( إن أسباب وجوب الجهاد التي حددها القرآن الكريم قد أصبحت كلها متوافرة في العدوان الإسرائيلي .... لذلك كله صار الجهاد بالأموال والأنفس فرضا عينا في عنق كل مسلم يقوم به على قدر وسعة وطاقته مهما بعدت الديار... فالجهاد أصبح أمانة في عنق كل مسلم ومسلمة , لا يتخلف عن تحمل أعبائه المادية والمعنوية أحد إلا ويرمى بالنفاق ويعاقب بأشد العقاب ) . -العدوان الصهيوني لقد فرضت الحرب على المسلمين فرضا , بعد الغزو والعدوان الصهيوني التوسعي الاستيطاني بعد نكبة 5 حزيران 1967م , وبعد طرد العرب والمسلمين من فلسطين , وبعد الظلم والتعذيب الذي لاقاه الفلسطينيون على أيدى الصهاينة , وبعد حرق الصهاينة المسجد الأقصى بالنار في 21 اغسطس 1969م , وبعد تهديم مساجد المسلمين والاستيلاء عنوة على قسم منها , وبعد انتهاك حرمات أقدس مقدسات العرب والمسلمين في الأرض المقدسة لذلك وجب على كل قادر على حمل السلاح أن ينهض بواجبه جهادا بالروح , وواجب على كل قادر على بذل الأموال أن ينهض بواجبه جهادا بالمال , فليس عربيا ولا مسلما من يتخلف عن الجهاد في مثل هذه الظروف والأحوال . -إعلان الجهاد لقد عقدت مؤتمرات إسلامية في القاهرة ومكة المكرمة وعمان سنة 1968م , وعقد مؤتمر إسلامي في " كوالا لامبور" بماليزيا سنة 1969م , وقد شهدت هذه المؤتمرات قسم من علماء المسلمين ومن السياسيين ايضا . وأعلنت المؤتمرات الإسلامية بإجماع آراء علماء المسلمين الذين شهدوا هذه المؤتمرات والذين لم يشهدها : ( إن أسباب وجوب الجهاد التي خددها القرآن الكريم قد أصبحت كلها متوافرة في العدوان الإسرائيلي , بما كان من اعتداء على أرض الوطن العربي الإسلامي , وانتهاك لحرمات الذين في أقدس شعائرها وأماكنها , وبما كان من إخراج المسلمين والعرب من ديارهم وبما كان من قسوة ووحشية في تقتيل المستضعفين من الشيوخ والأطفال , لذلك كله صار الجهاد بالأموال والأنفس فرضا عينا في عنق كل مسلم يقوم به على قدر وسعة وطاقته مهما بعدت الديار... فالجهاد أصبح أمانة في عنق كل مسلم ومسلمة , لا يتخلف عن تحمل أعبائه المادية والمعنوية أحد إلا ويرمى بالنفاق ويعاقب بأشد العقاب ) . قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير ) التوبة : 38-39 . -إحراق الأقصى حين احرق الصهاينة المسجد الأقصى المبارك بالنار في يوم الخميس الثامن من جمادى الآخر سنة 1389 الهجرية الموافق 21 اغسطس 1969م , طغى شعور الغضب في الشارع العربي والإسلامي ' , فأصبح خطرا داهما يهدد حكام العرب والمسلمين قبل العدو الصهيوني الذين بقوا متمسكين بالمواقف السلبية تجاه القدسوفلسطين . فقد استنكر ذلك الفعل الاجرامي للأماكن المقدسة وبأشكال مختلفة منها القيام بتظاهرات منها في القدسالمحتلة والدول العربية والإسلامية , وإرسال رسائل الاحتجاج للمنظمات الدولية , وادت تلك الاستنكارات وردود الفعل الغاضبة إلى ضرورة البحث عن تجمع يهدف إلى إقامة منظمة إسلامية . -مؤتمر الرباط عقد مؤتمر الرباط بعد اقدام الصهاينة على جريمتهم النكراء بإحراق المسجد الأقصى المبارك في 21 أغسطس عام 1969م , ولم يكن مؤتمر الرباط أول محاولة لعقد مؤتمر إسلامي على مستوى رؤساء وملوك وأمراء الدول والحكومات العربية والإسلامية أو على مستوى مندوبين بإسم حكوماته. وكان انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي في الرباط بالمغرب العربي من 10 رجب إلى 14 رجب سنة 1389هجرية , الموافق 22 – 26 سبتمبر سنة 1969م , حدثا تاريخيا واستجابة لشعور العرب والمسلمين الغاضب نحو القدسوفلسطين . . إن مؤتمر الرباط لم يكن فقط اجتماعا لمناقشة حريق المسجد الأقصى إلا إنه ركز على إنشاء تنظيم دولي إسلامي وعقد أول مؤتمر قمة إسلامي لمنظمة " المؤتمر الإسلامي " . فقد كان مؤتمر الرباط أول مؤتمر قمة إسلامي يعقد في المغرب بعد إحراق المسجد الأقصى الشريف من قبل الصهاينة كرد فعل على هذه الجريمة , وشارك في المؤتمر 26 دولة عربية وإسلامية مثلها فيه ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية وممثلوهم , وكان للمؤتمر أثر في توحد الدول العربية والإسلامية . -مخيب للآمال لقد استبشر العرب من المحيط إلى الخليج , واستبشر المسلمون من المحيط إلى المحيط بهذا المؤتمر الذي ضم أكثر الدول العربية والإسلامية . وعقدوا عليه أعظم الآمال , وتوقعوا منه إصدار مقررات إيجابية تبلور العواطف العربية والإسلامية لتصبح إعلان جهادا , ولكن الآمال المعقودة على هذا المؤتمر انهارت لأسباب كثيرة . لعل من أهمها الارتجال الذي ساد انعقاده واجتماعاته , وكان ينبغي أن يخطط له تخطيطا دقيقا قبل عقد المؤتمر , وتجرى البحوث والدراسات المستفيضة لما كان يجب أن ينجزه المؤتمر أيام انعقاده . كذلك عدم حضور بعض الدول العربية كالعراق والسودان وسوريا واليمن الجنوبي آنذاك , وايضا الخلافات التي حدثت خلال جلسات المؤتمر بين شاة ايران وأنور السادات مندوب مصر للمؤتمر والذي كلف نيابة عن الرئيس جمال عبدالناصر بسب مرضه وغيرها من الأسباب . لقد كانت أهم مقررات مؤتمر القمة الإسلامي : إعلان استنكار المؤتمر لجريمة إحراق المسجد الأقصى , وتأييدهم لحقوق شغب فلسطين , رفض أي حل لا يعيد القدس إلى وضعها قبل عام 1967م, ووجه المؤتمر نداء حارا إلى الدول المسؤولة عن حماية السلام في العالم بأن تضاعف جهودها على المستوى الفردي والجماعي لانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة . ومن الواضح أن مقرات هذا المؤتمر كانت سلبية أيضا , وكان المتوقع منه أن يقرر الجهاد بالأموال والأنفس ويقرر مسؤولية كل دولة ماديا ومعنويا في حمل أعباء الجهاد , ويقرر كيف ومتي وأين يبدأ الجهاد ؟! . -إسرائيل الكبرى إن الصهيونية العالمية منذ نشأتها في مؤتمر " بال " بسويسرا عام 1897م , تطبق مخططا رهيبا مدروسا لتحقيق أهدافها العالمية , فهي تسير سير حثيثا نحو تحقيق أهدافها العسكرية والسياسة والاقتصادية والاجتماعية . وإن الطريق لبلورة الشعور العربي والإسلامي ليكون عملا إيجابيا واضح كل الوضوخ , وسلوك هذا الطريق يؤدى إلى وضع حد حاسم لمطامع العدو الصهيوني التوسعية في البلاد العربية وإلى استعادة حقوق العرب والمسلمين في الأرض المقدسة . وما لم يملك العرب والمسلمين هذا الطريق فإن العدو الصهيوني سيمتد من النيل إلى الفرات اليوم أو غدا وهذا ما اثبتته الأيام اليوم وما جاء على لسان رئيس وزراء كيانهم الإرهابي نتنياهو حين اعلن عن حلمه في تحقيق ما يسمها الصهاينة " إسرائيل الكبرى " بحدودها الممتدة من النيل في مصر إلى الفرات في العراق . -صمود غزة وما حرب الإبادة لسكان غزة وتدميرها منذ عامين من العدوان الصهيوني إلا لتحقيق ذلك الحلم والحدود لكيانهم , لكن غزة بصمودها واستبسال مقاومتها وقفت عثرة امام المشروع اليهودي الصهيوني - الغربي الكبير أمام تخاذل عربي - إسلامي إن لم نجد الخيانة والتطبيع بل ووصل الأمر إلى المشاركة والمساهمة والدعم من أنظمة عربية وإسلامية للعدو الصهيوني في عدوانه على غزة وتدميرها وقتل وتشريد وتهجير سكانها . فبالأمس قبل 56 عاما احرقوا المسجد الأقصى المبارك ولم يجد الصهاينة من العرب غير التنديد والشجب , واليوم يسعون في مشروعهم إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان غزة ونجد من العرب والمسلمين كحكومات من انتقل من التنديد والشجب إلى الصمت والتواطؤ والتطبيع والمشاركة .