حذّر المعهد الوطني للإحصاء الفرنسي من تحديات ديمغرافية قادمة ستواجه فرنسا ستضعها في خانة الشيخوخة. وكشف المعهد في تقارير نشرها أول أمس الخميس، عن ارتفاع عدد كبار السن (60 عاما فأكثر) الذين يعانون فقدان الاستقلالية (غير قادرين على خدمة أنفسهم بشكل جزئي) عام 2052 إلى نحو 2.8 مليون شخص بزيادة بلغت 700 ألف شخص عن عام 2021، أي ما يعادل 36%. مما سيزيد من الأعباء المالية للحكومة لرعاية هذه الفئة، فضلا عن إعادة النقاش حول إصلاح قانون التقاعد. وأشار المعهد إلى أن حالات الفقدان الشديد للاستقلالية (غير قادرين على خدمة أنفسهم بشكل كامل) سترتفع بنحو 300 ألف حالة إضافية في مطلع خمسينيات هذا القرن مقارنة بعام 2021 (من نحو 670 ألفا إلى قرابة 970 ألفا) بزيادة قدرها 45%. وتعزى هذه الزيادة مباشرة إلى شيخوخة السكان، إذ سيزيد عدد كبار السن بنحو 5 ملايين شخص بحلول 2052 (زيادة ب 27%)، وسيرتفع متوسط أعمارهم من 72.4 إلى 75.1 عاما. ومع ذلك، تُخفف التحسنات الصحية عند السن ذاتها جزءا من الأثر، إذ قدّر المعهد أن التقدم في الصحة والاستقلالية سيسمح بتفادي نحو 600 ألف حالة فقدان للاستقلالية كانت ستحدث لولا ذلك. وسجلت فرنسا عام 2021، حوالي 600 ألف شخص ما يعادل 30% من كبار السن فاقدين للاستقلالية ويعيشون في مؤسسات الرعاية، وأشار المعهد إلى أنه بحلول عام 2050 ستحتاج فرنسا إلى المزيد من دور إيواء المسنين المعتمدة طبيا وغيرها، مع الحاجة لتوظيف نحو 800 ألف عامل إضافي بحلول أفق 2050. هذه التحولات، وفق الخبراء، ستفرض ضغوطا إضافية على نظام الرعاية الاجتماعية، في وقت تسعى فيه الحكومة لموازنة ميزانيتي الدولة والضمان الاجتماعي لعام 2026 وسط أزمة مالية عامة متفاقمة. ورطة الحكومة في ظل هذه التحديات، تحاول الحكومة الفرنسية الموازنة بين ضبط العجز المالي وتحفيز النمو، في وقت تتزايد فيه التوترات السياسية والاجتماعية بشأن الإصلاحات الاقتصادية والضريبية. وتواجه فرنسا أزمة سياسية كادت تعصف برئيس الحكومة سبيستيان ليكورنو بسبب قانون التقاعد الذي يمس بصفة مباشرة كبار السن وجمّده ليكورنو لكسب ود الحزب الاشتراكي وتفاديا لمصيدة حجب الثقة التي لجأ إليها حزبا فرنسا الأبية والجبهة الوطنية، لكن الرئيس إيمانويل ماكرون أعاد الشك من جديد بعد أن صرح يوم الثلاثاء 21 أكتوبر/تشرين الأول من سلوفينيا بأن الإصلاح لم يُلغ ولم يُعلق، قبل أن يعلن مجلس الوزراء أول أمس الخميس عن تعليقه لغاية 2028، مما سيكلف ميزانية فرنسا 100 مليون يورو في عام 2026 و1.4 مليار يورو في عام 2027، وفقا للرسالة التصحيحية التي كشفت عنها صحيفة "ليزيكو" يوم الأربعاء الماضي. وفي التقارير التي أفصح عنها أمس، أشار معهد الإحصاء إلى ارتفاع ثقة الشركات في فرنسا بشكل غير متوقع خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، مدفوعة بتحسن في قطاعي الصناعة والتجزئة. ووفقا لبيانات المعهد فإن مؤشر الثقة العامة للشركات صعد إلى 97 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ إبريل/نيسان الماضي. وتحسن المناخ بوضوح في الصناعة، إذ قفز المؤشر 4 نقاط إلى 101 متجاوزا قليلا متوسطه الطويل. كما تحسّن مؤشر التجارة بالتجزئة وتجارة وإصلاح السيارات بقوة، فزاد ب 7 نقاط إلى 99 مدفوعا بارتفاع نوايا الطلبات، وأشار معهد الإحصاء إلى التحسن "قوي بشكل خاص" في تجارة السيارات وتصليحها. في المقابل، أظهرت البيانات أن مديري الشركات في قطاع الخدمات أصبحوا أكثر تشاؤما مقارنة بالشهر السابق، إذ تراجعت توقعاتهم حول الطلب والنشاط المستقبلي إلى ما دون المتوسط. أما تقييمهم للنشاط السابق فقد انخفض أيضا وابتعد عن مستواه المعتاد، رغم تحسن طفيف في النظرة العامة لآفاق القطاع خلال الأشهر المقبلة. أما في ما يتعلق بسوق العمل، فقد ارتفعت مؤشرات التوظيف الحالية والمتوقعة بشكل ملحوظ، لكنها لا تزال أقل من مستواها المتوسط. وارتفع المؤشر العام لمناخ التوظيف بثلاث نقاط إلى 96 نقطة، وهو تحسن يعود بالأساس إلى تفاؤل أكبر في قطاع الخدمات بشأن زيادة عدد العاملين مستقبلا. ومع ذلك، لا يزال هذا المؤشر دون مستواه الطبيعي البالغ 100 نقطة منذ منتصف 2024. كما قفز مؤشر عدم اليقين الاقتصادي إلى أعلى مستوى له منذ إبريل/نيسان 2023، ما يعكس استمرار القلق من تباطؤ النمو وضعف الرؤية المستقبلية لدى الشركات. وحسب التقرير، فإن نسبة الشركات التي تواجه صعوبات في التوظيف بقيت مستقرة مقارنة بالربع السابق، بينما ازداد عدد تلك التي تعاني من مشاكل في الطلب أو في العرض بشكل منفصل، في حين تراجع عدد الشركات التي تواجه الصعوبتين معا. كما أظهر التقرير أن خطط الاستثمار للأشهر المقبلة شهدت انتعاشا محدودا لكنها ما تزال دون متوسط العامين الماضيين.