أمام نيوكاسل    النصر يكرر التفوق ويكتسح استقلول بخماسية أنجيلو    مفاجأة طوكيو.. نادر يخطف ذهبية 1500 متر    نتائج مباريات الأربعاء في أبطال أوروبا    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    دوري أبطال آسيا الثاني: النصر يدك شباك استقلال الطاجيكي بخماسية    قيادي في الانتقالي: الشراكة فشلت في مجلس القيادة الرئاسي والضرورة تقتضي إعادة هيكلة المجلس    حياة بين فكي الموت    مواجهات مثيرة في نصف نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    واقعنا المُزري والمَرير    تعز.. وفاة صيادان وفقدان ثالث في انقلاب قارب    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    مجلس وزارة الثقافة والسياحة يناقش عمل الوزارة للمرحلة المقبلة    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    غياب الرقابة على أسواق شبوة.. ونوم مكتب الصناعة والتجارة في العسل    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    كأنما سلخ الالهة جلدي !    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من غزة إلى اليمن .. السيد الحوثي يكشف خطوط المعركة الكبرى
نشر في 26 سبتمبر يوم 04 - 04 - 2025

خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي جاء ليؤكد مجددًا على الثوابت الاستراتيجية التي تنطلق منها صنعاء في تعاملها مع الأحداث الإقليمية والدولية، وليوضح مسار المواجهة الذي تخوضه اليمن في إطار محور المقاومة ضد المشروع الأمريكي الصهيوني
كان الخطاب محمّلاً بنبرة من يعرف أن ما يحدث في غزة ليس مجرد حرب، بل محطة فاصلة في عمر المنطقة، بل وفي صلب معنى الوجود العربي ذاته.
كان السيد يقول – دون أن يحتاج إلى العبارة – إن ما نراه اليوم هو سقوط أخلاقي عالمي يتدحرج من فوق منصة الأمم المتحدة حتى أرصفة العواصم الأوروبية التي تقمع صوت طلابها. لم يكن الخطاب تصعيدًا بقدر ما كان تذكيرًا بأن المسألة ليست فلسطين وحدها، بل معيار الأخلاق الكونية في زمن السوق والعهر السياسي.
السيد الحوثي الذي لم يعتد أن يتحدث بلغة المهزومين، كان يُعرّي العدو الإسرائيلي ويضعه في صورة الكائن المتوحش الذي يتغذى على أشلاء الأطفال الفلسطينيين بتمويل أمريكي واضح، لا لبس فيه. لم تكن الإدانة أخلاقية فقط، بل وصف دقيق لماكينة إبادة تمارس القتل بنَفَس بارد، بينما يراقب العالم المشهد كأنه جزء من مسرحية تلفزيونية انتهت صلاحيتها الأخلاقية منذ سنوات.
لكن اللافت، كالعادة، أن خطاب السيد لا ينفصل عن الحقل العمل... هجمات بحرية، حظر للملاحة، إسقاط للطائرات، رد مباشر على العدوان الأمريكي، تحرك شعبي واسع، تأكيد على أن اليمن – بمقاومته – لم يعد على الهامش، بل في قلب معادلة الردع الإقليمي.
وكأنه يريد أن يقول نحن هنا لا لنستنكر، بل لنصنع أثراً، والدم اليمني لم يعد حزينًا وحيدًا، بل ممتزجًا بروح فلسطين وجراح غزة.
ومع ذلك، فإن ما يميز الخطاب أنه لا يكتفي بتوصيف الحدث، بل يغوص في بنيته، يشير إلى السياق المتكامل، يُفكك المصطلحات. فحين يتحدث عن "التهجير الطوعي" الذي يروّج له الاحتلال، فهو يدرك أن التهجير الطوعي، كعبارة، لا تقل جريمة عن القصف نفسه. هناك رغبة إسرائيلية قديمة لتفكيك الوجود الفلسطيني جغرافيًا، وتفريغه ديموغرافيًا، والغرب يصمت، بل ويشارك أحيانًا بإعادة إنتاج الخطاب الصهيوني نفسه بعبارات أكثر تحضّرًا ولكنها لا تقل قبحًا.
لم يكن السيد يوجه خطابه للداخل اليمني فقط، بل كانت نبرته عابرة للحدود، موجّهة إلى الأمة، بل وإلى الإنسانية كلها.
دعا إلى انتفاضة ضمير، لا مجرد غضب لحظي، دعا إلى مقاطعة اقتصادية وسياسية وثقافية، إلى عزلة كاملة لهذا الكيان الذي تم طرده من الضمير الإنساني لكنه لا يزال يحظى باعتراف الأمم المتحدة.
وربما أهم ما في الخطاب، أنه أعاد تعريف الاصطفاف. لم يعد الصراع بين إسرائيل وفلسطين، بل بين محور الهيمنة ومحور المقاومة. بين من يملك الطائرات الشبح، ومن يملك إرادة الصمود. بين قاذفات القنابل التي تنطلق من قواعد أمريكية، ومجاهدين حفاة يعيدون ترتيب المعنى من بين الركام.
والملاحظة الدقيقة، أن السيد لم يُغفل الإشارة إلى الداخل العربي. أشار – ولو بحذر – إلى الخذلان، إلى الصمت، إلى ازدواجية المعايير، إلى خيانة بعض الأنظمة التي تفتح أجواءها للطائرات الأمريكية وتغلقها أمام شحنات الدواء إلى غزة. وكان صريحًا في الإشارة إلى أن العدوان الأمريكي على اليمن هو امتداد لذات المعركة، وأن ما يواجهه اليمن اليوم هو نتيجة لموقفه الأخلاقي من القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، فإن السيد، دون أن يقولها بشكل مباشر، يرسم حدود المعركة القادمة لا فصل بين الساحات. من البحر الأحمر إلى غزة إلى الجنوب اللبناني إلى دمشق، كلها جبهات لمعركة واحدة...العدو واحد، والخندق واحد، والراية واحدة. ومن يقف في الحياد، فهو جزء من الجريمة، حتى وإن رفع الشعارات.
المعادلة الجديدة التي يكرّسها الخطاب، فشل العدوان الأمريكي في اليمن لم يعد تحليلاً، بل اعترافًا أمريكيًا. حاملة الطائرات في حالة هروب، MQ9 تسقط تباعًا، الملاحة لم تعد آمنة، والقدرات العسكرية اليمنية تتنامى، لا تتآكل. هنا، يلمح السيد إلى معادلة ردع لم يجرؤ أحد من قبل على قولها نحن لسنا في موقع الدفاع، بل في موقع المبادرة.
وإذا أردنا أن نقرأ الخطاب من زاوية استراتيجية بحتة، فهو خطاب تثبيت حضور أكثر من كونه خطاب رد فعل. الحوثي لا ينتظر موقفًا عربيًا داعمًا، بل يؤكد أن اليمن يقوم بدوره الأخلاقي والإنساني والديني، دون مساومة، ودون رهانات على نظام رسمي عربي أثبت عجزه أو تواطؤه. وكأن الخطاب يريد أن يقول: نحن هنا لأننا اخترنا هذا المكان، ولسنا بانتظار من يبارك تحركنا أو يخذله.
أما الإشارات إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فلم تكن تعويلا، بل إدانة مزدوجة. فحين يتساءل السيد: لماذا لا يتم طرد الكيان الصهيوني من الأمم المتحدة؟ فهو لا ينتظر جوابًا، بل يكشف التواطؤ، ويقيم الحجة على المؤسسة الدولية كما على الأنظمة.
بالمجمل، كان خطابًا هادئًا في لغته، صادمًا في محتواه، عميقًا في دلالته، ثابتًا في موقعه من معادلة الصراع الكبرى. خطاب من لا يحتاج إلى أن يرفع صوته ليُسمع، لأن الفعل الميداني يسبقه دائمًا. السيد الحوثي كعادته، يقول ما يعنيه، ويفعل ما يقوله، ويعرف أن التاريخ لا يصنعه الحياد، بل من يقف في وجه الطغيان، ولو وحيدًا، كما قال المتنبي يومًا:
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
المصدر : عرب جورنال / كامل المعمري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.