رحل القائد ولم ترحل هيبته رحل الجسد وبقي الأثر رحل الصوت الهادئ الرصين وبقيت كلماته محفورة في الذاكرة رحل البطل وبقيت روحه تسكن كل ميدان وجبهة وكل سهل وجبل وكل من عرفه وأحبه وتأثر به .. رحل اللواء الركن القائد الغماري المغوار الذي ارتقى شهيداً في معركة الإسناد المباركة، على طريق تحرير القدس والمقدّسات وسيذكر التاريخ الشهيد البطل اللواء الركن الغماري الذي وقف مع شعب فلسطين في التصدّي للعدوان وحرب الإبادة في قطاع غزة. ذلكم الرجل العسكري من الطراز الأول الرجل الذي كانت تحمله المواقف وتحتمله الشدائد وتزهر به ميادين الرجولة والتضحية رحل من لم يعرف التراجع ولا يعرف الهزيمة ولا يقبل الانكسار. كان عقلا يخطط بقوة ودهاء ومهندسا في ساحات الجهاد لا تضل له خطة ولا تفشل له رؤية كان يعرف متى يتقدم ومتى ينتظر يعرف متى يصمت ومتى يتكلم متى يقود ومتى تتكلم عنه وعن حضوره الطاغي في كل موقع وزمان كان رجلا يفكر بعقله وقلبه في آن واحد. كان محنكا حذرا صارما وقت الموقف رحيما وقت الحاجة عطوفا متواضعا رغم علو مقامه ورفعة منصبه كان في المجلس هادئا متزنا وفي الميدان عاصفة لا تهدأ كان أبا لإخوانه في السلاح وصديقا لأفراده وحنونا على جنوده وصارما على عدوه. لم يكن الشهيد الغماري مجرد رتبة أو منصب بل كان روح مؤسسة عسكرية متكاملة رجل إذا مر بك عرفت أنك أمام جبل من الكبرياء والثقة والإخلاص كان قلبه كبيرا يتسع للجميع وخلقه رفيعا لا يجارى وسيرته بين الناس لا تحتاج شهادة من أحد فهي تسبق اسمه وتتكلم عنه بلسان كل من عرفه أو سمع به. كان رجل اللحظة في كل اللحظات لا يخذل الرفاق ولا يترك الصفوف تتأخر من دونه .. كان من يقود ولا يقاد من يبني ولا يهدم من يزرع في الناس الأمل ويشعل فيهم نار العزيمة. رحمك الله يا سيدي كم سيفتقدك المجاهدون والمرابطون والخنادق والمتارس والجبال التي اعتادت على وقع خطواتك وسمعت دعاءك وشهدت صبرك وصمودك كم ستشتاق لك السهول التي عبرتها والوديان التي سجدت فيها شكرا لله على النصر. نم قرير العين يا سيدي فالمسيرة ماضية ونحن على دربك سائرون لن نخذلك ولن ننسى ما قدمت ولن تموت ما دام فينا قلب ينبض وروح تقاوم .. هنيئا لك الشهادة هنيئا لك الفوز والرضوان.