إنَّ المتابع لمشهد الحراك السياسي والعسكري في لبنان، ولأجواء التصعيد الذي يقوم به جيش الكيان الصهيوني بدعمٍ وبضوءٍ أخضر أمريكي، في خروقات فاضحة لاتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى، لابدّ له من الوقوف والقراءة لمجريات الأحداث وما ستؤول إليه الأوضاع، وذلك من خلال عدة عوامل نوردها فيما يلي: أولًا: لا يجوز التقليل مما تقوم به إسرائيل ضد لبنان من خروقات بعد وقف الحرب، للأسباب التالية: 1- اغتيال رئيس أركان حزب الله هيثم الطبطبائي، المُكنّى ب"أبو علي"، وهذا يعني أن الجواسيس ما زالوا موجودين، وهم سبب خسارة الحزب سابقًا. 2- الهدف ليس ضرب المقدرات المادية والبشرية للحزب والمقاومة في لبنان فقط، وإنما الهدف أيضًا ضرب النفسيات لكل مقاوم في الأرض، واستباحة الأجواء وكشفها. 3- تحويل الصراع بين الحزب والكيان الصهيوني إلى صراع بين الحزب والحكومة اللبنانية، وانزلاق لبنان إلى حرب أهلية طاحنة يكون المستفيد الأول فيها أمريكا والكيان. ثانيًا: من أجل المحافظة على النفسيات يجب الآتي: 1- يجب أن نعلم أن الحزب استفاد من معركة أولي البأس، حيث عرف الحزب طرق جيش الكيان الصهيوني في معرفة الأهداف، وكيفية إخفاء الأهداف بقدر المستطاع. 2- يجب أن نعلم أن معظم ضربات العدو لم تحقق الأهداف العسكرية كما يعلن الكيان. 3- العقيدة القتالية للحزب عقيدة قرآنية إيمانية بحتة، تؤمن بالصبر والشهادة والنصر. ثالثًا: أعتقد أن الحزب لن يظل كثيرًا متمسكًا بالصبر الاستراتيجي لعدة أسباب، منها: 1- من الخطأ التعويل على حكومة لبنان، وهي لم تقدم حتى اعتراضًا إلى مجلس الأمن، بل العكس؛ فهي متناغمة مع طلب أمريكا وإسرائيل، وبعض مسؤوليها ذهب إلى أمريكا للتحريض على حزب الله. 2- الحزب يعلم جيدًا أن الوضع كل يوم يمرّ يكون للأسوأ، حيث لن يتغير وضع شيعة معاوية في سوريا ومن يماثلهم في لبنان من شيعة معاوية وشيعة نتنياهو. 3- الكيان نفسه لن يسمح للحزب بإطالة الصبر الاستراتيجي، وسيدفع الحزب للدخول قريبًا جدًا؛ لأنه يرى الوقت مناسبًا بسبب الآتي: أ- ضرب جزء من أسلحة وقيادات حزب الله سابقًا. ب- ما زال جزء من الخرق الأمني موجودًا. ج- ضعف السند والمدد بسبب سقوط سوريا في يد الدواعش. د- الحالة العدائية للحزب في سورياولبنان. ه- الدعم الأمريكي في أوجه من ترامب، والدعم المالي الخليجي في قمته، ويطالب إسرائيل وأمريكا بسرعة إسقاط حزب الله. 4- كل يوم يمرّ، تقضم إسرائيل جزءًا من إمكانية حزب الله ومن نفسيات المقاومين. رابعًا: تسليم سلاح المقاومة هو هدف الخروقات، وهذا لن يتم لعدة أسباب، منها: 1- الهدف من الخروقات وتحليق طيران التجسس اليومي فوق لبنان هو الضغط على الحكومة والحزب من أجل نزع سلاح الحزب وضرب نفسيات المقاومين، وهذا الهدف – أو طلب نزع السلاح – من منظور ديني عند المقاومة أبعد عليهم من عين الشمس؛ لأن السلاح لا يمتلكه الحزب، وإنما هو سلاح القائم عجل الله فرجنا بظهوره الشريف. 2- الأمن القومي اللبناني يراه الحزب في توحيد جهود الجيش والشعب والمقاومة. 3- خوف الحاضنة الشعبية للحزب في لبنان من أن يحصل لهم ما حصل للعلويين في سوريا، كون القائم بالعمل الإجرامي متربص بالحزب وجاهز للانقضاض. 4- رفض الغرب تسليح الجيش اللبناني حتى يكون جيشًا يشكل ردعًا لإسرائيل. من الأخير: لن يُنتزع السلاح من المقاومة إلا وهم شهداء، أما أحياء فلن يسلموا السلاح. إذًا هي الحرب، تأخرت أو تقدمت، لكنها لن تتأخر كثيرًا.