أدت أعمال العنف التي اندلعت في كينيا إثر الانتخابات الرئاسية ليوم 27 ديسمبر الماضي الى أكثر من 300 قتيل، وتسببت بنزوح زهاء 100 ألف شخص حسب الصليب الأحمر الكيني. وقد وجهت هذه المنظمة يوم الخميس نداء لتجميع تبرعات بقيمة 8,4 مليون فرنك سويسري لمواجهة الأزمة. ، المسؤول السامي في الصليب الأحمر الكيني عبدي أحمد، قال "حسب تقديراتنا الأولية، نحتاج إلى 500 مليون شيلين كيني (8,4 مليون فرنك) لمساعدة 100 ألف نازح على الأقل في البلاد". ويتواجد معظم هؤلاء، أي 70 ألف شخص، في المناطق الغربية من كينيا التي تحولت إلى مسرح لأسوأ أعمال العنف في البلاد خلال الأيام القليلة الماضية، بينما يتواجد حوالي 30 ألف آخرين في العاصمة نيروبي وضواحيها التي شهدت مواجهات عنيفة حسبما أوضحه السيد أحمد. وكان الصليب الأحمر الكيني قد أفاد يوم الثلاثاء بأن عدد النازحين كان قد بلغ 70 ألف. وأضاف نفس المسؤول أن الجيش الكيني سيساعد على نقل مواد الإسعاف إلى المناطق المتضررة، خاصة عبر الجو. وقال إن هذه المساعدة ستكون ثمينة لأن "الحواجز القائمة على طول الطرق يمكن أن تعرقل وصول المساعدات الإنسانية" برا. وكان المتحدث باسم الحكومة الكينية، ألفريد موتوا، قد أعلن مساء الأربعاء 2 يناير أن الجيش سيساهم بالفعل في الجهود الإنسانية لمساعدة السكان النازحين، موضحا أن العسكريين "تلقوا الأمر بالمشاركة في نقل وتوزيع المساعدات الإنسانية، بما فيها المواد الغذائية والأغطية والمعدات الطبية". ويذكر أن 342 شخصا على الأقل لقوا حتفهم في أعمال العنف السياسية والإثنية التي تلت الفوز الرسمي للرئيس مواي كيباكي في انتخابات 27 ديسمبر الماضي. وقد أثارت إعادة انتخابه موجة احتجاج تحولت إلى عنف شديد مازال متواصلا في كينيا. ومن أسوأ أعمال العنف التي عرفتها البلاد في الأيام الأخيرة حرق حوالي خمسين شخصا أحياء داخل كنيسة لجؤوا إليها في بلدة إلدوريت غربي كينيا. وهي من المشاهد التي تذكر بأعمال الإبادة التي شهدتها رواندا عام 1994. وفي صحيفة "ذو ستاندارت"، أقدم يومية في البلد، صرح رئيس اللجنة الانتخابية سامويل كيفويتو أنه لا يعلم "إذا كان كيباكى قد فاز في الانتخابات". كما أشار أنه تعرض للضغط من أجل الإعلان عن النتائج بسرعة. أما الرئيس مواي كيباكي، فقد اقترح فور الإعلان عن النتائج التي احتجت عليها المعارضة بقوة، عقد لقاء مع معارضيه. وهو ما يُعد تحركا استثنائيا بالنسبة لرجل لا يميل بكثرة إلى مقابلة وسائل الإعلام، ولرجل كان قد دعا إلى ردع المظاهرات. غير أن مرشح المعارضة رايلا أودينغا رفض عرض الرئيس، موضحا أنه لن يقبل أن يلتقي به "إلا إذا أعلن أنه لم يُنتخب". ويتهم أودينغا السلطة الحاكمة بإثارة الفوضى، كما يعتبر حكومة كيباكي "المسؤولة المباشرة عن الإبادة". وكان أودينغا قد شدد على أنه سيقود مسيرة احتجاجية يوم الخميس 3 يناير في شوارع العاصمة نيروبي رغم الحظر الذي أعلنته الحكومة. لكن المعارضة أعلنت يوم الخميس تأجيل المظاهرة إلى يوم الثلاثاء 8 يناير ودعت أنصارها إلى العودة إلى ديارهم، مؤكدة بأنها مكونة من عناصر "مسالمة لا تريد العنف".