ذكرت تقارير إخبارية أنّ القاهرة تجنبت تحديد موقفها حيال دعوة إيران بإعادة فوريّة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين والمقطوعة منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. وتأتي تلك التقارير في الوقت الذي أجرى فيه الرئيس المصري حسني مبارك محادثات امس مع غلام حداد عادل رئيس مجلس الشوري الايراني (البرلمان) في اول لقاء علي هذا المستوي منذ تجميد العلاقات بين البلدين منذ نحو ثلاثين عاما. وتسلم مبارك من حداد رسالة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ضمنها رغبة بلاده في استعادة علاقاتها الدبلوماسية مع مصر وهي العلاقات التي تم قطعها في أعقاب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.ويزور حداد عادل مصر لحضور اجتماعات اتحاد برلمانات الدول الإسلامية. وزيارته هي الأحدث ضمن زيارات مسؤولين ايرانيين كبار منذ قالت الدولتان العام الماضي انهما تتشاوران حول اعادة العلاقات. وأجرى الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ومبارك محادثات هاتفية حول قضايا المنطقة هذا الشهر في أول تشاور مباشر بين الزعيمين.وكشف مصدر دبلوماسي مصري في تصريح لجريدة "الوطن" السعودية عن جانب من المحادثات بين مبارك وحداد وأنها تطرقت إلى التطورات في العراق والوضع على الساحتين اللبنانية والفلسطينية، في ضوء العلاقات التي تربط بين حركة حماس وإيران. وذكرت الأنباء، ان مبارك أبلغ عادل بأن بلاده ترحب بالدعوة الإيرانية لكنه لم يحدد موعدا لتنفيذ تلك الخطوة، واكتفى بالحديث عن أهمية العلاقات الثنائية والتعاون في خدمة قضايا المنطقة.وصرح حداد عادل للصحافيين بعد لقاء مبارك "انني موجود هنا لأثبت تحسن العلاقات بين الجمهوريةالاسلاميةومصر". ووصف حداد المحادثات مع مبارك التي استغرقت نحو الساعة بأنها "جيدة ومثمرة". وقال ان مبارك اكد له رفضه اي ضغوط من واشنطن للحيلولة دون استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وقال عادل: "الرئيس مبارك تحدث بإيجابية تجاه تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية ودعمه لكافة أشكال التعاون بين البلدين"، مشيرا إلى رغبة بلاده في تطوير كافة أشكال التعاون خصوصا في المجال الاقتصادي.وأضاف: "أكدت للرئيس المصري أن التعاون بين البلدين من شأنه أن يؤمن السلام والاستقرار في هذه الدول". وبالنسبة لاستعادة العلاقاتالدبلوماسية الكاملة بين بلاده والقاهرة، وما إذا كانت الإدارة الأمريكية تتحمل سبب الإرجاء قال حداد: "الرئيس مبارك أعلن رفضه لأية ضغوط من جانب أمريكا أو أي طرف، وأن أي قرار يتخذه يكون لصالح الشعب المصري"، مشيرا إلى أن الأسابيع المقبلة ستشهد خطوات إيجابية في هذا الشأن.ووصف حداد الشروط المصرية لاستعادة العلاقات مع بلاده بأنها "أمور جزئية وطفيفة وقابلة للحل". وكانت القاهرة اشترطت لاستعادة العلاقات بين البلدين تغيير اسم الشارع الذي يحمل اسم خالد الإسلامبولي قاتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات، إلى جانب تسليم بعض من المطلوبين الأمنيين من قبل الأجهزة الأمنية المصرية.وتُدار العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران من خلال شعبة لرعاية المصالح في العاصمتين، حيث تحتفظ إيران ببعثة دبلوماسية محدودة تتكون من 7 موظفين. وسمحت السلطات الرسمية أخيراً لجمعيّتين متماثلتين للصداقة المصرية الإيرانية بالعمل في البلدين في إطار الجهود الشعبية والثقافية لتطبيع العلاقات.تعود العلاقات بين مصر وإيران إلى ثلاثينات القرن الماضي، عندما فكر الشاه "رضا ميزرا خان" بأن يزوج اكبر أبناءه محمد من أخت الملك فاروق الأميرة فوزية، كرغبة للارتباط بالأسرة الملكية من جهة، وتوسيع العلاقات السياسية الخارجية من جهة أخرى، وعلى كل فإن الارتباط بدولة قوية (وقتها) مثل مصر كان مهما لإيران وشاهها!ووافق فاروق على هذه الزيجة، بل والتي اعتبرها خطوة في الطريق نحو تحقيق حلم الخلافة بعد سقوط الدولة العثمانية، من خلال جعل نصف عرش إيران مصريا بعد أن تتم المصاهرة، ولكن سرعان ما انهارت كل المخططات المصرية الإيرانية، وانتهى المشروع بطلاقها ورجوعها إلى مصر مع ورقة طلاق سياسية في العلاقة المصرية الإيرانية.وسارت العلاقات على نفس المستوى من التوتر بعد ثورة 1952، وخاصة مع طبيعة شخصية جمال عبد الناصر ومناداته بفكرة القومية العربية وعلاقته مع الاتحاد السوفيتي، والتي كانت تناقض علاقة إيران مع الولاياتالمتحدة، ولكن بعد حرب 1967م مع إسرائيل فتحت إيران أحضانها لمصر وهى نفس المشاعر التي انتابت مصر في هذا الوقت لحاجتها لدعم موقفها من الدول العربية والإسلامية في الحرب مع إسرائيل.ثم أصبحت العلاقة الإيرانية المصرية في أوجها خلال حرب 1973م بين مصر وإسرائيل لتقف إيران موقفا عاطفيا قويا مع مصر، وبعد ثورة الخميني واستضافة السادات لشاه إيران في مصر إثر مرضه توترت العلاقات مرة أخرى.وفى هذه الأثناء كانت العلاقات على الصعيد الخارجي بين إيرانوالولاياتالمتحدة وإسرائيل متوترة بسبب الثورة الإيرانية الإسلامية، وهو ما لم يتناسب مع مصر والتي غيرت معادلة السياسية المصرية الخارجية، ووضعت منطلقات جديدة تجاه التعامل مع إسرائيل والولاياتالمتحدة الأميركية، من حيث الانخراط في النادي الأمريكي بدلا من السوفيتي وتوقيع اتفاقية السلام عام 1979 . "وكالات"