حذر الرئيس السابق للاستخبارات السعودية تركي الفيصل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، من أن الفشل في إحداث تغيّر بارز في نهج الولاياتالمتحدة حيال الصراع العربي الإسرائيلي، سيهدّد العلاقة الخاصة بين بلاده وواشنطن، ويُجبرها على التخلّي عن دعمها لإيجاد حل سلمي في الشرق الأوسط. ودعا الأمير تركي، وهو سفير السعودية السابق لدى واشنطن، في مقال نشرته صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية أمس، الولاياتالمتحدة إلى «تغيير سياساتها بشكل فعّال تجاه إسرائيل وفلسطين، إذا أرادت أن تستمر في لعب دور قيادي في الشرق الأوسط، والحفاظ على تحالفها الاستراتيجي مع السعودية». وقال الأمير تركي إن الإدارة السابقة للرئيس جورج بوش «تركت إرثا مقرفا في المنطقة.. وظلت السعودية تقاوم الدعوات الإيرانية لقيادة الجهاد ضد إسرائيل، ولكن لن يكون بمقدورها في النتيجة منع مواطنيها من الانضمام إلى الانتفاضة الشعبية ضد إسرائيل عبر العالم». ودعا أوباما إلى «معالجة الكارثة في غزة وجذورها، وإدانة الفظاعات التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين». وأضاف الأمير تركي؛ الذي يشغل الآن منصب رئيس مركز الملك فيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية «دعمت بقوة عملية السلام بين العرب وإسرائيل، خلال العقود التي أمضيتها في العمل مع الحكومة السعودية، وجادلت في الأشهر الأخيرة بأن مبادرة السلام التي طرحتها الرياض يمكن أن يتم تنفيذها في ظل إدارة أوباما، إذا قبل الإسرائيليون والفلسطينيون تقديم الحلول التوفيقية الصعبة». وتابع «لكن بعد أن شنت إسرائيل هجومها الدموي على غزة، تحوّلت مناشدات التفاؤل والتعاون الآن إلى ذكريات بعيدة، لأن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يقتل أكثر من 1000 فلسطيني في الأسابيع الماضية فحسب، لكنه اقترب من قتل آفاق السلام نفسها». وشدد على أن عملية السلام في الشرق الأوسط والعلاقات الأمريكية السعودية واستقرار المنطقة «ستكون في خطر، ما لم تتخذ الإدارة الأمريكية الجديدة خطوات صلبة لمنع أية معاناة جديدة وذبح الفلسطينيين». وقال إن الولاياتالمتحدة «ليست بريئة من الفاجعة التي لحقت بغزة، لأن إدارة بوش لم تترك إرثا مقززا للنفس في المنطقة وحسب، من قتل مئات الآلاف من العراقيين إلى الإذلال والتعذيب في سجن أبو غريب، لكنها ساهمت أيضا، ومن خلال نهجها المتكبّر حول المجزرة في غزة في ذبح الأبرياء». ورأى أن على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تدخل تعديلات كبيرة على سياساتها حيال إسرائيل وفلسطين، إذا أرادت الاستمرار في لعب دور «قيادي» في الشرق الأوسط، والحفاظ على تحالفاتها الإستراتيجية، ولاسيما علاقتها الخاصة مع السعودية. وتابع الأمير تركي إن أوباما سيرث «سلة مليئة بالأفاعي في المنطقة، لكن هناك أشياء يمكن فعلها للمساعدة في تهدئة هذه الأفاعي؛ وهي أولا أن يبادر الرئيس أوباما إلى معالجة الكارثة في غزة وأسبابها». وتابع «سيقوم (أوباما) لا محالة بإدانة إطلاق (حركة) حماس الصواريخ على إسرائيل، وحين يفعل ذلك عليه أن يدين أيضا الفظاعات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، ويدعم قرار الأممالمتحدة (رقم 1860 الصادر عن مجلس الأمن والذي يدعو لوقف إطلاق النار في قطاع غزة) بهذا الشأن، الذي شجب الممارسات الإسرائيلية التي قادت إلى أزمة غزة من بناء المستوطنات في الضفة الغربية إلى حصار غزة، والقتل المتعمّد والاعتقالات الاعتباطية للفلسطينيين». كما طالب الأمير تركي أوباما بأن يعلن عزم إدارته على إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وتأمين مظلة أمنية للدول التي تنضم إلى هذه الدعوة، وفرض عقوبات ضد الدول الرافضة. ودعاه أيضا إلى مطالبة إسرائيل بالانسحاب فورا من مزارع شبعا اللبنانية، وتشجيع مفاوضات السلام بين سورية وإسرائيل، ودعم قرار من الأممالمتحدة يضمن وحدة أراضي العراق، وإظهار دعمه «القوي» لمبادرة السلام التي طرحها الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز.