وصف فخامة عمر حسن أحمد البشير رئيس جمهورية السودان الشقيقة الوحدة اليمنية بأنها انجاز تاريخي يجب على اليمنيين أن يحافظوا عليه ويعضوا عليه بالنواجذ. وأكد في حوار شامل مع صحيفة "26 سبتمبر" انه لن يستفيد من الفرقة والشتات إلا أعداء اليمن والذين ينعقون بالشؤم والخراب. وقال إن أصوات الدعوة للانفصال لن تجد آذاناً صاغية إلا عند من يريدون أن يعودوا باليمن القهقرى حتى تبقى ثرواته وخيراته مخزوناً لدول الاستكبار ويعيد 26سبتمبرنت نص الحوار : على بعد أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، المركزية والولائية، بالسودان، ومع اقتراب موعد استفتاء تقرير مصير جنوب السودان المقرر إجراؤه في يناير2011م، وعقب تثبيت الموقف السوداني الرافض لقرار محكمة الجنايات الدولية، تبدو الأوضاع السياسية ساخنة في السودان وتتسم بقدر كبير من الحيوية والزخم الذي لمسناه بأنفسنا خلال زيارة قصيرة قمنا بها إلى أرض النيلين خلال الأيام الماضية وكان لنا ضمنها شرف اللقاء مع فخامة الرئيس عمر حسن البشير رئيس الجمهورية في حوار شامل تناول أهم القضايا الراهنة، وعلاقات السودان الخارجية، مع وقفةٍ خاصة أمام العلاقات اليمنية السودانية واحتفالات اليمن بأعياد الوحدة المباركة. فيما يلي ما دار في ذلك الحوار: أجرى الحوار في الخرطوم: عثمان تراث فخامة الرئيس.. نشكر استقبالكم لنا، والتفضل بإجراء هذا الحوار مع صحيفة "26 سبتمبر". مرحباً بكم في داركم وبلادكم.. تفضلوا.. بعد نحو شهر من الآن يمر العيد العشرون لثورة الإنقاذ الوطني التي تفجرت في 30 يونيو 1989م.. هذه أطول فترة لنظام حكم واحد في تاريخ السودان المستقل، وأطول فترة حكم لرئيس سوداني.. هل تكشف لنا بعض أسرار القدرة على هذا الاستمرار؟ نحن مؤمنون بأن الله هو الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء .. لذلك فإن استمرارنا في الحكم هو من عند الله أولاً : ثم إن الشعب السوداني العظيم وهو شعب مستنير وسياسي مطبوع ما كان له أن يصبر على حكم واحد لولا قناعته بجدية الحكومة وشفافيتها وقدرتها على التعامل مع القضايا كافة بما تستحق من إجراءات حرباً وسلماً، إقتصاداً وتنمية، خدمات وتزكية للمجتمع، فلم نترك شاردة ولا واردة إلا وضعنا لها الخطط اللازمة في إستراتيجية ربع قرنية يجري تنفيذها بعون الله وقدرته ونسعى لبناء أمة متطورة ومتحضرة وآمنة بإذن الله .. أبرز الانجازات ما هو أبرز ما حققته ثورة الإنقاذ خلال هذه السنوات؟ أبرز ما حققته الإنقاذ هو اتفاقية السلام الشامل بلا ريب، ثمَّ تفجير الطاقات الكامنة في شعبنا .. كاستخراج واستغلال البترول .. وهناك ثورة التعليم العالي حيث أنشأنا عشرات الجامعات بدلاً عن جامعتين أو ثلاث .. وهناك ثورة الاتصالات التي جعلت بلادنا الأولى إقليمياً والرائدة في هذا المجال .. وهناك شبكات الطرق والجسور .. وهناك السدود والنهضة الزراعية والسكن الملائم لكل مواطن .. وبالضرورة فإن نظام الحكم الاتحادي لتقصير الظل الإداري ومشاركة المواطنين في حكم أنفسهم كان من الإنجازات الكبرى وهذه الإنجازات تجل عن الحصر وستكون الانتخابات الحرة النزيهة هي خير مثال للتحول الديمقراطي، والتبادل السلمي للسلطة .. وهي الهدف النهائي الذي خططنا له منذ البداية .. المحكمة الجنائية اسمح لنا بالانتقال إلى راهن الأوضاع في السودان.. ماذا بعد تثبيت موقفكم الرافض لقرار محكمة الجنايات الدولية بشأن فخامتكم.. ما هي الخطوة القادمة حيال هذه المسألة؟ عن ما يسمى بالمحكمة الجنائية فقد قالت جميع المنظمات الإقليمية والدولية التي ننتمي إليها كلمتها الرافضة لها.. ونحن عند موقفنا بأن لا ولاية لهذه المحكمة على أي فرد من مواطنينا ولن نتعامل معها مهما كلفنا ذلك. والشعب السوداني كله على قلب رجل واحد ضد هذه المحكمة المشبوهة والمفضوحة الأهداف .. دارفور.. هل من أفق قريب لحل هذه القضية؟ نرجو من الله القدير أن يكلل جهد الأخوة العرب والأفارقة بمبادرتهم المشتركة التي ترعاها قطر بالنجاح.. الأممالمتحدة قالت إن طرد 13 منظمة من السودان تسبب في جعل حياة أكثر من مليون شخص في دارفور معرضة للخطر.. كما قالت إن هذه المنظمات كانت تقدم نصف حجم المساعدات التي يجري توزيعها في دارفور.. كيف تغطون المهام والمساعدات التي كانت تقوم بها المنظمات المذكورة. المنظمات المطرودة لم تكن تقدم "5%" من الخدمات المجتمعية. وهذا ليس تقريراً جزافياً لكنه تقرير اللجنة المشتركة بين الحكومة والأممالمتحدة .. وقد تكفلنا بسد هذا العجز الذي يقل عن 5% كما ذكرت، والضجة التي أثيرت وتثار تؤكد سلامة قرار طردها فهي لا تعدو أن تكون أجهزة استخباراتية تعمل تحت ستار إنساني .. الانتخابات القادمة لماذا تم تأجيل الانتخابات النيابية والرئاسية في السودان من يوليو 2009م إلى فبراير من العام المقبل؟ هذه أمور فنية تتعلق بالحدود الإدارية بين الدوائر الجغرافية وتوزيع الكثافة السكانية وفق نتائج التعداد .. وتفادي موسم هطول الأمطار التي تعزل بعض المناطق وتمنع الحركة إليها .. وغير ذلك. والأمر متروك للجنة الانتخابات المستقلة والتي يقودها رجالٌ أكفاء عدول، غير منحازين لجهة أو حزب أو جماعة. اتفاقية السلام وماذا بشأن سير العمل في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل (اتفاقية نيفاشا) للسلام في جنوب السودان؟ وكيف حال العلاقة مع الحركة الشعبية الشريك في تلك الاتفاقية وفي الحكومة؟ اتفاقية السلام الشامل يسير تنفيذها بشكل طيب وهي محصنة بآليات عديدة تراقب خطواتها وتقيل عثراتها .. وليس هناك ما يدعو للقلق بشأن التنفيذ حتى تصل جميع بنود الاتفاقية لأهدافها ونحن ملتزمون بذلك بلا جدال ولا مماطلة. والعلاقة بين الشريكين جيدة جداً .. يخشى الكثيرون أن تأتي نتيجة استفتاء تقرير المصير لصالح انفصال الجنوب.. كيف تنظرون للأمر، وماذا ترجحون بشأن تلك النتيجة؟ نحن ملتزمون بالعمل لجعل الوحدة الوطنية خياراً أوحداً وجاذباً. لكن ذلك لا يعني أن نرفض نتائج الاستفتاء لو جاءت لغير صالح خيار الوحدة، فهذا التزام أخلاقي وعقدي وقانوني.. العلاقات الخارجية زار السودان في ابريل الماضي ثم في مايو الجاري المبعوث الأمريكي الجديد للسودان سكوت غرشيان، كما زار السودان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي جون كيري.. هل أدى ذلك إلى تطبيع العلاقات السودانية الأمريكية.. وهل تتوقعون رفع السودان من القائمة الأمريكية للدول التي ترى واشنطن أنها داعمة للإرهاب؟ نحن لم نتوقف عن السعي لتطبيع علاقاتنا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وفق قناعاتنا ومصالح بلادنا بلا انكفاء أو ذوبان، وجهود الإدارة الجديدة فيها ما يبشر، ولكننا لانُفرط في التفاؤل .. ولا نساوم على مبادئنا.. وماذا عن علاقات السودان بالدول الأوروبية وبقية أفراد الأسرة الدولية؟ علاقاتنا طبيعية والحمد لله مع كل دول العالم الغربي في حدود الاحترام المتبادل واعتمادنا لسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة صغرت أم كبرت. ونحن أعضاء في المؤسسات الدولية وملتزمون بمواثيقها واتفاقياتها، ولا نحرفها البتة كما تفعل بعض الدول الأوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية واعتماد سياسة الكيل بمكيالين وعدم احترام المواثيق الدولية.. اليمن والسودان فخامة الرئيس دعنا ننتقل إلى العلاقات اليمنية - السودانية.. كيف ترون حاضر هذه العلاقات؟ العلاقات السودانية - اليمنية علاقات مميزة يعضدها المصير المشترك ووشائج الدم ورباط العقيدة ووحدة اللسان ولم تمر علاقات بلدينا بأية أزمة طيلة العهود الماضية ولن تمر بإذن الله بما يعكر صفوها .. الوحدة اليمنية تحتفل اليمن هذه الأيام بالعيد التاسع عشر لتحقيق الوحدة اليمنية. كيف رأيتم حدث تحقيق الوحدة اليمنية؟ وكيف تنظرون للأصوات التي ظهرت تدعو للتراجع عن تلك الوحدة، والعودة للانفصال؟ الوحدة اليمنية إنجاز تاريخي للأشقاء في اليمن يجب أن يعضوا عليه بالنواجذ ولن يستفيد من الفرقة والشتات إلا أعداء اليمن والذين ينعقون بالشؤم والخراب. ولن تجد أصوات الدعوة للانفصال آذاناً صاغية إلا عند من يريدون أن يعودوا باليمن القهقرى حتى تبقى ثرواته وخيراته مخزوناً لدول الاستكبار .. وما يعاني منه اليمن من دعوات انفصال نعاني نحن مثلها في بلادنا.. والعدو واحد.. والإعلام الذي يروج لمثل هذه الترهات واحد.. والنتيجة واحدة إذا وقع انفصال لا سمح الله .. هل من كلمة أخيرة؟ أولا وأخيراً أدعو أبناء اليمن لرص الصفوف.. وتوحيد الوجهة والقبلة.. فهم شعب واحد لا شعبين.. والحكمة يمانية وأسأل الله أن يكلأ اليمن برعايته وحفظه.