حذر الباحث محمد بن عبدا لله الجنيد رئيس الجمعية اليمنية للتاريخ وحماية التراث بتريم من تنامي ظاهرة المتطفلين والدخلاء على فن الإنشاد أو التأثر بهم وقال الجنيد في محاضرة له في مركز بن عبيد الله السقاف بسيئون بحضرموت بعنوان (الاناشيد والموشحات الرمضانية روح ووجدانيات لكل العصور) أن أكثرهم لا يملكون مقومات هذا الفن شيئاً ويوارون عيوب أصواتهم في الغالب بالمعالجات والإيقاعات والمؤثرات الصوتية والضوئية وكبر حجم الفرقة والكورال فحضارتهم وفنهم لا تتجاوزهذا الإطار. وأكد أن حضرموت تعد منجم بكر معطاء في هذا الفن الإنساني الرفيع وهي مغنم ومنجم لكل باحث جاد في فنون الإنشاد وإيقاعاته الفريدة التي لم يستكشف منها حتى حينه إلا بعضه, فلو تم بحثها من منظار علمي ومهني متخصص ربما قد تتغير الكثير من القواعد والنظريات المعروفة والشائعة في فن الموسيقى عموماً والإنشاد خصوصاً فحضرموت منجم بكر لا ينضب في شتى العلوم. وذكر رئيس الجمعية اليمنية للتاريخ وحماية التراث ان هناك أنماط وطرق عديدة يتفرع إليها هذا الفن العريق منها الوترية والفزازية والقوافي وغيرها, وتعود أصالة ومكامن قوة وثراء هذا الفن الذي يعود تاريخه في مدينة تريم تحديداً لأكثر من ثمانمائة عام كونه يرتكز على أثافي رصين فكلمات الأناشيد في الغالب هي أنفاس شعراء بلغوا من العلم درجات تفوق الفتوى مع عفة وزهد صوفي نقي وإليهم تنتهي علوم اللغة والنحو وسمو الذوق وسلامة الحس الادبي ورقة الروح والطبع وقد كان لهذه العوامل والأدوات مجتمعة حضروها ودروها الواضح في إبراز قوة وتأثير القصيدة بعينها وتداولها المتجدد الذي يمتد على إلى مئات السنين بطرق مختلفة وبأصوات قوية غاية في العذوبة والجمال جلية البصمة والهواء يطأطئ لها طرباً وقاراً كل سامع فهي تنقله روحاً ووجداناً إلى باب الغفور الرحيم وإلى أروقة وزوايا ومحاريب العبادة وإلى سهول ووديان حضرموت وكأنك تطوف بفضائها, وخلال ذلك تداول المنشدين حداد بن سميط ذي الصوت الشجي وعلى باحرمي الذي ينتمي إلى إحدى الأسر العريقة في الإنشاد وحسن الصوت والأداء منذ أن عرفت تريم هذا الفن ومثلهم آل باغريب وما أنشداه شهر الصيام لقد كرمت تتريلا ونويت من بعد المقام رحيلا وأقمت فينا ناصحاً ومؤدبا وشفيت من للفؤاد غليلا نبكيك يا شهر الصيام بأدمع تجري فتحكي في الخدود سيولا .