فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يهود اليمن يحذرون من محاولات صهيونية لنقل رفات كبير أحبارهم إلى إسرائيل
غيل الشبزي أصبح مزاراً لهم
نشر في 26 سبتمبر يوم 11 - 05 - 2007

الساعة الحادية عشرة ظهراً.. اليوم السبت.. المكان مدينة ريدة محافظة عمران.. وصلنا في تلك اللحظة مدينة ريدة التي تعتبر إحدى عواصم التبابعة الضاربة جذورها في عمق التاريخ، وتشكل فسيفساء من التاريخ اليمني القديم والوسيط، ورد ذكرها في القرآن الكريم في آية القصر المشيد والبئر المعطلة، وبعض المؤرخين يعدها أول مدن الأرض في صناعة "الخمور"، تحتضن اليوم ريدة قبر أعظم رجالات اليمن على الإطلاق..
انه أبو محمد الحسن الهمداني المؤرخ والشاعر والسياسي اليمني الكبير الذي سوف نكرس له تحقيقاً مفصلاً في حلقة خاصة إن شاء الله.. كانت وجهتنا الى الطائفة اليهودية هناك.. رحلتنا من صنعاء الى ريدة استغرقت ساعة وعشرين دقيقة انشغلنا فيها بتحديد برنامجنا اليومي في ريدة، وسرعة إنجاز مهمتنا الصحفية مع اليهود القاطنين في المدينة، وصلنا ريده وبدأنا نسأل عن بيت الشاب اليهودي فايز وسرعان مادلنا على ذلك طفل لا يتجاوز عمره الثانية عشرة.. وقفنا بسيارتنا أمام بوابة منزل "فايز" طرقنا الباب للمرة الأولى والثانية والثالثة والرابعة لا أحد يجيب.. انتظرنا طويلاً أقبل علينا عدد من أطفال الحارة.. ماذا تريدون؟ هل تريدون فايز اليهودي؟.. قلنا: لهم نعم.. قالوا: اليوم السبت ولا يهودي يخرج اليوم من بيته.
طاهر العبسي- خالد القارني
سألنا أنفسنا في تلك اللحظة كيف غفلنا عن ذلك؟ أصرينا على مقابلة فايز حتى لو كان اليوم سبتاً بحكم معرفتنا له من مقابلة سابقة.. عدنا الى طرق الباب مرة ثانية.. أحسسنا بحركة خلف الباب واذا بطفلاً صغيراً في الثامنة من عمره، يبدي رأسه من خلف الباب.. طلبنا منه أن يدعوا فايز لنتحدث معه.. أجاب اليوم سبت، قلنا له: حتى لو كان سبتاً ادعيه وقل له: ناس من صنعاء يريدون أن يتحدثوا معك.. الطفل كأن لم يسمعنا ردد نفس العبارة السابقة اليوم السبت..
أدركنا حينها أنه لا فائدة من اية محاولة وقررنا العودة الى صنعاء وبالفعل توجهنا صوب مدينة صنعاء.
في اليوم التالي عدنا الى ريدة فكانت أول محطة لنا مدرسة الشبزي طرقنا باب المدرسة فأسرعوا بفتح الباب وهناك رأينا فايزاً فعاتبناه على عدم استقباله لنا امس فقال: لو خرجنا لكم كانت قصتنا مثل قصة اصحاب السبت الذين أتتهم حيتانهم يوم سبتهم.. تبادلنا معه التحية متفاجئاً بقدومنا وطلبنا منه السماح لنا بتصوير الطلاب أثناء الدراسة، فقال: انتظروا قليلاً، وذهب الى أحد فصول المدرسة وهي فصول مغلقة الأبواب لا تسمع من خلالها الاّ أصوات التلاميذ ترتل آيات من التوراة..حاولنا أثناء انشغال فايز أن نصور فصلا آخر.. تلاميذ مرحلة ابتدائية لا يتجاوز أعمارهم السابعة، لكن المدرس منعنا من التصوير إلا بعد أن يأذن الأستاذ فايز مدير المدرسة وانتظرنا حتى بالتصوير الذي لم يتأخر كثيراً، فسمح لنا بتصوير التلاميذ.. خرج الطلاب من فصولهم بعد ان قمنا بتصويرهم واخذوا يمرحون ويلعبون في أفناء المدرسة، وكأن تواجدهم معهم بمثابة فرصة لا تتكرر لأخذ قصد من الراحة.. ربما لأن اسلوب التدريس ونوعية المواد صعبة وثقيلة عليهم.
ومن ثم توجهنا الى عمق المدينة حيث علمنا أن اليهود يؤدون صلواتهم في منزل اليهودي يوسف الواقع خلف سوق ريدة، وصلنا المكان ونزلنا من على السيارة، حدد لنا أحد جيران منزل يوسف ذلك وأثناء اقترابنا من منزل يوسف لفت انتباهنا لوحة محفورة على جدار منزل يوسف الخارجي مكتوب عليها «بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله».
سألت المرافق لنا عمن كتب هذه الآيات، فأجاب.. اللوحة كانت موجودة من قبل أن يشتري يوسف البيت من أحد أبناء المدينة ولكن يوسف لم يزل هذه الكتابة وتركها على ماهي عليه.. هذه بادرة جيدة لخلق ثقافة للاحترام المتبادل بين الطوائف.. طرقنا باب يوسف، وأجاب بسرعة من نافذة البيت فعرفناه بأنفسنا وطلبنا منه أن ينزل إلينا لنتحدث إليه بشكل واضح ومريح، فبادر بذلك وتبادلنا معه التحية، وعرضنا عليه طلبنا فتلكأ قليلاً وبرر عدم موافقته بشعوره الشديد بالجوع في تلك اللحظة وحان أن يجلس للغداء، وقلنا له نحن نقدر ذلك ويمكننا أن ننتظر حتى تفرغ من الغداء.. وبصوت خافت وكلمات مقتضبة لا داعي أن تنتظروا سأرسل ولدي "سوسون" بالمفتاح لتشوفوا المكان وأردف هذا مش هو كنيسي هو ديوان عادي نصلي فيه وإذا أردتم أن تشوفوا الكنيس تعالوا بعد الساعة العاشرة - يقصد الرابعة بعد العصر سوف نجتمع فيه لنؤدي الصلاة هناك وسوف تلتقون هناك بجميع اليهود.. شكرناه على ذلك ومن ثم توجهنا مع ولده "سوسون" عبر ممرين بين ضيقين مليئين بالأعلاف ودخلنا حوش المجاور لمنزلهم فوجدنا بداية المدخل رجلاً مسناً جالساً وأمامه زنبيل من البلاستيك يأخذ أعواد القصب ويكسرها قطعا صغيرة ويضعها في الزنبيل ويفعل ذلك بسرعة تدل على أنه اعتاد هذا العمل واصلنا مشينا مع "سوسون" وطلعنا الى الطابق الثاني فتح لنا المكان.. من النظرة الأولى أنه لا يختلف عن مجلس القات الموجودة في كل بيت يمني، ولا يميزه عن ذلك سوى ما يعلقونه على سقف المجلس من مجسمات بعض الفواكه مثل العنب والموز وبعض النبات مثل الرومي تعلق في مؤخرة المجلس أما مقدمة المجلس التي تقع في اتجاه بيت المقدس فيها تنصب منضدة ترتفع عن الأرض بحدود متر تتسع لكتاب كبير الحجم وقوفها يعلق فوقها مباشرة صندوق أشبه بالدولاب مثبت على جدار المجلس والى جانبه معلق عدد من اللحف وفي وسط المجلس طاولة عريضة عليها عدد من المدافل المستخدمة أثناء التخزين سوسون الذي عمره لا يتجاوز ال 13 عاماً طلبنا منه أن يرينا كيفية أداء الصلاة.. رفض حاولنا أن نقنعه لكنه رفض بشدة وبعد إلحاح اقتنع ان يعلم المرافق لنا كيف تؤدى هذه الصلاة وتمكنّا أثناء شرح سوسون من التقاط صورة له.
سألنا «سوسون» أنت تصلى كل يوم؟... أجاب ضروري كل واحد يصل سن ال13 ضروري يصلي وحرام يقطع الصلاة بعدها.
ومع نزولنا من مجلس الصلاة وجدنا ذلك الشيخ اليهودي على تلك الحالة في جلوسه غير المريحة.. سألناه مباشرة كيف حالك أجاب الحمد لله.. لقمة ورقعة لو ما يجي الموت.. قلنا له يبدو انك ضاجر من الحياة.. أجاب ماحد يشل معه شيء من هذه الحياة غير الخرقة وفي الدينا اذا معك لقمة تأكلها وخرقة تلبسها يكفي.
كانت ابنته واقفة بجواره قاطعت حديث ابيها وقالت:
أبي كفيف النظر ومع ذلك هو كل يوم يطعم الناقة حقنا.. ويكسر لها القصب وهو على هذا الحال منذ عشر سنوات.
سألناها عن اسباب مرضه وفقده للنظر فأجابت بقولها:
ابي حرق قلبه على اخوتي اثنين معنا مجانين.. قاطعها ابيها وقال: جهالي اصيبوا بهذا ما يسموه مرض نفسي، وقد عالجتهم في تعز وعند المتخابرين «المشعوذين».. ومافيش فائدة.. الآن هم بيسيحوا حوا في الشوارع والعرضان «الجبال».. بيجوا الى البيت يشلوا لقمة في ايدهم ويهربون..
سالناه من يساعده في هذه الحالة فأجاب بقوله:
ما معي إلاّ هذه البنت فقط ما عاد زوجناهاش وخليناها تشقى علينا.. تنهد ابراهم نهده عميقة وقال قد كنا حالنا في كانط احلى من هنا، كنا نسير الى عند القبائل ويدو نا حب «حبوب» وعلف اما هنا فماحد يفتح عليك الباب..
سالناه ولماذا نقلت الى ريده فقال.. خفنا لايجي الموت وما احد عندنا فجينا الى هنا ونشتى نصلي جماعة مع اليهود ونتوانس معهم وسألناه هل تحصل على دعم من الدولة؟
قال: يدوا لي من هذا الذي بيقولوا عليه الرعاية الاجتماعية..
كان ذلك مع اقتراب الساعة الثانية بعد الظهر شعرنا بالجوع وقررنا الذهاب الى احد مطاعم المدينة. وعلى مقربة من ذلك المنزل وجدنا المطعم، وفي عجلة تناولنا الغداء وانتقلنا على إثرها الى منزل العليوم سعيد الذي وجدناه في احدى غرف الطابق الاول من منزله يتربع زاوية من زوايا تلك الغرفة يخيط مدبوغات جلدية، عرفّناه بأنفسنا فرحب بنا وقال: اذا أردتم ان نجلس تعالوا الى بيت ولدي يوسف فوافقنا على مقترحه وتوجهنا الى بيت ولده يوسف وهو في الجهة المقابلة لمنزل ابيه، وفي الجلسة التي جمعتنا بيوسف وابيه تميزت بالمرح والفكاهة، فسعيد يتمتع بروح مرحة جداً جعلت من الجلسة واللقاء ذات مذاق خاص وممتع.
وفي الحلقة الثانية للحوار مع اليهود نستعرض عدداً من القضايا التي خرجنا بها من جلسة الحوار مع العيلوم سعيد وابنه يوسف، والعيلوم الاستاذ فائز الجرادي.
العيلوم سعيد رجل مسن يناهز عمره ال75 عاماً.. كثير من الاحداث عاصرها في طفولته وشبابه وشيخوخته يقول عنها:
عشت ايام تولي الامام يحيى الحكم في اليمن، واتذكر بأن اليهود الذين كانوا يشكلون ثلث صنعاء يسكنون في باب البونية، باب القاع، وباب القرية الجديدة - كما كانوا يسمونها - وباب الروم.. واليهود عاشوا في هذه المناطق على حلقة وجالب لهم، وفي المساء كانوا يغلقون الابواب، ولا احد يدخل عندهم على «يسك» والعساكر يدورون على المدينة كلها من الساعة الرابعة، ومن لقوة مسكوه وادخلوه الحبس.. اما اليوم ما فيش هذا الكلام.. اصبحت حرية، واذكر ان الامام يحيى عين اليهودي والتاجر اسحاق لتولي شؤون اليهود وحل قضاياهم، وقال له اذا اختلف اليهود حل بينهم أنت.. وما عسر عليك ارسلتهم الى عندي، واذكر انه كان هناك تجار كثيرون مثل البديحي وحبشوش والقريطي، ومازالت بيوتهم الى حد الآن، وهي بيوت منظومة مرصوفة بالحجر الحبش لأنه ما كان في في تلك الايام البلاط موجود وكان شكل البيوت مميزة عن غيرها.. كانت مربعة، وفيها كانوا يعملون صالة شمسية تدخل منها الشمس الى كل الاماكن في البيت، وكان التاجر البديحي معه دكان في «عقيل»، ويصيغ المخلص «الفضة»،و كذلك الذهب لليمن بكله الا ما ندر كان يهود صعدة يصيغون ذلك.. الصياغة للذهب والفضة من ابدع ما يمكن، ولا يستطيع احد منافستهم عليها.. لا يوجد فيها غش، والى حد الآن تلك المصوغات لم تتغير.. حيث كان لا يوجد بين الفضة سوى قفلة واحدة فقط من النحاس - يقصد ان نسبة الفضة 99.9٪.
ثمانية أشهر
سألنا سعيد عن مستواه العلمي الديني باعتباره عيلوماً في الطائفة اليهودية في اليمن.. اجاب بقوله:
علمنا بسيط أنا لم أقرأ سوى ثمانية اشهر فقط.
تاريخ الطائفة
ومن الاسئلة التي طرحناها على العيلوم سعيد في جلسة قات.. هل تتم عملية تدوين تاريخ الطائفة ومدى معاصرتها للأحداث والتحولات، وآلية التدوين التي يتبعونها؟
تاريخ مه مه؟!
مثلاً تاريخ قدومكم الى اليمن على سبيل المثال.. او تاريخ اوضاع اليهود إبان عهود الإمامة كما ذكرت لنا؟
والله ما لنا علم أي حين جو.. خلقنا هانا، وما عرفنا انفسنا الا يمنيين.. آباؤنا واجدادنا كذلك، ونحن ما فيش معنا أحد يؤصل.
لكن الابن الاكبر للعيلوم «يوسف» حاول ان يساعد والده في الاجابة على سؤالنا وشرح رأيه باسلوبه:
اقول حاجة واحدة.. اليهود في اليمن مافيش معهم واحد تاجر كبير.. او معهم شخصيات مهمة.. اليهودي رزقه من ساقه اين ما لقي رزقه حالي قمبر.. مافيش ما يربطه.. ليس لدينا اموال مثل القبائل تربطنا.. فبقينا أسراً محدودة في القرى.. ونحن لا تصح صلاتنا الا جماعة، حيث لا تصح الصلاة الا من عشرة اشخاص وما فوق، ولهذا السبب اجتمعنا من عدة قرى الى مدينة «ريدة»..
لذلك اجتمعنا
نحن لا نقصد مسألة وصولكم الى مدينة ريدة بل كيف ستدونون لأحفادكم عن تاريخكم في اليمن؟
هذه القصة كل واحد يحكيها لأولاده واحفاده وهي متوارثة بيننا.
سعيد.. هل سبب الصلاة جعلكم تنتقلون من أرحب الى ريدة؟
نحن عندنا الصلاة والاعراس والختان.. الذبح، الموت، وفي كل حاجة ما تصح الا بالاجتماع، وهذا ما جعلني اترك بيتي في ارحب وقيمته تساوي اكثر من عشرة ملايين ريال.
دراسة الأجداد
لنتطرق في هذا السياق الى ما يتم تدريسه في مدرسة الشبزي العبرية حول التاريخ.. فيقول سعيد:
نحن كتابنا التوراة، وحوّلنا إحدى بيوت اليهود الى مدرسة يدرس فيها طلاب الصف الاول والثاني والثالث، وكلهم يدرسون ما درس آباؤنا وأجدادنا.
مدير المدرسة «فائز» يقول:
مدرستنا حديثة اساسية.. ندرس الآن اللغة الانجليزية للفتيات واللغة العربية والعبرية، والحلال والحرام.. اما مادة التاريخ لم تدخل بعد، ولكن ان شاء الله معانا معانا حتى نصل الى استكمال كل المواد.
أيام النبي سليمان
لكن فائز الجرادي وهو من شباب اليهود المتعلم كان له رؤية اخرى.. اذ يرى ان قدوم اليهود الى اليمن يعود الى قدم التاريخ.
يهود اليمن وجدوا في ايام الملك نبي الله سليمان في عهد سبأ، واليهود اليمنيون كانوا في البوادي، وتجمعوا في هذه المديرية من عدة قرى.. نحن كنا في مديرية ارحب محافظة صنعاء، ونقلنا الى ريدة من أجل التقارب وأداء الصلاة جماعة او الذباحة والختانة، وكذا من اجل ممارسة العمل في المهن الحرفية الحرة، ومعظم اليهود في ريدة يسمون انفسهم نسبة الى المناطق التي ولدوا فيها.. واليهود في اليمن لم يدونوا تاريخهم لأن همهم الاول هو كيف يعيشون ويعرفون ما لهم وما عليهم نتيجة لما عانته اليمن من حروب ومشاكل في مراحل مختلفة، ونحن يهود العرب، واليهود العرب والنصارى يعودون الى ابينا ابراهيم.
الناس تطوروا
وفي إطار الدردشة مع العيلوم سعيد.. سألناه هل اليهود في اليمن من الفرق اليهودية التي تقدس الحية «الافعى»!
حية مه..؟!
الشبيهة بالحنش؟
ما فيش عندنا هذا الكلام.. ما فيش هذا الخبر، والدنيا اليوم عند اليهود والقبائل ماعد هيش عمياء.. الناس تطوروا.
ليس محرماً
كيف علاقتكم مع المجتمع الذي تعيشون فيه؟.. هل تشاركون المسلمين افراحهم واحزانهم.. ام لا؟
عرسهم لهم، وعرسنا لنا.. هم يحق لهم يجوا عندنا ويربوا كيفه وماهو، ونحن في نفوسنا الذي عنده معه هواية يتنفس «يحتفل» يسير.. لانه ليس محرماً لا بالدين ولا بالعادات.
الذباح والنكاح
هل هذا يدل على وجود فوارق بينكم وبين الآخرين؟
الممنوعات بيننا وبينكم ثنتان؟
ماهما؟
الذباح والنكاح هذا ما سبق من الاولين ونحن لحقنا بعدهم.. اما الشيء الثاني نحن نأكل عندكم، وانتم تأكلون عندنا.
شرب المرق
سمعنا أنكم لا تشربون مرق غير اليهود؟
قذا قلنا لكم الذباح والنكاح.. عادك بتقول مانشرب المرق.. اذا شربنا المرق أكلنا اللحمة.. نحن نذبح لأنفسنا.. وانتم تذبحون في المجزرة.
اذا كان ذلك في الذباحة فكيف في النكاح؟
هذا ما جابرتكم به بأن النكاح والذباح ممنوعتان بيننا وبينكم.. لأنكم على سنة ودين وملة وكتاب ونحن كذلك.
بالنسبة لنا مسموح الزواج بيهودية او نصرانية؟
أنتم عندكم هذا الخبر نحن ماشي.
وفي حالة ان هناك يهودية قبلت الزواج بمسلم؟
اذا اسلمت برضاها وقبلت ان تتزوج بمسلم فمع السلامة خاصة اذا ما كانت تعرف الشيء الذي ينفعها والذي يضرها.. على ما يقول المثل: «الراضي لنفسه رابح»، وحتى اليهودي اذا اراد ان يسلم ويتحول الى دين ثاني مع السلامة.
وهل يحق للمرأة التي تتزوج بمسلم ان ترث والدها وأمها؟
لا.. لا.. ولا عد يحق لها شيء.. قدها في دين ثاني.
الحكم واحد
بالنسبة لميراث المرأة اليهودية.. هل هناك تشابه مع الاحكام الاسلامية ام يوجد في الديانة اليهودية اختلاف؟
الحكم هو واحد عندنا وعندكم.. فإذا مات الزوج ومعه أولاد فتأخذ الثمين، واذا لم يكن لها اولاد تأخذ الربع، وهذا موجود في التوراة والانجيل والزبور، ونصيب البنت من بعد ابيها حسب عدد الاخوة.. فاذا كان لها اخ فقط فيأخذ اخوها الثلثين وهي الثلث، والحكم في القرابة، والتوراة والانجيل هو واحد.. في الزاني وفي السارق، وفي القاتل.
مافيش عندنا
وماذا عن العلاقات الزوجية بين اليهود.. خاصة واننا سمعنا بأن الزوجة هي التي تدير المال، وما للزوج من هذا المال الا المنفعة؟
عاداتنا مثل عاداتكم مافيش أي اختلاف.. هذا ربما عند اليهود في أوروبا او في اسرائيل او في امريكا.. الزوج احياناً يقوم يغسّل ويقوم يشتغل في البيت، واذا طلقها زوجها تأخذ البيت.. أما نحن ما فيش عندنا هذا الكلام.
شريكة الحياة
أما الاستاذ فائز فقد قال معلقاً على كلام العيلوم:
نحن ننظر الى المرأة بأنها شريكة الحياة في البيت، وفي تربية الاطفال، وفي كل حاجة، والرجّال ما يسبر الا بالمرأة، والمرأة ما تسبر الا بالرجّال.. بعض اليهود تعلموا من القبائل انهم يكونون هم المسؤولون عن الصرفة للبيت، والبعض الآخر يعتبر المرأة شريكة له بكل شيء.. ومكان الفلوس في البيت معروف ومن يحتاج المرأة او الرجل يأخذ ويشتري الشيء المطلوب لمصاريف البيت او كسوة الجهال.. نحن عندما لانغلق المخزن ونأخذ المفاتيح.. نحن نعتبر المرأة جزءاً من الرجل ولها احترامها، وهي تتحمل متاعب كبيرة في رعاية الاطفال.
تكاليف الزواج
وعند اليهود ايضاً غلاء المهور.. حيث يقول الاستاذ فائز:
اليهود تعلموا من التقاليد اليمنية.. عندنا الشرط مائتا الف ريال تدفع لوالد العروس،و لها يدفع المهر ثلاثمائة الف ريال، وتبلغ تكاليف الزواج (900) الف ريال الى مليون.. ويتم توفير المبالغ عن طريق المساعدة والتعاون لمن لا يستطيع دفع المبلغ.. فمثلاً واحد يهودي توفت زوجته ومعه في البيت بنات وليس معه اولاد يساعدونه على الزواج فقاموا يفرقون له تكاليف الزواج.
«51» الف مؤلف!
ويقول الاستاذ فائز عن كبير احبار اليهود في اليمن « الشبزي»؟
الشبزي هو سالم يوسف الشبزي، وتم تسميته بالشبيزي نسبة الى قرية الشبز «نغز الولد» في شرعب.. نحن سمعنات انه تم بناء مدرسة فوق قبره في مدينة تعز.. وحياته كانت حافلة بالعلم.. حيث الف حوالى «15 » الف كتاب في مجال الشعر.. معظم مؤلفاتها أخذوها الصهاينة وعفّروها.. نحن نقوم بزيارات دائمة الى غيل الشبزي وسمينا مدرستنا في مدينة ريدة بأسم مدرسة الشبزي العبرية.. وفعلاً الشبزي انتقل من شرعب الى مدينة تعز قبل «350» عاماً وكان الصهاينة قد حاولوا نقل قبره ورفاته الى اسرائيل ليكون هناك مزارً لعامة اليهود في العالم، ونحن نحذر من ذلك، ولا يحق للصهاينة نقله من وطنه اليمن.
أعياد اليهود
اما عن المناسبات الدينية ليهود اليمن.. فيقول الاستاذ فائز:
لليهود أعياد ومناسبات دينية كثيرة ولكن الاعياد المتعارف عليها هي عيد الغفران، وعيد نيسان - يوم خروج النبى موسى بقومه الى البحر - وعيد الخضيراء بمناسبة نزول التوراة وعيد المظلات او العودة، وعيد «قراقر» هو يوم الانتصار على هامان، ويقوم خلاله اليهود بالصلاة والدعاء الى الله سبحانه وتعالى بأن يرحم عباده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.