ليست هناك شعيرة من الشعائر الدينية ألصق بالضمير الإنساني من شعيرة الصوم؛ لأن في وسع البشر أن يطلعوا على أدائك للصلاة والزكاة والحج ونطق الشهادتين، ولكن كيف تثبت لواحد فقط من الناس أنك صائم؟!. وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر". وكما أفاد د.يوسف القرضاوي -رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- في كتابه "فقه الصيام" فإن الصوم الشرعي هو إمساك وامتناع إرادي عن الطعام والشراب، ومباشرة النساء وما في حكمها، خلال يوم كامل -أي: من تَبَيُّن الفجر إلى غروب الشمس- بنية الامتثال والتقرب إلى الله تبارك وتعالى. ويبين فضيلته كيف أن هذا المعنى للصوم كان معروفًا لدى العرب قبل الإسلام، فقد صح أنهم كانوا يصومون يوم عاشوراء في الجاهلية؛ تعظيما له، ولهذا لما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء، ثم أمرهم بصيام رمضان -كما ورد في قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) [البقرة:183]- فهموا المعنى المقصود، وبادروا إلى تنفيذه. ويؤكد فضيلته على أن لفريضة الصيام حكمة كسائر العبادات وبقية فروض الإسلام، موضحًا ذلك بقوله: "لم يُشَرِّع الإسلام شيئًا إلا لحكمة، عَلِمَها مَن عَلِمَها، وجهلها من جهلها، وكما لا تخلو أفعال الله تعالى من حكمة فيما خلق، لا تخلو أحكامه سبحانه من حكمة فيما شرع، فهو حكيم في خلقه، حكيم في أمره، لا يخلق شيئًا باطلاً، ولا يشرع شيئًا عبثًا". ويضيف القرضاوي: "هذا ينطبق على العبادات وعلى المعاملات جميعًا، كما ينطبق على الواجبات والمحرمات أيضًا". وتتنوع أشكال الصوم؛ فمنها ما هو فرض عين، ومنها ما هو واجب بإيجاب الله تعالى باعتبار زمانه؛ وذلك هو صيام رمضان. *المصدر: موقع القرضاوي نت: