أعلن الرئيس على عبد الله صالح اليوم عن تفويض كامل لعلماء اليمن لعمل ما يلزم لتجنيب اليمن الفتنة التي أشعلها المتمردون في محافظة صعدة وحقن دماء اليمنيين التي تسيل اثر الاشتباكات العسكرية التي تجري بين إفراد الجيش والعناصر المتمردة. وقال الرئيس- في كلمته التي ألقاها اليوم الثلاثاء في المؤتمر العام لعلماء اليمن- إن "هناك دماء تسال ونحن نشعر بالألم لمقتل المواطنين الأبرياء، ولمقتل الجنود، وبالرغم من إن المتمردين هم من أشعلوا الفتنة، فنحن ضد إراقة الدماء". وأضاف: " أفوض هذا المؤتمر، مؤتمر علماء اليمن المنعقد في صنعاء تفويضا كاملا بعمل كل ما يجنبنا الفتنة ويحقن دماء اليمنيين". وقال الرئيس في المؤتمر الذي تنظمه جمعية علماء اليمن خلال الفترة من 15 إلى 17 مايو الجاري تحت شعار - من أجل وحدة الأمة وحمايتها من الفتن: "أحب أن اطلع أصحاب الفضيلة العلماء على مجريات الأمور في الساحة الوطنية عموما، وفي محافظة صعدة خاصة" . وتابع فخامته في المؤتمر الذي حضره رئيس مجلس النواب الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر :"لعلكم تتابعون عبر وسائل الإعلام المختلفة سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية تطورات الإحداث الأخيرة في صعدة، بعد أن كانت بدأت في كل من مران والرزامات، وتجددت مؤخرا العمليات العسكرية في عدة مناطق من بعض مديريات صعدة". وأستطرد: "تعرفون أنه سبق وأن أوفدنا عدة لجان من الوساطات إلى تلك العناصر الضالة الإرهابية، ضمت في عضويتها نخبه من خيرة العلماء وفي مقدمتهم فضيلة الشيخ العلامة الكبير محمد المنصور، وشخصيات وطنية عديدة، لكن لم تفلح تلك الوساطات لا في مران ولا في الرزامات، كما التقينا مع فضيلة العلامة محمد المنصور لتوجيه عدة رسائل إلى تلك العناصر في صعدة وأرسلت تلك الرسائل عبر لجان الوساطات ولكن لم يتم التجاوب معها، واستمرت تلك العناصر في تمترسها في الجبال والمزارع، وتواصل ارتكاب عمليات التخريب والإجرام حيث قامت بقطع الطرق وقتل أفراد من أبناء القوات المسلحة والأمن ومن المواطنين أيضا". وأردف قائلا: " لذلك أجتمع مجلس الدفاع الوطني وتدارس أمر، ما يجري في صعدة وما هي الإجراءات التي يجب أن تتبع؟ وأطلع مجلس الدفاع الوطني الأعلى وهو السلطة العليا على تقارير توضح مجريات الأمور وما قدمت من وساطات ومن مراسلات ومن قرار عفو عام ولم تتجاوب العناصر الضالة معها، فأقر مجلس الدفاع في اجتماعه قبل ثلاثة اشهر أن على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها في محافظة صعدة وقبل تحريك الوحدات العسكرية إلى محافظة صعدة حاولنا عبر الأخ يحيى الشامي محافظ صعده السابق، أن يبلغ تلك العناصر إن الحملة قادمة ويدعوها إلى الاستجابة إلى ما جاء في قرار مجلس الدفاع الوطني ليعودوا مواطنين سالمين إلى منازلهم لهم كافة الحقوق وعليهم كل الواجبات وفقا لما جاء في القرار الذي ينص بأن على تلك العناصر النزول من الجبال وتسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة, ويتيح لها إذا أرادت تأسيس حزبا سياسيا". وتابع فخامته :" ليس هناك مانع إذا أرادوا إن يعلنوا حزب سياسي غير عنصري غير فئوي غير مناطقي وفقا لما تضمنه الدستور والقوانين، فلا مانع ، أن ينشئوا لهم حزب سياسي ويمتلكوا صحيفة يعبرون من خلالها عن رأيهم". وأشار الرئيس إلى أن محافظ صعدة السابق أبلغ تلك العناصر بما جاء في قرار مجلس الدفاع الوطني إلا أنها لم تتجاوب ولم تستفد من كل الفرص التي أتيحت لها لإنهاء أعمالها التخريبية فكان لزاما على الدولة القيام بواجبها لحفظ الأمن والاستقرار، فتحرك جزء محدود من القوات كرسالة عسى أن تفهمها تلك العناصر وتنهي تمردها وتوقف أعمالها الإجرامية كوننا حريصون على أن لا تسفك الدماء فالدم يمني. وأوضح أنه فور تحرك تلك القوة في الخط الرئيسي باتجاه صعدة إذا بعناصر الإجرام والإرهاب تنصب الكمائن وتقطع الطرق وتستهد ف القوات المسلحة، فاضطرت القوات المسلحة التعامل معهم ..وما تزال تتعامل معهم الآن في عدة مناطق بمحافظة صعدة. وقال الرئيس: "هناك شلال من الدماء، لا لشيء سوى أن تلك العناصر الضالة تأبى إلا مواصلة غيها وصلفها وتعنتها، لا لشيء إلا أنها تقول بالحرف الواحد :" مر على الثورة 46 سنة، والآن يجب أن يعود الحكم إلينا, إلى البطنين، إلى البطنين"، وتتهم مؤسسات الدولة بأنها مغتصبة للسلطة، وتؤكد أنها لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالحرية ولا بالصحافة ولا بالانتخابات البرلمانية ولا الرئاسية". وقال رئيس الجمهورية: "نحن مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا فرق لا بين هاشمي ولا بين علوي ولا بين قحطاني، نحن أمة واحدة في اليمن مذهبينا المتعارف عليهما هما الشافعية والزيدية، وصلينا وراء أئمة الشافعية وصلينا وراء أئمة الزيدية وليس هناك خلاف فيما بين المذهبين منذ أن عرفنا أنفسنا ولا وجود للنعرات التي تسعى تلك العناصر لإثارتها لإشعال نار الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد" . وأضاف : "الثورة اليمنية المباركة قامت لتنهي ظلم وطغيان واستبداد الحكم الإمامي الرجعي المتخلف، وبفضل الثورة تواجدت مشاريع وخيرات التنمية في كافة القطاعات وغطت عموم مناطق الوطن وأنتشر العلم وهؤلاء العلماء شباب من جيل الثورة, لا يريدون أن يكون العلم محصورا في قرية أو مدرسة واحدة وأن يكون العلماء محصورين في ثلاث أو أربع قرى أوفي مدن محددة, صنعاء أو صعدة او زبيد أو في جبلة أو غيرها وإنما يريدون العلماء من جميع محافظات الجمهورية سواء من صنعاء أو عدن أو حضرموت أو شبوة أو تعز أو أبين أو حجة أو عمران وغيرها من المحافظات، فالعلم ليس حكرا على فئة بعينها .. والإسلام ليس ملك أحد بل ملك للأمة جمعا ، أمة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وعلى آله وصحبه أجمعين ". وتابع الرئيس قائلا: "ليس هناك أوصياء على الإسلام على الإطلاق سواء من أطلق لحيته أو حلق شنبه أو سربل أو ضم، فلا يجوز .. لا يجوز تكفير أحد .. لا يجوز شرعا". وتساءل الرئيس :" ماذا تريد تلك العناصر الإرهابية التي تواصل إجرامها في بعض مناطق صعدة؟. لماذا يتمترسون في الجبال ويحتلون قرى في بعض مديريات صعدة؟ والإجابة على ذلك هو أن الأعمال الإجرامية لتلك العناصر تكشف نواياها الشريرة .. فقد رفعوا العلم الملكي .. علم الأئمة وأعلنوا تمردهم على الدولة ومعاداتهم للثورة والنظام الجمهوري وهذا دليل على ما يسعون إليه لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء". وخاطب الرئيس فضيلة العلماء قائلا :" أنتم العلماء .. اذهبوا إلى تلك العناصر واسألوها ماذا تريد؟ نحن نفوض العلماء أسألوهم ماذا يريدون؟ .. لماذا يسفكون الدماء؟ فأنتم العلماء ورثة الأنبياء، عليكم حجة عظيمة وكبيرة أسألوهم". وقال: "توجد مجالس محلية يتم انتخاب أعضائها ، ويوجد مجلس نواب يمكن الوصول إليه عبر صناديق الانتخابات، وهناك منظمات مجتمع مدني، ومن أراد أن يصل إلى مؤسسات الدولة فليتفضل يرشح نفسه وينافس ببرامجه ليتم انتخابه ليدخل أينما يريد، ولهذا لا نعرف ماذا تريد تلك العناصر الإرهابية ولماذا تتهم مؤسسات الدولة أنها مغتصبه للسلطة منذ قامت الثورة اليمنية الخالدة وأن أرادوا أن يصلوا إلى مؤسسات الدولة فليتفضلوا عبر صناديق الاقتراع وليس هناك حضر على أحد". وتابع قائلا :" نحن مواطنون متساوون ، لا فرق بين قحطاني وعدناني ، بل نحن أمة واحدة .. نحن أمة مسلمة، ومن أراد الوصول إلى مؤسسات الدولة الدستورية فليرشح نفسه ويعرض برامجه ليفوز بثقة الجماهير.. وقال فخامة رئيس الجمهورية " نحن ضد العنصرية و التعصب القبلي المناطقي والفئوي ، فنحن أمة واحدة" . وأضاف "هذا ما أردت أن أطلع به الإخوة أصحاب الفضيلة العلماء ، فنحن ليس بيننا وبين هؤلاء أي شيء ، فهم ليس لهم مطالب ، وإذا لهم مطالب فنحن جاهزون ".. داعيا أصحاب الفضيلة العلماء إلى تبني مطالبهم إن كان لهم مطالب". وقال " إذا ما أرادوا حزبا سياسيا فلهم ذلك ، وإذا أردوا الدخول إلى القصر الجمهوري فبإمكانهم ذلك عبر صناديق الاقتراع". وتساءل الرئيس مرة أخرى قائلا " ماذا يريد هؤلاء؟ ولماذا يقتلون الجنود والمواطنين في صعدة؟ لماذا يقتلون الشرطة؟ لماذا يؤذون أبناء محافظة صعدة ويلحقون بالاقتصاد الأذى؟ ينسفون الجسور ويدمرون بيوت كل مواطن يرفض موالاتهم.. حولوا اسطوانات الغاز إلى عبوات ناسفة ينسفون بها الجسور وينسفون بها كل من هو موال للدولة وكل من هو صالح". ودعا فخامة رئيس الجمهورية العلماء قائلا " تفضلوا يا علماؤنا قدموا لنا مطالبهم وإذا ما اقرها العلماء فنحن سننفذها، وعليكم الإطلاع من خلال مؤتمركم هذا على مطالبهم وإذا أقريتموها نحن ننفذها، ليس لهم طلب على الإطلاق ولكنهم عندما رأوا عبر القنوات الفضائية ما يجري من أحداث وتطورات في العالم حاولوا أن يقلدوا ذلك ". وأكد فخامته على أهمية تحمل العلماء لمسؤوليتهم في حقن الدماء والتوعية بحرمة سفك الدم وإلحاق الأضرار بالاقتصاد جراء هذه الفتنة". وأشار إلى تعايش المذاهب في اليمن، وقال " أنا عمري ستين سنة وخلالها صليت مع غيري، بعد أئمة الشافعية ولم يعترض علينا أحد ، كما صلينا بعد أئمة الزيدية ولم يعترض علينا أحد لا من المواطنين ولا من العلماء ،واليوم يفترون علينا بالقول أننا نمنع كتب الزيدية ".. مؤكدا أن لا أحد يعترض على كتب الزيدية وان مثل هذه الادعاءات التي نلمسها في أحاديثهم ومقابلتهم هي مجرد كذب وافتراء. وقال الرئيس " اتهمونا إننا ندعم الوهابيون وهذا مايجي في مقابلاتهم وفي أحاديثهم أننا دعمنا الوهابيين ضد الحوثيين ودعمنا الحوثيين ضد الوهابيين ودعمنا السلفيين وهكذا لخلق بلبلة وخلق فتنة داخل الشعب" وقال "نحن امة مسلمة واحدة نؤمن بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, و ليس منا من دعا إلى تفرقة أو إلى عنصرية أو إلى مذهبية ، اقرأ ما شئت من الكتب بعيدا عن تصنيف المسلمين إلى سلفي ووهابي وصوفي وغيرها من الأسماء والمسميات، فهذه تفاصيل لا تسمن ولا تغني من جوع ". وأضاف: "نحن ندعو إلى الاعتدال والوسطية، واقرأ ما تريد من كتب ،اقرأ الزيدية والشافعية والحنبلية، فليس لدينا أي مشكلة، ونحن كذلك لسنا ضد الشيعة ولا أي مذهب، لكننا في اليمن أمة مسلمة وسطية لا ينبغي أن ندعو إلى حروب والى فتن والى فوضى هذا ما خبرناه منذ بزوغ فجر الإسلام ، ولا نريد في اليمن أن تشتعل فتنة بسبب تفاصيل صغيرة". وقال " هذا ما أحببت أن أطلعكم عليه ، فهناك دماء تسال ونحن نشعر بالألم لمقتل المواطنين الابرياء ، لمقتل الجنود ، بالرغم من ان المتمردين هممن أشعلوا الفتنة، فنحن ضد إراقة الدماء" . واختتم كلمته بالقول " مرة أخرى أفوض هذا المؤتمر، مؤتمر علماء اليمن المنعقد في صنعاء تفويضا كاملا بعمل كل ما يجنبنا الفتنة ويحقن دماء اليمنيين". سبأ