غاب الجسد لكن لم تغب القامة..توقفت نبضات القلب لكن بقي صوت الرجل يهدر في ميادين العزة. رحل من عاش للقتال ولم يعرف للراحة سبيلا غادرنا القائد الكبير وترك خلفه ارثا من المجد لا تقدر عليه السنون ولا تغيره الحروب كان القائد الغماري اكثر من مجرد رجل في زي عسكري كان العقل المدبر والصوت الهادئ والخطوة الواثقة كان رجل التصنيع ورجل التخطيط ورجل التكتيك العسكري الاول هو من حول الحصار الى معبر والمستحيل الى واقع هو من جعل من الانفاق مصانع ومن العقول محاريب مقاومة كان مدرسة في الثبات لا تغلق ابوابها ومعلما في ميادين النار لا يتراجع لم يكن القائد يأمر من خلف المكاتب بل كان يسبق الصفوف ويتقدم الى الخطوط كان يمسك بالخريطة ويقرأ الميدان بعين الصقر ينحت في قلب الصخر سبيلا للعبور ويبني من الفكرة جيشا لا يعرف التكرار كان رجل اللحظة والتاريخ يفهم الحرب كما يفهم المقاتل بندقيته ويعرف متى يخطط ومتى يضرب ومتى يصمت ومتى يعلن الصدمة لم يكن مجرد قائد لجبهة بل كان نواة لمؤسسة كاملة تبني وتحمي وتخطط وتقاتل كان صوته امرا للعقل وكان حضوره وحده يبعث في الجند العزم وكانت حكمته ميزان القرار في لحظات الحسم لم يخسر معركة ولم يهادن خصما ولم يكرر خطأ صنع من كومة الحديد سلاحا ومن الحصار فرصة ورأى في كل ركام بناء جديد لمشروع مقاومة كان القائد الذي لم يعرف النوم الا في ساحات النار ولم يعرف التعب الا في عيون رفاقه كان اخر من يغادر الميدان واول من يحضر للمعركة هذا هو القائد الغماري رجل لا يتكرر لكنه زرع في كل رجل فكرة وفي كل فكرة نهجا وفي كل نهج طريقا للحرية لا تحجبه العواصف ولا توقفه المؤامرات نم قرير العين ايها القائد فصوتك ما زال يدوي في آذان المجاهدين وخطاك ما زالت تتبع في خنادق الرجال هنيئا لك الشهادة فهذه المقامات لا ينالها الا من صدق الوعد واثبت في الميدان وامثالك لا يرحلون بل يتحولون الى نبض لا ينطفى الى نهج لا ينكسر الى اسم يردد كلما نادى الوطن على ابنائه