لقاءات: هلال جزيلان- تصوير: صالح العرامي في زمنٍ تُحاصرُهُ الحروبُ وتُغلقُ فيه الأبوابُ بوجه الأحلام في زمنٍ يُقالُ فيه إنَّ "المستحيلَ" هو اللغةُ الرسميةُ للواقع...هنا، حيثُ الظلامُ يَلوحُ بسيفِه... تُشرقُ شمسُ العلمِ مِن بين ركامِ المعاناة في قاعاتِ مؤتمرِ الطبِّ التشخيصيِّ المختبريِّ الخامس... لا يُناقشُ الأطباءُ تقاريرَ التحاليلِ فحسب...بل يُناقشونَ كيفَ حوّلوا دويَّ القذائفِ إلى إرادةٍ صامتةٍ وكيفَ استطاعوا أن يَخيطوا جروحَ الوطنِ بِخيوطِ الدقةِ المخبريةِ والجودةِ التي لا تُهادن. فمنذُ أربعين عامًا...كانت المختبراتُ اليمنيةُ كُتُبًا مغلقةً بسلاسلِ الإمكانياتِ المحدودة...اليوم، تَتحولُ هذه الكُتبُ إلى موسوعاتٍ مفتوحةٍ على أحدثِ تقنياتِ العالم. كيف حدث هذا؟مَن همُ الأبطالُ الذينَ رفضوا أن تكونَ الحربُ آخرَ فصلٍ في قصّةِ الطبِّ اليمني؟بينَ "بنوك الدم" التي أنقذتْ أرواحًا كادتْ تَغيب...وبينَ "تقنياتِ الجودة" التي حوّلتْ العشوائيةَ إلى نظامٍ يُحاكي المُعجزات...نغوصُ معكم في ضبط الجودة النوعية والكمية حواراتٍ لقاءات مع رُموزٍ حضروا هذا المؤتمر لنقرأ سويا كثير من الأمور في الإستطلاع التالي: البداية كانت مع الدكتور عبدالإله الحرازي نائب رئيس المؤتمر مدير المركز الوطني لمختبرات الصحة المركزية الذي قال أهلاً وسهلاً بكم في المؤتمر الخامس للطب المخبري الذي يُشرِّفُنا بحضورٍ مُميزٍ لِأكاديميين، وباحثين، وعلماء يمنيين من داخل الوطن وخارجه. يهدف هذا المؤتمر إلى إعادة صياغة سياسات الطب التشخيصي المختبري، ووضع استراتيجياته المستقبلية، ليكون منصةً علميةً تُعيدُ تعريفَ معاييرِ هذا المجال الحيوي. كما يسعى المؤتمر إلى تسليط الضوء على الطب المختبري بشقَّيْه التشخيصي والتقني، مع التركيز على ضبط الجودة النوعية والكمية، وإدارة نظم الجودة الفاعلة؛ لضمان دقة النتائج وسلامة الممارسات المخبرية. بالإضافة إلى مناقشة أحدث التطورات في بنوك الدم، وتعزيز أمان خدمات نقل الدم، حفاظاً على الصحة العامة. وبِعونِ الله تعالى، ناقش المؤتمر ثلاثين ورقةً علميةً، تم اختيارها بدقة من بين 135 ورقةً قُدِّمتْ لهذا الغرض. وقد شُكِّلتْ لجنةٌ علميةٌ مُتخصِّصةٌ من أكاديميين بارزين يمثلون جامعة صنعاء، وجامعة الحادي والعشرين من سبتمبر، والجامعات الخاصة والعامة، بالإضافة إلى مراكز البحوث التابعة لوزارتي الصحة والتعليم العالي، لضمان انتقاء الأبحاث الأكثر ابتكاراً وتأثيراً. نحن نعمل جاهدين – بكُل ما أوتينا من قوةٍ وعزيمةٍ – ليكون اليمن الموحَّد قلعةً صامدةً في المجال الطبي، كما هو في كل الميادين. فَبِيدٍ تَبني، وأخرى تَحمي، وبروحٍ تتحدى الصعاب، نصنعُ معاً مستقبلاً يُشرِقُ بالعلم، والتميُّز، والأمل... وَفْقَ إرادةِ الله وقدرته. ثورةٍ تشخيصيةٍ فيما تحدث الدكتور عبدالرحمن الوزير رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر أننا: "نُثبِتُ أنَّ اليمنَ -رغم جراحه- قادرٌ على قيادةِ ثورةٍ تشخيصيةٍ المؤتمرُ يَطرحُ 30 ورقةً علميةً مختارةً من 135، تُقدّمُ حلولًا ذكيةً لتحدياتٍ مثل نقص الكوادر وتأمين المستلزمات. تعاونُ الجامعاتِ ومراكزِ البحوثِ خَلقَ نموذجًا وحدويًّا نادرًا." ,"نسعى لتحويل اليمن إلى مركزٍ إقليميٍّ للتميُّز المختبري. لدينا شبابٌ مُتدرِّبٌ على أحدث الأجهزة، وخطةٌ لإنشاء شبكةٍ وطنيةٍ تربطُ المختبراتِ ببنوكِ الدمِ عبر أنظمةٍ ذكيةٍ... الحربُ لن تَقتلُ حلمَنا." طفرةً جذريةً أما الدكتور عبدالله القاضي فقد قال: "بين ثمانينيات القرن الماضي واليوم، شهدت المختبراتُ اليمنية طفرةً جذريةً رغم الحروب والمُعيقات. كنّا نعتمدُ على أدواتٍ بدائيةٍ تخلو من نظام الجودة، أما الآن فأصبحت التقنياتُ الحديثةُ تُدارُ بِمِحوَصَلاتٍ دقيقةٍ تُضمن نتائجَ تحاليلَ تُضاهي دولَ العالم المتقدمة. لم نَعُدْ نَقْبَعُ في الظلام... فالجودةُ أصبحت دستورَ عملنا." "ويضيف أن بنوك الدم اليومَ مُحصَّنةٌ بتقنياتٍ تنقذ الأرواح. كنّا نعاني من العشوائية، أما الآن فكلُّ قطرة دمٍ تُخضعُ لفحوصاتٍ جزيئيةٍ تَمنعُ نقلَ العدوى. الحربُ لم تَمنعنا من تبني معاييرَ عالميةٍ." دقّةً تُنافسُ من جهته يوضح الدكتور فاضل جزيلان قائلا: "الجودةُ النوعيةُ لم تكنْ مجرد شعارٍ... لقد حوّلنا المختبراتِ إلى قلاعٍ علمية نظامُ التحكُّمِ الآليُّ اليومَ يُقلّلُ نسبةَ الأخطاءِ إلى 0.1%، ويُتيحُ تشخيصَ الأمراضِ النادرةِ في ساعاتٍ بدلًا من أسابيع حتى في زمن الحصار... اليمنُ يُنتجُ دقّةً تُنافسُ أوروبا، ولذا يأتي هذا المؤتمر كنقلة نوعية ومحطة خامسة للتطور في إطار الإبتكار، الشعار الذي حمله المؤتمر" يُلخِّصُ المؤتمرُ روحَ اليمنِ التي ترفضُ الاستسلام. هُنا، حيثُ تُناقشُ أوراقٌ علميةٌ مستقبلَ التشخيصِ الدقيق، ويُوقّعونَ على اتفاقياتٍ لاستيراد أجهزةٍ تُضيءُ دروبَ الطبِّ... نرى يدًا تَبني، وأخرى تَحمي، وعقلًا يُجدِّد. "اليمنُ الذي حاربَ الموتَ بالعلم... سيَنتصرُ دائمًا."