يعيش قطاع غزة اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، حيث تجاوزت مأساة الجوع في قطاع غزة حدود التحمل، وأصبحت نداءات المحتاجين لا تسمع، فبينما تنعم دولة الاحتلال بإمدادات وفيرة من الغذاء، وينعم العالم بما طاب ولذ من الطعام يموت أطفال غزة جوعاً، وتواجه الغالبية الساحقة من سكان القطاع نقصاً حادًا في الغذاء والماء في ظل إغلاق مطبق للمعابر والمنافذ البرية لما يزيد عن الشهرين وانعدام كامل للأمن والمأوى. فعندما أطلقت المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023م عملية طوفان الأقصى رد الاحتلال الإسرائيلي بعدوان شامل على غزة تخلله حصار خانق ومجازر وعمليات تدمير ممنهج للبنية التحتية، بما في ذلك مصادر الغذاء والزراعة والصيد، فمنذ الأيام الأولى منع الاحتلال دخول المساعدات مما أدى إلى تصاعد أزمة الغذاء، وصنفت منظمة الصحة العالمية نصف سكان غزة في حالة انعدام أمن غذائي "طارئة"، وربعهم في حالة "كارثية"، مع استئناف العدوان في مارس 2025م شدد الاحتلال الحصار ومنع دخول المساعدات، مما دفع الأممالمتحدة إلى التحذير من "اختناق كامل" في عملية الإغاثة، واعتبرت استخدام المساعدات باعتبارها "سلاحا" لإجبار الناس على التحرك بأنه انتهاك خطير للقانون الدولي، وقالت منظمة الصحة العالمية إنه منذ مطلع عام 2025م أُبلغ عن إصابة ما يقارب 10 آلاف طفل في غزة بسوء التغذية الحاد الشامل من بينهم أكثر من ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم وأدخلوا لتلقي العلاج في العيادات الخارجية والداخلية. ومنذ إعادة إغلاق إسرائيل المعابر في الثاني من مارس/آذار 2025 وتزامنا مع استئناف العدوان الإسرائيلي يعيش سكان قطاع غزة تحت وطأة أزمة إنسانية خانقة، مع تفاقم المجاعة وحرمان أكثر من مليوني إنسان من الغذاء والدواء والمساعدات الأساسية، في حين وصفت منظمة الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الوضع بأنه "موجة موت صامت" تتسارع يوما بعد يوم، فيما أكدت الأممالمتحدة أن أكثر من 9 آلاف طفل تم إدخالهم إلى المستشفيات للعلاج من سوء التغذية الحاد منذ بداية عام 2025م، في وقت يعاني فيه القطاع الصحي من انهيار شبه كامل. يأتي كل ذلك بالتزامن مع وصول الرئيس الأمريكي ترامب في زيارة الى السعودية ويتوقع خلال هذه الزيارة توقيع اتفاقيات وصفقات مع بن سلمان تحصل بموجبها أمريكا على تريليون دولار، في الوقت الذي يموت فيه ملايين الفلسطينيين بغزة جوعًا بسبب استمرار العدوان والحصار الاسرائيلي عليهم والدول العربية المحيطة والمجاورة لقطاع غزة الداعمة للاحتلال بغرض التخلص من حماس. وفي نفس السياق أشارت وسائل اعلام غربية ومنها شبكة "إيه بي سي" الأمريكية إلى أن إمارة قطر بدورها قدمت طائرة بوينغ (747-8) كهدية للرئيس ترامب بقيمة 400 مليون دولار، والتي قد تكون الهدية الأكثر قيمة على الإطلاق التي تُقدم للولايات المتحدة من حكومة أجنبية، وتأتي هدية قطر لترامب تعبيراً عن الولاء والطاعة للأب الروحي وتأكيداً لتبعيتهم لسيد البيت الأبيض، أيضاً من المتوقع أن يحصل ترامب من دويلة الإمارات أثناء زيارته لها على مليارات الدولارات نظير اتفاقيات وصفقات متعددة سوف يبرمها مع اللعين بن زايد، ففي ختام زيارته للمنطقة حصل ترامب على 4 تريليون دولار، في سباق محموم من قيادات تلك الدول لكسب رضا سيدهم ومولاهم ترامب، وكل هذه الأموال ستذهب إلى الخزينة الأمريكية التي تمول حرب إبادة الشعب الفلسطيني بغزة وقتل اليمنيين الذين لا ذنب لهم سوى وقوفهم مع القضية الفلسطينية وتحركهم لإسناد إخوتهم في قطاع غزة.