على مدى عقدٍ من الزمن، وتحالفِ العدوان الأمريكي السعودي الصهيوني الإماراتي البريطاني ومرتزقتِهم من حزبِ الإصلاح في محافظة تعز، ونحن نتفاجأ ونُصدم بأخبارٍ مؤلمةٍ وحزينة، وجرائمَ لا إنسانيةٍ تكاد تفوق الخيال، ويَندى لها الجبين، وتُعد دخيلةً على المجتمع اليمني، ومخالفةً لكلِّ الأعراف والأسلاف القبلية، بغضِّ النظر عن تجاوزِها لكلِّ الشرائع السماوية والدساتير التشريعية والقوانين الدولية، والتي تُعد جرائمَ حربٍ إنسانيةٍ وانتهاكاتٍ صارخةً لكل المواثيق الدولية. وسأُوجز لكم هنا بعضًا من جرائم إعدام الأسرى داخل السجون، تعذيبًا وتنكيلًا، وإعدامًا مباشرًا للأسرى أو للمدنيين العُزّل، والتي تكاد أن تكون تعز في الصدارة من حيث عدد الجرائم وبشاعتها. لقد شكّلت مدينةُ تعز، طوال سنوات الحرب في اليمن، مسرحًا دمويًّا ومؤلمًا لتلك الجرائم والممارسات المروّعة التي هزّت الضمير الإنساني، كان أبرزُها عملياتُ إعدام الأسرى والجنود الجرحى خارج نطاق القضاء. هذه الأفعال لم تكن أخطاءً عرضيّة في ساحة المعركة، بل كانت جرائمَ منهجيةً فاقت كلَّ الحدود، وترقى إلى مصافِّ جرائم الحرب التي لا تُغتفر ولا تسقط بالتقادم بموجب القانون الدولي، والتي كان آخرُها ما سمعناه اليوم عن جريمة إعدام الأسير عيسى مقبل العفيري. إنّ هذه الجرائم تُعد انتهاكًا صارخًا للأعراف والمبادئ الأساسية في القانون الدولي الإنساني، الذي جسّدته اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية الملحقة بها، والتي تنصّ بوضوحٍ على: حظر وتجريم قتل أو إيذاء الأسرى. وجوب معاملة الأسرى معاملةً إنسانية. حظر إصدار أحكامٍ قضائيةٍ وتنفيذها دون محاكمةٍ عادلة. وعندما تقوم مرتزقةُ حزب الإصلاح بإعدام أسرى بشكلٍ عشوائي أو انتقامي، فإنّها لا تنتهك هذه القوانين فحسب، بل تُقوّض أسسَ الإنسانية ذاتها. وقد وثّقت المنظمات الحقوقية والإنسانية العديدَ من هذه الجرائم، سواء في خطوط المواجهة أو داخل السجون، وسُرِّبت مشاهد وتقارير عن القتل العمد للأسرى أو للأشخاص العُزّل من السلاح، وتنفيذ الإعدامات دون وجود محكمةٍ مشكلةٍ تشكيلًا قانونيًّا، أو حتى محاكماتٍ صوريةٍ شكلية. إنّ هذه الجرائم البشعة التي يُقدِم عليها مرتزقةُ العدوان من حزبِ الإصلاح لا تسقط بالتقادم، وسيتمّ ملاحقةُ الجناة قضائيًّا مهما طال الزمن أو مرّت السنوات، ولن تُطمس أو تُمحى. فوثائقُ الأممالمتحدة، وتقاريرُ المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وشهاداتُ الناجين وعائلات الضحايا، جميعُها تُشكّل أرشيفًا حيًّا ينتظر اليومَ الذي يُقدَّم فيه الجناة إلى العدالة. خاتمة: إنّ الحديث عن جرائم إعدام الأسرى في تعز ليس مجرّدَ سردٍ لمأساةٍ إنسانية، بل هو تأكيدٌ على مبدأٍ قانونيٍّ وأخلاقيٍّ في غاية الأهمية. هناك خطٌّ فاصلٌ بين الحرب المقيدة بأخلاقياتها، وبين الفوضى والعنف غير المبرَّر، وقد تمّ تجاوز هذا الخط في تعز. فالمجتمع الدولي، بكل هيئاته ومنظماته، مطالبٌ اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى بالضغط من أجل إيقاف هذه الجرائم اللاإنسانية، وتشكيل آلياتٍ مستقلةٍ للتحقيق فيها، وملاحقةِ مرتكبيها، سواء أكانوا أفرادًا أم قادةً أم جماعاتٍ حزبيةً أو مدنية. كما أنّ على الأطراف اليمنية المختلفة تحمّلَ مسؤولياتها، ووقف هذه الممارسات فورًا، والتأسيسَ لمستقبلٍ يحترم كرامة الإنسان وحقَّه في الحياة، ويمنح ضحايا تعز وأُسرَهم شيئًا من العدالة التي يستحقونها، ويُرسّخ لسلامٍ حقيقيٍّ لا يقوم على إفلات المجرمين من العقاب.