أكد مفكرون وسياسيون تحت مظلة منتدى الشيخ الأحمر بصنعاء أن النفوذ الأمريكي والصهيوني في تراجع كبير، وأن ما تروج له الولاياتالمتحدة من حرب إقليمية في المنطقة ما هو إلاّ محاولة لإرباك الشارع العربي والاسلامي، وأن هناك تقدم في برنامج المقاومة العربي مقابل تقهقر في الفكر الصهيوني وآلته الحربية. ودعا نائب ريس مجلس النواب الشيخ / حمير بن عبد الله بن حسين الأحمر إلى ضرورة تبني إستراتيجية عربية أكثر قدرة في ظل المتغيرات الدولية لمواجهة تعنت الكيان الصهيوني تجاه القضية الفلسطينية وخاصة بعد أن أفشل الكيان الصهيوني المحتل كل إتفاقيات السلام من أوسلو إلى مدريد إلى خارطة الطريق و كذلك مبادرة السلام العربية. وأكد على أهمية الوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينية لتحرير الأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة العربية الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، مشيراً إلى حجم الضغوطات الدولية التي تتعرض لها السلطة الفلسطينية والمقاومة من مقبل المجتمع الدولي وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وثمن الشيخ حمير الجهود التي تبذلها القيادة اليمنية ممثلة بفارس العرب فخامة الأخ / على عبد الله صالح رئيس الجمهورية تجاه القضية الفلسطينية و كان أخرها المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية لتقريب وجهات النظر بين منظمة التحرير وحركة حماس الفلسطينيتين لرأب الصدع الفلسطيني. جاء ذلك في الندوة التي نظمها منتدى الشيخ الأحمر بصنعاء بعنوان: (التحولات الإستراتيجية و آفاق المستقبل ستون عاماً على النكبة)، والتي ألقى محاورها الفكرية الاساسية الدكتور جواد الحمد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الأردن وقد حضرها مفكرون و سياسيون ومثقفون وأكاديميون ومهتمون بالشأن الفلسطيني بالإضافة إلى حضور عربي. وأكد الدكتور الحمد أن النفوذ الأمريكي والصهيوني في المنطقة في تراجع كبير، مبشراً بزوال الكيان الصهيوني المحتل من الخارطة إذا توفرت إرادة عربية قوية. كما استبعد أن بحدوث أي حرب إقليمية في المنطقة بحسب تهديدات الكيان الصهيوني والأمريكية التي أفصحت عنها العام الماضي . وأفاد أن ما يتحدث عنه الكيان الصهيوني والأمريكي عن حرب إقليمية سيكون المستهدف منها إيرانوسوريا كلام بعيد عن الصواب، ولا يستند إلى حقائق صحيحة، وإنما هدفه إرباك الشارع العربي والإسلامي و بالتالي إبعاده عن القضية الفلسطينية . وأشار خلال الندوة بمنتدى الشيخ الأحمر إلى أن المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة في تراجع مستمر "فالكيان الصهيوني لم يعد في مأمن، وهي تترنح الآن بفعل ضربات المقاومة "، مؤكدا أنه إذا وجدت إرادة قوية عربية وإسلامية حقيقية لأزالت دولة الكيان الصهيوني المصطنعة من الخارطة. وقال: إن الكيان الصهيوني تلقت هزائم متعددة في حروبها مع العرب ابتداء من حرب أكتوبر 1973 الذي دمر فيه خط برليف، وقيام أول سلطة فلسطينية في عام 1994م، وانسحاب جيش الكيان الصهيوني من جنوبلبنان بدون اتفاق رسمي في مايو 2000م ، واندلاع الانتفاضة الفلسطينية في نفس العام، واستمرارها حتى الآن . بالإضافة إلى فوزر حركة حماس في الانتخابات التشريعية وتشكيل حكومة السلطة في 2006م، وكذا هزيمة جيش الكيان الصهيوني في حرب تموز 2006م في جنوبلبنان، و أيضاً فشله في الاجتياحات المتعددة لقطاع غزة عامي 2007 م 2008م ، و هناك تراجعاً سياسياً و إقتصادياً و إستراتيجياً و تزايد مشاكلها الإجتماعية و إختلال في نظامها السياسي و تزايد العجز القيادي للكيان الصهيوني , وأكد في محاضرته تحت عنوان (التحولات الإستراتيجية وآفاق المستقبل ستون عاما على النكبة) أن هناك تقدماً في برنامج المقاومة، والبرنامج العربي، فيما يلحظ التراجع في الفكر الصهيوني، وتراجع طموحاته الكبيرة السابقة على الأقل من الناجية النظرية، كما أن هناك تقهقر في حجم الآلة العسكرية لجيش الكيان الصهيوني بسبب الضعف الذي تبديه أمام الانتفاضة والمقاومة الفلسطينيةواللبنانية. وأشار إلى أن هناك تشكل لموقف عربي ربما تتبعه مواقف رسمية عربية باتجاه التحرك وبقوة خلف المقاومة الفلسطينيةواللبنانية لإزالة الاحتلال. واعتبر الحمد أن من أهم محددات المستقبل القادم هي المقاومة الفلسطينيةواللبنانية، وتصاعدها في مواجهة القوة الإسرائيلية، وتطور الديمقراطية في الوطن العربي، وتطور تصورات الفلسطينيين والعرب إزاء التفاوض، وعدم الاعتماد عليه كخيار وحيد مستقل، والتحول نحو اعتبار الانتفاضة والمقاومة سندا سياسيا للموقف السياسي العربي الفلسطيني على حد سواء. وأشار إلى أن هناك تراجعا في القوة القيادية للكيان الصهيوني، وأن "الكارزما" القيادية للكيان الصهيوني انتهت في ظل فشل القيادات الحالية في تحقيق أهداف الكيان وطموحاته ومواجهة التحولات الفلسطينية المناهضة. وقال: إن ملامح المشهد خلال السنوات الثلاث القادمة يتمثل في تراجع للكيان الصهيوني سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا، وتقدم المقاومة الفلسطينية، وتبلور الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتراجع نفوذ أمريكا في العالم، وتقدم الدور الأوروبي، وزيادة فرصة الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967م، واستمرار جمود عملية السلام. واستبعد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الذي يزور اليمن حاليا حدوث أية تسوية خلال الخمس سنوات القادمة سواء مع الفلسطينيين أو سوريا، مؤكدا أنه لا يمكن أن تكون هناك اتفاقية سلام خلال الأعوام القادمة. وأكد أنه منذ 60 عاما ظهرت عدد من النظريات بهدف اجتثاث الاحتلال ومنها نظريتي التفاوض والمقاومة، مشيرا إلى أن معظم النظريات فشلت إلى حد الآن في استعادة فلسطين، ويعول الآن على نظرية المقاومة في إعادة الحلم العربي خصوصا بعد أن أثبتت تقدما على عدد من المستويات، والتحقق من أنها أكثر النظريات فاعلية إلى الآن. وفيما يخص الجانب العربي توقع الحمد تزايد التحولات في العلاقات العربية العربية على الصعيد الرسمي، وسيادة نمط القطبية الإقليمية والقطرية فيها، وتراجع قدرتها على اتخاذ مواقف مستقلة نسبيا في التعامل مع واقع الصراع سلما وحربا. أجمع المشاركون في الندوة أن خيارة المقاومة هو الأنسب في مواجهة الاحتلال الصهيوني نظرا لما حققته خلال السنوات الماضية. وأشاد الدكتور/ عبد العزيز الشعيبي عميد كلية التجارة و الإقتصاد بلحمة الداخل الفلسطيني، وقال: إن اللحمة الفلسطينية أثبتت صمودا غير عاديا رغم الهجوم الشديدة التي يبذلها العدو الإسرائيلي باتجاه تفريق وحدتهم. وأكد الدكتور عبدالقوي الشميري أن مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي ينطلق من مستقبل الشعوب فإذا تحررت الشعوب تحررت فلسطين. وقال: نحن في دول ليس فيها للإنسان حق في المشاركة في الحكم، وليس فيها للإنسان أي إرادة تذكر في حين أن إسرائيل تحاكم رئيس وزرائها، وهذا يعني أن النظام الإسرائيلي نظام قابل للحياة، داعيا إلى تحمل المسئولية تجاه القضية الفلسطينية. وقال يحيى الشامي عضو اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني إن تغيير التركيبة السياسية لأنظمة الحكم العربية عامل جوهري باتجاه نصرة القضية الفلسطينية، مؤكدا أن ما وصفها بالبرجوازية الطفيلية "التي تنهب المال العام" لا تتمتع بأي نزعة داخلية وطنية فهي على استعداد لبيع حتى المقدسات في سبيل المال وبالتالي لا يعول عليها حاليا اتخاذ مواقف قوية تجاه الاحتلال الصهيوني. ودعا إلى إدراك الدور لمن وصفهم بقوى الإسلام السياسي المناضلة – حد وصفه – ومن إلى جانبها، مؤكدا على الدور الذي تلعبه هذه القوى ومن بجانبها لنصرة القضية الفلسطينية. وأشار الدكتور غالب القرشي إلى أن المقاومة هي الخيار الأقوى في دحر الاحتلال الصهيوني خصوصا بعد أن جربنا جميع الخيارات، مشيرا إلى أن إسرائيل تلقت عددا من الهزائم أمام المقاومة، وليس أمام الأنظمة الداعية إلى التطبيع. من جهته أكد الدكتور عمر العمودي أن من أسباب نكبة 48 هي ضعف الجانب الفلسطيني، وتنافس قياداته فيما بينها وارتفاع عدد اليهود، ودخول العرب الحرب مع إسرائيل وهم لايملكون مقدرات القتال، بالإضافة إلى الظروف الدولية التي كانت مع زرع الكيان الصهيوني. وقال: إنه لا توجد رؤية عربية إسلامية تجاه القضية الفلسطينية، كما أن أموال الحكام العرب والأغنياء في مجتمعاتنا تخضع للوصاية الغربية، وبالتالي لا توجد سوى المقاومة المسنودة بالرأي العام كخيار وحيد تجاه العدو الإسرائيلي. وأشار الدكتور خالد الفهد إلى أن طبيعة الصراع مع إسرائيل هو صراع تاريخي ليس مع إسرائيل وإنما مع الغرب، كما أن إسرائيل ولدت بقرار من الأممالمتحدة، مطالبا العالم العربي بدعم الجهاد في فلسطين باعتباره الخيار الأفضل لمقاومة العدو الصهيوني. واتهم النائب محمد الحاج الصالحي الأنظمة العربية بالتآمر على المقاومة، في حين تطمح هذه الأنظمة للسلام الانبطاحي. من جهته أكد عبدالله المقطري أن هناك تحول كبير في قدرة الشعب الفلسطيني من حيث تمكنه من الحفاظ على هويته، وفشل إسرائيل في هذا الجانب، مشددا على ضرورة دعم المقاومة، وتوسيع الحوار بين القوى السياسية الفلسطينية العربية. وشدد المشاركون على ضرورة استمرار المقاومة ودعمها، وكذا تحرير إرادة الإنسان العربي وتخليصه من التبعية.