حينما انقشع غبار العدوان الإسرائيلي على غزة، بدأت تتكشف بعض قصص الموت والدمار الذي لحق المدنيين الفلسطينيين وكيف شهد الأطفال هذه المآسي ليروونها للجزيرة. قصة فتاة من عائلة السموني تقدم نموذجا واحدا فقط من هذه القصص التي تتكشف كل يوم، بل كل ساعة. تقول الفتاة التي دمر منزل عائلتها بقصف إسرائيلي إن قوات الاحتلال التي اقتحمت منزل ذويها أجبرتهم على الذهاب لمنزل عمها الذي يبعد أمتار قليلة وسط انهمار القذائف في المنطقة. إنها جلست في منزل عمها مع ذويها وعدد من أفراد عائلة السموني ثلاثة أيام عانى فيها الكبار والصغار من مرارة الجوع والخوف والرعب من القصف الإسرائيلي في المنطقة. وتسرد الفتاة الفلسطينية بحزن عميق ما جرى لهذه العائلة المنكوبة حينما اضطر أخوها وابن عمها لإحضار الحطب من خارج المنزل المحاصر لتحضير الطعام حيث عاجلتهم القذائف الإسرائلية ليستشهد أخوها ويجرح ابن عمها. وتتوالى فصول المأساة الإنسانية حينما خرج بعض أفراد العائلة لإحضار ابن عمها المصاب ليتجدد القصف الإسرائيلي حاصدا أفراد العائلة واحدا تلو الآخر. وحين رأت الفتاة أمها وأربعة من إخوانها وابن أخيها إلى جانب عدد من أعمامها وزوجاتهم وأولادهم يستشهدون أمامها هامت على وجهها لمسافة تصل إلى كيلومترين. وتمكن مسعفون فلسطينيون من إنقاذ هذه الفتاة المحطمة، ولكن أنى لهم أن يعيدوا لها أفراد عائلتها الذين حصدتهم نيران الاحتلال دون تمييز. ورغم ذلك تبدو هذه الفتاة صامدة ومتماسكة ومتحدية للاحتلال لتقول إن شعبها سيبقى صامدا وصابرا ومتمسكا بأرضه التي تصفها بأنها أرض المحشر والمنشر. دلال أبو عيشة طفلة فلسطينية سلبها العدوان كل أسرتها اما دلال أبو عيشة طفلة فلسطينية عمرها 13 عاما لم يبق لها من عائلتها إلا الصور وبعض قطع من ثياب، بعد أن أتت آلة الحرب الإسرائيلية على منزل الأسرة فحولته إلى مجرد ركام على رؤوس ساكنيه. وشاءت الأقدار أن تنجو دلال من هذه الجريمة الإسرائيلية لأنها كانت في تلك اللحظات في منزل جدتها، في حين استشهد والداها وأشقاؤها الثلاثة محمد وإسراء وسيد الذين لم يتجاوز أي منهم سبع سنوات. تحمل دلال ما تبقي من صور العائلة، وتقول للجزيرة هذا محمد وهذا سيد وهذه غيداء، قبل أن تجهش بالبكاء وتقول "لقد أصبحت يتيمة". ولأول مرة منذ تدمير منزل الأسرة قبل أسبوعين زارت دلال برفقة الجزيرة ما تبقى من المنزل، ووقفت بين الركام تتذكر معالمه وتقول "هنا كانت غرفتي وهناك كانت غرفة ماما وهنا الصالة وهنا كان ينام إخوتي..". ومن بين الركام، التقطت دلال قميصا وقالت "هذا قميص محمد"، ثم التقطت "مريولا" (لباسا مدرسيا خاصا) قالت إنه "مريول غيداء". ولم يخفف عن دلال المأساة سوى مسارعة قطتها من بين الركام لتحتضننها وكأنها تحتضن فيها كل عائلتها التي فقدتها. ووسط الدموع التي ملأت خديها تساءلت غيداء "ماذا فعلت لليهود حتى يقتلوا أهلي؟". و يروى أحد أطفال قطاع غزة معاناة القطاع عقب العدوان الإسرائيلي الذي تواصل طيلة 23 يوما، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي زار القطاع يوم الثلاثاء واكتفى بزيارة مبنى تابع للأمم المتحدة دمره القصف الإسرائيلي، للوقوف على مأساة أهل القطاع. ودعا الطفل في شهادة بثتها الجزيرة المسؤول الأممي للاطلاع على معاناة أهل غزة الذين دمرت بيوتهم جراء القصف الإسرائيلي فلاذوا بالمدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ويقول الطفل مخاطبا بان "ليأت كي يرى كيف نعيش مرميين في صفوف مدرسة بدون فراش بدون كهرباء بدون ماء". وتساءل: هل هذه حياة؟ قبل أن يجيب "هذا حصار، هذا أعظم حصار تفرضه إسرائيل". وأضاف الطفل "نعيش مرميين، محرومين من اللعب، من الضحك من التعلم، من متابعة برامج مخصصة للأطفال. كل ما نراه في التلفزيون هو مراسيم تشييع جنازات، وإطلاق نار، ومشاهد موت وحرب دبابات واجتياح". وأردف الطفل قائلا "ليس هناك برامج موجهة للأطفال لأتسلى بها وأتعلم منها ليس هناك رسوم متحركة. نحن محرومون من الأكل ومن الشرب. نحو مرميون مثل الشحاذين. نحن تحت الحصر منذ نحو عامين محرومين من كل شيء".