من المقرر أن يختتم مؤتمر علماء اليمن أعماله اليوم، وان يخرج بجملة من التوصيات التي توضح رأي العلماء تجاه جملة من القضايا وفي مقدمتها الفتنة التي أشعلتها الفئة الإرهابية في بعض مناطق محافظة صعدة. وكان فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية قد خاطب الجلسة الافتتاحية للمؤتمر يوم أمس الأول. وأعلن عن منح علماء اليمن تفويضاً كاملا لعمل ما يلزم لتجنيب اليمن الفتنة التي أشعلتها الفئة الإرهابية في محافظة صعدة وحقن دماء اليمنيين. وقال:« هناك دماء تسال ونحن نشعر بالألم لمقتل المواطنين الأبرياء ، ولمقتل الجنود ،و بالرغم من أن المتمردين هم من أشعلوا الفتنة، فنحن ضد إراقة الدماء». واستعرض فخامته مجريات الأحداث منذ إشعال الفتنة لأول مرة في سنة 2004م، والجهود السلمية الكبيرة التي بذلت لإقناع الجماعة الإرهابية بوقف جرائمها واعتداءاتها. والتي لم تفلح جميعها في إعادة تلك الفئة إلى جادة الصواب. وقال فخامته إن الأعمال الإجرامية لتلك العناصر تكشف نواياها الشريره .. «فقد رفعوا العلم الملكي. علم الأئمة وأعلنوا تمردهم على الدولة ومعاداتهم للثورة والنظام الجمهوري وهذا دليل على مايسعون إليه لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء «. وأكد: أن المواطنين اليمنيين متساوون في الحقوق والواجبات ولا توجد أية تفرقة أو خلافات بينهم. وقال ان الإسلام ليس ملكا لأحد بل ملك لجميع المسلمين وليس هناك أوصياء على الإسلام على الإطلاق. واضاف فخامته انه يوجد مجلس للنواب ومجالس محلية يتم انتخابها ويمكن الوصول إليها عبر صناديق الانتخابات. وقال إن من يريد أن يصل إلى مؤسسات الدولة فليرشح نفسه وينافس ببرامجه مؤكداً أن ليس هناك حظراً على أحد. وقال فخامة رئيس الجمهورية: نحن ضد العنصرية و التعصب القبلي والمناطقي والفئوي ، فنحن أمة واحدة. وشدد على أهمية تحمل العلماء لمسؤوليتهم في حقن الدماء والتوعية بحرمة سفك الدم وإلحاق الإضرار بالاقتصاد جراء هذه الفتنة. وتواصلت يوم أمس لليوم الثاني على التوالي بصنعاء جلسات أعمال مؤتمر علماء اليمن الذي ينعقد تحت شعار من « أجل وحدة الأمة وحمايتها من الفتن». وناقش المؤتمر في عدد من أوراق العمل المقدمة من أصحاب الفضيلة العلماء إلى جانب العديد من المداخلات . حيث قدم رئيس جامعة عدن الدكتور عبدالوهاب راوح ورقة عمل حول فتنة الحوثي : المصادر الفكرية والمشروع السياسي والتي أوضح فيها أن تسمية تنظيم الشباب المؤمن امتداد لتنظيم نشأ في إيران باسم الشباب المؤمن له العديد من الفروع في أوروبا وأمريكا وعدد من الدول ويقوم هذا التنظيم في إطاره المرجعي على جذور تاريخية لدعوى الاحتكار لأحقية إدارة الأمة سياسيا وروحيا ويعمل على استعادة هذا الاستحقاق الذي يراه بكل الوسائل المكيافيلية بما فيها الوسائل المسلحة، مبررا ذلك بمبدأه المشهور «الخروج على الحاكم المغتصب» أي للإمامة . ودعا الدكتور راوح في ورقته إلى تجريم هذا التمرد واعتباره فسادا في الأرض وإهلاكا للحرث والنسل ومنكرا يجب محاربته بالحوار وبالسلاح إذا اقتضى الأمر وتأييد الحكومة في جهودها المسؤولة والمبذولة والرامية لاخماد نيران التمرد. من جانبه قدم نائب رئيس جمعية علماء اليمن عضو مجلس الشورى الشيخ ناصر محمد الشيباني ورقة عمل بعنوان طاعة ولي الأمر مطلب شرعي وواجب حياتي أكد فيما لزوم طاعة وتقدير الولاة ماداموا متمسكين بشرع الله تعالى ولم يامروا بكفر بواح فيما قرأ وزير الأوقاف والإرشاد القاضي حمود الهتار توجيهات فخامة رئيس الجمهورية بتشكيل لجان الوساطة والحوار مع الحوثي من أصحاب الفضيلة العلماء والشخصيات الاجتماعية والسياسية و الأحزاب .. وإصداره قرار بالعفو ، والتعويض العادل للمتضررين. كما قدم وقة عمل حول التكييف الموضوعي القانوني للأحداث الجارية في صعدة بالرجوع إلى نصوص لقانون المتعلقة بالجرائم الماسة بأمن الدولة والتي تنطبق على الاعمال التي ترتكب بقصد المساس باستقلال الجمهورية أو وحدتها وسلامة أراضيها وارتكاب أفعال بقصد إضعاف القوات المسلحة والتخريب وإثارة العصيان المسلح واغتصاب الأراضي والأموال المملوكة للدولة أو لجماعة من الناس والاشتراك في مقاومة السلطة العامة المكلفة بتنفيذ القوانين والعقوبات التي حددها القانون في هذا الصدد . كما قدمت في جلسات أمس ورقة عمل حول الأفكار الحوثية في ميزان الشرع للشيخ محمد علي مرعي رئيس فرع جمعية علماء اليمن بالحديدة، و تطرق الدكتور عبد الرحمن الخميسي من جامعة صنعاء في ورقة عمل له إلى أخطار الفتنة الطائفية والمذهبية والمناطقية والسلالية ، في إذكاء النعرات الجاهلية وأحيائها وسفك الدماء وإراقتها وقتل النفس التي حرم الله واخافة السبيل وترويع الآمنين وهدم البيوت وتخريب الطرق والمنشات وإشاعة الفوضى في البلاد واستنزاف الاقتصاد وحمل الناس على التقاطع والتباغض والسب والقذف والغيبة والنميمة والتعالي على الغير وعدم القيام بحقوق الأخوة الإسلامة وتشطير الأمة . وقدم الشيخ عارف الصبري ورقة عمل له عن الواجب الشرعي بخصوص الأحداث في صعدة ، ونهي الشرع عن الفرقة والإقتتال ، ورأيه في مسالة خلافة المسلمين، وكذا حكم الشرع في التعامل مع مثل هذه الفتنة. كما قدم الشيخ حسين محمد الهدار ورقة عمل حول خطر الخروج على ولي الأمر. من جانبه استعرض الدكتور غالب القرشي ورقة عمل له حول اثر الفتنة على وحدة الأمة وأمنها واستقرارها وأكد ان فتنة الاقتتال وسفك الدماء من أخطر الفتن على الأمة والفرد. كما قدم عدد من العلماء الآخرين أوراق عمل أكدوا فيها أن من واجبات الدولة الحفاظ على عقول وقلوب الشباب من الأفكار الوافدة والمبادئ المنحرفة تحت أي مسمى والحفاظ على أخلاق هذا الشعب ، وتحكيم كتاب الله وسنة رسوله في جميع مجالات الحياة ، وأن يقوم العلماء بدورهم في البيان والنصيحة والتعليم لعامة الأمة ، وأن على جميع القوى الفاعلة استشعار المسؤولية تجا ه الأمة والبلاد ومصالح الناس . وشددت على حرمة ومكانة الدم والأموال والأعراض في الإسلام ، ومنهج الدين الإسلامي في ترسيخ وحماية هذه المحرمات. ونوهت بدور التربية الإيمانية في مواجهة ومعالجة هذه الفتن وحفظ المحرمات ، وترسيخ روح الأخوة الإيمانية بين المسلمين ، واستشعار كل فرد أو جماعة لمسؤليته تجاه الدين والمسلمين . وأشارت إلى العقوبات والإجراءات التي جاء بها الدين في حال الإعتداء على حرمة النفوس والأموال والأعراض ، والتي من شأنها ردع كل من تحدثه نفسه الإعتداء على هذه المحرمات بما يحفظ للأفراد حقوقهم ويحقق الأمن والإستقرار والعدالة.