أهمية انتصار المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بعملية "سيف القدس" تكمن في فضح الكيان الصهيوني وتعريته أمام العالم، بأنه عبارة عن كيان مغتصب للأرض العربية في فلسطين وأنه عاجز عن مواجهة الغضب الفلسطيني، لقد ظهرت المقاومة الفلسطينية حماس بجميع فصائلها الجهادية في غزة كقوة عسكرية منظمة ' تمتلك كل الامكانات العسكرية التي تستطيع بها مواجهة جيش إسرائيل الذي يُعد أحد أكثر الجيوش امتلاكاً للأسلحة الحديثة والمتطورة، في الوقت نفسه ظهرت المقاومة الفلسطينية في غزة كقوة عسكرية تمكنت من فرض نفسها على أرض المعركة كجيش فلسطيني عربي حقيقي لمواجهة قوة عسكرية يهودية اشتهرت على مدى أكثر من خمسين عاماً بأنها الأقوى في المنطقة ' ولم يصل إلى مستوى هذا الجيش اي جيش آخر في الجغرافية العربية، فليس هناك أدنى نسبية عسكرية أو اقتصادية بين القوتين، وليس هناك أي تقارب في الميزان العسكري، ومعادلة التفوق بين ما تمتلكه المقاومة في قطاع غزة وبين جيش العدو الصهيوني الذي يُعد عملياً القوة الأكثر قدرة على فرض أي معارك عسكرية ليس في فلسطين فقط وإنما في المنطقة العربية بأكملها. لقد رأت اسرائيل في نفسها أنها سوف ترد على تهديد السيد/ عبدالملك الحوثي من اليمن وتوعده للكيان الصهيوني بالرد القاسي والقوي على عمق العدو الصهيوني في حال ارتكابه أي حماقة تجاه اليمن ' فكانت السياسة الصهيونية كعادتها تبدأ بإظهار نفسها كدولة تمتلك الأهلية والخيارات لفرض نفسها على كامل فلسطينالمحتلة وأولها القدس والمسجد الاقصى الشريف. واعتبرت أن موقفها الحازم والقوي والإجرامي ضد أهل بيت المقدس ومنعهم من الصلوات في المسجد الأقصى في رمضان سوف يوصل رسالة إسرائيل واليهود لكل محاور المقاومة في اليمنوسوريا ولبنان وفلسطين وإيران والعراق ' وأن كل تلك التهديدات التي يطلقها قادة الثورات الإسلامية ضد الكيان الصهيوني هي مجرد تغريدات إعلامية وان الواقع في فلسطين واقع لا يستطيع أن يغيره أو يبدله أحد غير النظام الإسرائيلي وقادة الكيان الصهيوني، مهما كانت تلك الرسائل أو التحذيرات، بل أن خطوات إسرائيل تزداد يوماً عن يوم في تمكنها في المنطقة وتهجير أبناء فلسطين وبناء المستوطنات وتضييق الخناق على مسلمي وعرب القدس وكل الأحياء العربية للمسلمين والمسيحيين واعتبر نتنياهو نفسه أنه الفارس الذي سوف يحقق كل أحلام اليهود في فلسطين. ولذلك كان اليهود والكيان الصهيوني على موعد مع مرحلة تاريخية في التاريخ الاسلامي في فلسطين لم تحسبه إسرائيل حساباً صحيحاً فكل تقديراتها ومعطياتها التي بنتها إسرائيل منذُ عقود لتركيع الشعب الفلسطيني وفرض هيمنتها على السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني كانت هباءً منثوراً.. فقد أخطأ الصهاينة هذه المرة في حساباتهم.. فقد اعتقدوا بأن حلفائهم وشركائهم في المنطقة العربية قد عززوا موقفهم وأضعفوا المقاومة الفلسطينية .. وأن التطبيع لبعض الدول العربية سيكون بالنسبة لهم رصيد كبير سيجعل من القضية الفلسطينية قضية استثنائية لن تحمل معها تلك الاعتبارات التي كانت إسرائيل تحملها من العرب وشعوبها، ولكنها فوجئت بأن الشعب الفلسطيني والمقاومة رقمها صعباً لا يستهان به.. فما ظهر من الخيانة العربية والتطبيع مع الكيان الصهيوني لم يضعف المقاومة بل زاد في ارادتها وعزيمتها لمواجهة العدو الصهيوني وان العرب هم سنداً لإسرائيل وليسوا سندا للمقاومة العربية الفلسطينية.. و ما حققته المقاومة الفلسطينية يعتبر اليوم انتصاراً للقضية الفلسطينية وسوف يشهد العالم تغيرات كبيرة وكثيرة في المنطقة أهمها إعادة حسابات تلك الدول التي هرولت للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتفاخرت بأنها أنجزت الشيء الكبير بعلاقاتها الثنائية مع كيان العدو الإسرائيلي ' إن الانتصار العظيم الذي حققه الشعب الفلسطيني " حماس " في مواجهة العدو الصهيوني في معركة (سيف القدس) احرج تلك الدول العربية وجعلها في موقف مخزي ووضيع أمام شعوبها .. وأن وعيد وتحذير قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي للكيان الصهيوني كان أقوى وأجرأ تهديد لإسرائيل وأن هذا التهديد لم يكن عبثاً أو مجرد استعراض وإنما كان من واقع القوة والجدية والشعور بالمسؤولية تجاه القضية الفلسطينية وأن كل حرف نطق به قائد الثورة كان يحمل معه كل معنى الوطنية والقومية والواجب الديني والأخلاقي والمبنَّي على ضعف عقيدة اليهود وذلهم وجبنهم وخوفهم وأن كتاب الله هو أصدق الكلام واليهود هم أذل البشر وأجبنهم .. ولذلك كان لصمود وثبات الشعب اليمني الأثر الكبير في إرادة وثبات وصمود المقاومة الفلسطينية أمام إسرائيل وترسانتها العسكرية .. وانعكس هذا الثبات والصمود إلى التحدي والمواجهة وانكسر معها حاجز الخوف من الابعاد والعواقب وأخذت المقاومة الفلسطينية وكل فصائلها إلى التوحد والسير وفق رؤية جهادية ثابتة وقرار واحد.. فكان مسار المقاومة وتوحيد كل الجهود العسكرية ضد عدو واحد مغتصب .. وأصبحت المقاومة الفلسطينية الإسلامية في غزة هي عنوان الصمود والتحدي ولأول مرة في تاريخ الحرب الفلسطينية الإسرائيلية تفرض فيها المقاومة الفلسطينية " قطاع غزة " قواعد اشتباك جديدة وتغيير المعادلة العسكرية بناءً على نوعية الصواريخ الفلسطينية المتنوعة واشتراك كل صنوف قوات المقاومة في الحرب، والقدرة التي أظهرتها المقاومة في إدارة المعركة الحديثة المشتركة مع فوارق القوة والنسبة والتناسب مع العدو الصهيوني وجيشه ، فقد جعلت المقاومة من قطاع غزة وجغرافيتها موقعاً استراتيجياً لتأديب العدو الإسرائيلي وأن المقاومة الفلسطينية قوة عسكرية منظمة تمتلك كل مقومات الجيش الحديث المتطور .. وسجلت المقاومة الفلسطينية أنصع صفحات التاريخ المعاصر بمواجهة العدو الإسرائيلي واختيار قرار المواجهة دون تراجع وكان هذا القرار هو القرار التاريخي لردع العدو الصهيوني وتعريفه بحجمه الحقيقي أمام نفسه وأمام العالم .. ففلسطين اليوم تشهد ثورة حقيقية عربية إسلامية أمام إسرائيل العدو الحقيقي والأزلي للعرب والمسلمين وأن الفلسطينيين هم اليوم الشعب العربي الحُر الرافض للوصاية والاستعمار والاحتلال ولن تقف هذه الثورة والانتفاضة والمقاومة حتى تحرير كل فلسطين .. فقد طال البقاء للمحتل الصهيوني لأطهر بقعة على الارض وقد حان وقت الصيحان للشعوب العربية النائمة لتنتفض أمام حكَّامها وقادتها الخونة والعملاء وتعرفهم بأن فلسطين هي قضية كل العرب وطرد المحتل الإسرائيلي هو الخيار الوحيد لشعب فلسطين وكل العرب. إن ما حققته المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة هي الثورة الحقيقية من سبعين عاماً وهو النصر الذي لا غبار عليه.. فعشرة أيام أثبتت المقاومة الفلسطينية هويتها الوطنية والسياسية والدينية والعربية وذلك من خلال ما امتلكته من قوة عسكرية وقدرة وكفاءة في الميدان وردع العدو الصهيوني والتي جعلت من العدو الإسرائيلي محل سخرية واستهزاء وافقدته قدرته على استيعاب الموقف والحرب وأبعادها السياسية والعسكرية والاقتصادية وأن السلاح الاستراتيجي الذي بات سلاحاً في يد المقاومة إنتاجاً وتصنيعاً ومخزوناً وكفاءة قد أصبح اليوم واقعاً ملموساً وحقيقة لا يستطيع الكيان الصهيوني انكارها أو تجاهلها.. ولعل ردع العدو الصهيوني في عقر داره وتدمير أهدافاً حساسة وهامة شكل أحراجاً لإسرائيل أمام العالم وأن استعراض المقاومة الفلسطينية بأسلحتها الرادعة على كل الجغرافية الفلسطينيةالمحتلة والمستوطنات المحمية بكل الوسائل والوسائط الإسرائيلية وفشلها أمام القدرة العسكرية الفلسطينية وفهي بذلك قد أعلنت المقاومة أنها أصبحت قادرة على تغير المعادلة العسكرية من خلال امتلاكها لموازين قوى عسكرية فلسطينية جديدة فرضت معها قواعد جديدة للاشتباك وواقعاً جديداً للحرب ومسرحاً للعمليات العسكرية حسب ما تراه المقاومة مناسباً ومؤثراً على العدو الصهيوني. ان المقاومة الفلسطينية اليوم في قطاع غزة هي محوَّر القوة العسكرية للدولة الفلسطينية وهي القوة الرادعة لكل من تسول نفسه المساس بحق الشعب الفلسطيني في حياته ومسجده الاقصى وأن هناك خطوطاً حمراء يستحيل على الكيان الصهيوني تجاوزها.. ولعل حرب العشرة أيام كشفت الكثير من الحقائق والابعاد للدول العربية المطبعة مع إسرائيل من خلال اعلامها المنحاز لإسرائيل بحيث أن إعلامهم أصبح قناة إسرائيلية يتحدث بلسان العدو الصهيوني وينقل عمليات المقاومة على أهداف اسرائيلية عسكرية أو اقتصادية والتي يصفها بأنها (جرائم ) . وفي نفس الوقت ظهرت أنظمة تلك الدول العملية كأقزام حقيرة في سلم الخيانة والعمالة .. وأنهم كيانات ضعيفة هزيلة .. فهزيمة إسرائيل هي هزيمتهم ' وذل إسرائيل هو ذلهم .. وانعكس هذا الهوان والذل والضعف على إسرائيل واصدقائها وشركائها سلباً وخزيا على شعوبها أيضاً وانعكس إيجاباً على شعوب محاور المقاومة في سورياواليمن ولبنان والعراق وإيران وتعالت أصوات النصر والافتخار في شعوبها .. مؤيده كل انتصارات المقاومة الفلسطينية.. ولن يكون هناك خطوط منع في المعركة القادمة مع الكيان الصهيوني. إسرائيل والكيان الصهيوني خسروا المعركة والرهان وأن التطبيع لدول الخيانة والعمالة لن يزيدهم إلاّ ضعفاً وهواناً ولعل أبعاد التطبيع ظهرت بقوة المقاومة وثباتها وارادتها.. ولعل هذا الخيار سوف يتوسع ويزداد قوة حتى يصبح هو خيار كل الفلسطينيين في كل الجغرافيا الفلسطينية وأن وعد الله قد حان .. وأن إسرائيل هي الى زوال في القريب العاجل.. وإسرائيل نفسها هي اليوم تشعر بالخطر القادم وأن كل تقديراتها وحساباتها قد فشلت وأن العرب والمسلمين هم اليوم في طريق التوحد والمواجهة وأنه مهما طال وجود إسرائيل فلا بد من زوالها ووعد الله هو الحق.