اعتبرت منظمة العفو الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان إن ما عاينته في غزة لحد الآن مثير للقلق. وقالت دوناتيلا روفيرا رئيسة قسم الأبحاث في المنظمة: " استنادا إلى ما عايناه في هذا الوقت الوجيز يبدو لنا من المؤكد أن ثمة أدلة على اقتراف جرائم حرب، ولهذا السبب ندعو إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه حتى يحاسب أولئك الذين اقترفوا مثل هذه الجرائم." وزارت روفيرا المدرسة التي قالت الأممالمتحدة إنها تعرضت إلى نيران دبابة إسرائيلية مما تسبب في مقتل طفلين وقالت إنها أدركت من خلال مشاهدتها الطريقة التي اتبعتها القوات الإسرائيلية في الهجوم على قطاع غزة، وذلك على الرغم من أنه لم يمض على وصولها إلى المنطقة سوى وقت قصير. وأضافت روفيرا قائلة: " هذا جزء من خطة عايناها من قبل عندما يتعلق الأمر باستهداف مواقع تجمع فيها المدنيون واستخدام صنف من الأسلحة لا ينبغي استخدامه قرب تجمع للمدنيين، لقد عاينا هذا، وأنا أخشى أن نعاين المزيد خلال الأيام المقبلة. لكنه من المؤكد أن ما رأيناه منذ وصولنا إلى هنا مثير للقلق الشديد." ودعت روفيرا إلى إجراء تحقيق دولي في "تجاوزات الطرفين". وأوضحت قائلة: "في هذا النزاع وقعت تجاوزات متفاوتة من حيث الخطورة، وهذا من بين الدوافع لإجراء تحقيق فيما حدث." وجاء في بلاغ صدر عن منظمة العفو الدولية أن بعثتها التي تزور القطاع حاليا "عثرت على أدلة دامغة على الاستخدام المكثف للقنابل الفسفورية في أماكن كثافتها السكانية مرتفعة في مدينة غزة وشمال القطاع." وقال كريستوفر كب سميث الخبير في الأسلحة الذي يوجد ضمن بعثة المنظمة: إن مثل هذه القنابل يوفر ستارا من دخان يغطي على تحرك الجنود، ولكنها جد حارقة وتلهب الهواء وآثارها تبلغ من الخطورة حدا يمنع من استخدامها في الأماكن الآهلة بالمدنيين." واعتبر كب سميث أن استخدامها في شوارع غزة "المكتظة وبشكل عشوائي ومتكرر جريمة حرب". وبعد أربع وعشرين ساعة من الهدنة بدأ حجم الدمار الذي لحق بقطاع غزة من جراء القصف يتجلى للعيان. وتقول مراسلة بي بي سي في القدس بيثني بل إن الكثير في غزة يعانون شح المواد الغذائية والدواء والوقود. وتقول مراسلتنا إن أسئلة كبيرة تظل عالقة من قبيل عدد المعابر التي ستفتحها إسرائيل ومن سيشرف أمنيا على الحدود الجنوبية لغزة وهل لا تزال حماس محتفظة بنفوذها. ويقول جون جينج مدير العمليات في وكالة غوث اللاجئين الفلسطنيين (أنروا) إن الأهم الآن هو إيجاد وسيلة لإيصال المساعدات إلى القطاع. وقال أمامنا عملية استعادة العافية وإعادة بناء ضخمة " ولا يمكن لأي منها أن ينطلق بدون فتح المعابر." وقال إن أولوية الأولويات الآن هي التزود بالماء خاصة وأن حوالي 500 ألف محرومون من الماء منذ بداية الحرب. وأضاف قائلا إن أعدادا كبيرة تفتقر إلى الطاقة. وقال جينيج كذلك إن الأونروا تريد إعادة فتح مدارسها إلى حيث التجأ 50 ألف شخص. ويقدر عدد من أفقدهم القصف مساكنهم بعشرات الآلاف. وتقدر المصادر الفلسطينية عدد القتلى ب1315 فلسطيني على الأقل. وتقول إسرائيل إن 13 إسرائيليا قد لقوا مصرعهم منذ بداية العمليات العسكرية في السابع والعشرين من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وتقول مصادر طبية فلسطينية إن أكثر من 112 جثة قد انتشلت من الأنقاض بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار. وتقول المصادر المحلية إن الحرب تسببت في تدمير 4 آلاف بناية، وأضافت أنه بعد إحصاء أولي إن 20 ألف بناية أخرى قد تضررت بشكل كبير. وقال مارك ريجيف الناطق الرسمي الإسرائيلي لبي بي سي "إننا سنرى كميات ضخمة من المساعدات الإنسانية تدخل غزة. كل ما يحتاجونه من دواء وغذاء وطاقة سيصل القطاع بالكمية المطلوبة وبأسرع ما يمكن." وذكرت وكالة الأسوشييتد برس استنادا إلى مسؤولين إسرائيليين رفضوا الكشف عن هوياتهم أن الانسحاب سيتم قبيل تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما. وما زالت الهدنة الهشة المعلنة في غزة قائمة بعد يوم من إعلان حركة حماس أنها ستوقف هجماتها لمدة أسبوع حتى تتيح المجال لإسرائيل لسحب قواتها من القطاع. وقال أبو عبيدة أحد الناطقين باسم الحركة الفلسطينية إن مفارز إطلاق القذائف لم تمس بسوء وما زالت قادرة على تطوير قدراتها العسكرية. وجدد أبو عبيدة مطالب الحركة بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية في غضون أسبوع، وإلا فإن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة حسبما قال. وقالت القوات الإسرائيلية في وقت سابق إن الهدنة لاتزال صامدة، وإن الليل مر بهدوء. وواصلت الآليات العسكرية الإسرائيلية عملية الانسحاب من قطاع غزة. وامتنع المسؤولون الإسرائيليون عن الكشف عن عدد الجنود الذين انسحبوا أو عن المدة التي ستستغرقها عملية الانسحاب التدريجي. وقال مسؤول إسرائيلي إن جنود الاحتياط الذين شاركوا في الحرب قد عادوا إلى مساكنهم. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إنه يريد انسحابا في أسرع وقت ممكن. وتخضع إسرائيل حاليا إلى ضغوط من أجل فتح كل المعابر لإيصال مواد الإغاثة إلى سكان غزة الذين يفتقرون إلى أبسط الضروريات بعد ثلاثة أسابيع من العمليات العسكرية. وقد أعلنت إسرائيل وقفا لإطلاق النار قائلة إنها حققت أهدافها الحربية. وأعلنت حماس من جانبها هدنة مؤكدة أنها حققت "انتصارا كبيرا" على إسرائيل.