العلاقات اليمنية- التركية تاريخية ومتميزة، وشهدت منذ عام 2008م تطوراً كبيراً بفضل السياسة الخارجية الحكيمة لبلادنا بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية. وبمناسبة الزيارة المرتقبة للرئيس التركي عبدالله غل لبلادنا خلال الايام القليلة القادمة التقت «26سبتمبر» سعادة محمد دونماز سفير جمهورية تركيا بصنعاء وناقشت معه علاقات التعاون القائمة بين اليمن وتركيا، والأهمية التي تكتسبها هذه الزيارة وانعكاساتها الايجابية على مصالح الدولتين والشعبين اليمني والتركي..إضافة الى جملة من القضايا محل الاهتمام، وذلك في سياق هذا الحوار: بداية.. كيف تصفون العلاقات اليمنية- التركية.. وكيف تقيمون مسارات التعاون بين البلدين وآفاقه المستقبلية؟ أولاً نتوجه بالشكر والتقدير ل«26سبتمبر» على اتاحة لنا هذه الفرصة، لنتحدث عن مسارات العلاقات اليمنية-التركية، وسبل تطويرها وتعزيزها.. كما نشكر اليمنيين قيادة وشعباً على حسن التعامل مع الأتراك في هذا البلد الحضاري العريق.. ورداً على سؤالكم نقول إن العلاقات اليمنية- التركية وطيدة ووثيقة، قديمة وتاريخية ومتميزة، وهناك رابطة قوية بين الشعبين اليمني والتركي منذ أمد طويل، وهذه العلاقات تمضي قدماً وتزداد تطوراً من عام الى آخر. أهمية الزيارة قريباً سيقوم الرئيس التركي عبدالله غل بزيارة لبلادنا.. ماذا تحمل هذه الزيارة في طياتها.. وماهي الأهمية التي تكتسبها على صعيد تعزيز العلاقات اليمنية- التركية؟ كانت زيارة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح الى تركيا عام2008م قد مثلت نقطة تحول ايجابية على صعيد تطوير العلاقات بين اليمن وتركيا، كما كانت بمثابة تأسيس لعلاقات التعاون بين البلدين، ونحن على يقين بان زيارة الرئيس التركي عبدالله غل الى اليمن خلال النصف الاول من يناير 2011م سوف تعزز العلاقات اليمنية- التركية والدفع بها الى مستويات متقدمة وبما يخدم الشعبين والبلدين. اتفاقيات عديدة لكن هل سيتم خلال هذ الزيارة التوقيع على اتفاقيات هامة تخدم مسارات التعاون بين بلادنا وتركيا؟ نعم سيتم خلال الزيارة توقيع العديد من اتفاقيات التعاون منها التوقيع على اتفاقية بين المعهد الدبلوماسي اليمني والمعهد الدبلوماسي التركي.. كذلك سيتم تأسيس مجلس رجال الأعمال اليمني -التركي.. وسيتم كذلك التوقيع على اتفاقية للتعاون بين جامعة صنعاء وجامعة أتاتورك.. كما سيتم فتح مكتب تقني للتعاون الاقتصادي يقوم بتمويل مشاريع التنمية في اليمن.. وهناك ايضاً اتفاقية سيتم التوقيع عليها في الجانب العسكري تتضمن التعاون بين الجيشين اليمني -التركي يتعلق بجوانب التدريب وتبادل الخبرات في هذا المجال، وسوف يرافق سعادة الرئيس غول وزير الدفاع التركي إضافة الى عدد من المسؤولين ورجال الاعمال من اسطنبول وانقرة، وهذا الوفد سيكون على مستوى عالٍ ورفيع، وهذه الزيارة تكتسب اهمية خاصة كون تركيا على الدوام تدعم وحدة وأمن واستقرار اليمن، وبكل تأكيد ستكون هذه الزيارة داعمة للوحدة اليمنية وتطوير التعاون بين البلدين، وسوف تحمل رسالة واضحة جداً تجسد موقف تركيا من وحدة اليمن على المستوى العالمي. مليار دولار كيف ترون حجم الاستثمارات التركية في اليمن، او حجم التبادل التجاري بين البلدين.. هل تعتقدون بأنهما يتناسبان مع المستوى الذي وصلت اليه علاقات البلدين؟ مستوى التبادل التجاري كان منخفضاً جداً، ووصل الى 280مليون دولار خلال العام الماضي، ولكن خلال الفترة القادمة سوف يرتفع المستوى التجاري بين البلدين بشكل أكبر من حيث المواد الانتاجية والتجارية وسوف تصل بحسب ماهو مخطط له الى مليار دولار خلال الفترة القادمة.. وهناك رغبة كبيرة من قبل الجانب اليمني في التعاون مع رجال الاعمال الاتراك، ولهذا السبب تم تأسيس مجلس رجال الاعمال اليمني- التركي، وبفضل هذا المجلس سوف تكون هناك دفعة قوية لتطوير عملية التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، وسوف يضم وفد رجال الاعمال التركي شخصيات متخصصة في مجال التصنيع الغذائي ومواد البناء والاستثمار في جوانب النفط وفي أكثر من مجال. مشاريع مستقبلية ماذا عن حجم المساعدات التركية لليمن.. وهل هناك خطة في هذا الجانب؟ الحكومة التركية قامت بتقديم مليون دولار لليمن خلال مؤتمر لندن عام 2006م، وتم انفاق هذا المبلغ لإعادة تأثيث المدرسة الفنية بصنعاء، وقد تم شراء كافة المعدات اللازمة لهذه المدرسة، وستكون جاهزة قبل زيارة الرئيس التركي الى اليمن.. وفي هذا الجانب زار الشهر الماضي وفد تركي جميع المباني الأثرية في صنعاء وقرر الوفد إعادة ترميم مسجد «البكيرية» بالعاصمة صنعاء، وفي المستقبل سوف يتم الانتقال الى مشاريع أخرى. نجاحات إيجابية ما موقف تركيا مما تعرضت له اليمن من حملة اعلامية تشهيرية وزعم كاذب بشأن ظاهرة الإرهاب رغم انها هي ضحية لهذه الظاهرة الخطيرة؟ الارهاب ظاهرة منتشرة في كل الدول، وهي ظاهرة مؤثرة بشكل مباشر او غير مباشر، وتركيا تعتبر من الدول التي تعرضت للإرهاب منذ ثلاثين عاماً، ولكن في اليمن ربما وجدت بعض العناصر الارهابية ارضاً خصبة لها، ولكن اليمن حققت نجاحات ايجابية في مكافحة هذه الظاهرة، واصبح الامر ليس مستعصياً في القضاء على الارهابيين، وانا اعتقد بان هناك إمكانية لمحاربة الارهاب بالتعاون مع المجتمع الدولي، وجمهورية تركيا سوف تدعم اليمن في مجال مكافحة الإرهاب. مسار جديد السياسية الخارجية لتركيا أصبحت اليوم تلعب دوراً محورياً في منطقة الشرق الأوسط.. ماهي مضامين هذه السياسة؟ خلال الفترة الماضية اتخذت تركيا مساراً لتوطيد علاقتها مع دول المنطقة وتعزيزها، وهذه الخطوة هي واحدة من استراتيجية السياسية الخارجية لتركيا، وألوية هامة كان ينبغي تحقيقها على هذا الصعيد، لا سيما وان منطقة الشرق الاوسط تمر بمرحلة تاريخية عصيبة، ومن هذا المنظور فإن تركيا تعمل على تقوية علاقاتها مع دول المنطقة. مخاوف اقليمية في هذا المنحى الا ترى تركيا بان دورها الاقليمي قد يثير مخاوف بعض القوى في المنطقة؟ يجب ألا تكون هناك أية شكوك او مخاوف من مواقف تركيا على الاطلاق.. لأن علاقات تركيا جيدة مع كل دول المنطقة. استراتيجية أمنية حددت استراتيجية الامن القومي التركي العدائيات المحتملة لبلدكم، ووضعت الكيان الإسرائيلي في مقدمة هذه العدائيات.. على اية اسس تم رسم هذه الاستراتيجية في اعتقادكم؟ نعم هذه استراتيجية تم وضعها لحماية الأمن القومي التركي، وطبعاً الجميع يعلم بأن اسرائيل قتلت تسعة مواطنين اتراك كانوا في اسطول الحرية، وكان هذا الاسطول يحمل المواد الغذائية والأولية والمستلزمات الطبية والمساعدات الانسانية للمحاصرين في غزة، وطبعاً تركيا منتظرة من اسرائيل الاعتراف بهذه الجريمة وتقديم الاعتذار والتعويض. اعتذار وماذا بعد الاعتذار والتعويض.. هل ستعود العلاقة بين تركيا وإسرائيل كما كانت في الماضي؟ اعتماداً على هذا الاعتذار الذي ستقدمه إسرائيل والتعويض بعد ذلك سيتم تحديد نوعية العلاقة التي ستكون بين الجانبين، ولكن حتى الآن لم يتم تقديم اي اعتذار من قبل إسرائيل. خطوة مهمة ولكن هل الاعتذار كافٍ بالنسبة لتركيا؟ يجب عليهم الاعتذار كخطوة هامة وضرورية تجاه ما حدث، من قبلهم، وبعد ذلك الحكومة التركية هي التي ستقرر ما ينبغي عمله في هذا الاتجاه، والاعتذار طبعاً يعتبر خطوة مبدئية. هذا صحيح في هذا المنحى إذا ما تم اعادة تركيا علاقتها كما كانت في الماضي مع إسرائيل سوف تتأثر بالمقابل علاقتها المتميزة مع الدول العربية.. ما تعليقكم على ذلك؟ هذا صحيح.. لكن انا لا استطيع ان اتوقع ماذ ستؤول إليه الأمور بين تركيا وإسرائيل. مجرد شائعات كشفت الوثائق التي سربها موقع «ويكليكس» عن وجود علاقة بين تركيا والقاعدة في العراق بعد ان تبين بان هناك دعماً امريكياً لحزب العمال الكردستاني.. ما مدى صحة مثل هذه التسريبات من وجهة نظركم؟ هذه مجرد تسريبات وكلها إشاعات، وتم رفضها من الجانب التركي باعتبارها إشاعات وطبعاً تركيا لم تدعم أية منظمة ارهابية لأنها تقف ضد الإرهاب وتعمل على مكافحته بشتى الطرق، سواءً منظمات او افراداً او غير ذلك، وهذا هو الموقف التركي على الدوام، وهي تحارب القاعدة بقوة. علاقات وثيقة هناك مؤشرات عن اقامة علاقة شراكة قوية وواسعة بين تركيا ودول الهلال الخصيب- سوريا ولبنان والأردن وفلسطين- الى اين وصلت هذه الشراكة.. وما هو رد تركيا على المخاوف الاقليمية والدولية في هذا الاتجاه.. لا سيما المخاوف الإيرانية من محاولات تركيا تقليل النفوذ الإيراني في المنطقة؟ العلاقة تمضي بشكل متطور وهي وثيقة من الناحية السياسية والاقتصادية والثقافية، وطبعاً هذا التعاون ليس فقط مقرراً من الحكومة وانما ايضاً من الشعب التركي وشعوب هذه الدول.. وفي هذا المنحى تم تأسيس مجلس للتعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين تركيا وهذه الدول ولا نعتقد ان هذه العلاقات تقلل من النفوذ الإيراني، لأن تركيا ايضاً تربطها علاقات قوية مع إيران. مرحلة ديمقراطية ما مدى تأثير الجيش التركي في القرارات التي تتخذها الحكومة في ظل دولة حزب العدالة والتنمية.. وهل تستطيع الحكومة تمرير قراراتها والاحكام التي تصدرها المحاكم.. والى أين وصلت قضية إقالة الجنرالات التي صدرت بحقهم أحكام بإقالتهم من المحكمة المختصة؟ تركيا تمر بمرحلة ديمقراطية، وظهور بعض المشاكل يعتبر شيئاً طبيعياً في ظل الديمقراطية.. لكن الشيء الاهم ان الناس لديهم الرغبة على مواجهة هذه الصعاب والتحديات.. كما ان المهم في هذا الجانب هو كيفية التعامل مع هذه الاشكاليات بدبلوماسية وهدوء وبحكمة وهذا هو الأهم. سعيد جداً «وادي الذئاب» في مسلسلة الطويل وأفلامه التي اثارت ضجيجاً اعلامياً كبيراً وأدت إلى أزمات سياسية بين تركيا وإسرائيل وأمريكا والغرب عموماً.. الى اين سيقود تركيا هذا السيناريو في الواقع السياسي والعملي؟ انا سعيد جداً بأن المسلسلات التركية يتم مشاهدتها باهتمام في المجتمع اليمني والمجتمعات العربية بشكل عام، وهذا يعود الى التقارب في العادات والتقاليد الثقافية بين العرب وتركيا، وهذا المسلسل «وادي الذئاب» يتحدث عن واقع سياسي من زاوية واحدة، لذلك فإن بعض المواقف في المسلسل تكون احياناً مسيئة لجانب معين، وتخدم جانباً آخر.. لكن تركيا بلد ديمقراطي، وطبعاً انا متأكد ان بعض الناس سيكونون غاضبين جداً على الاحداث التي تدور في هذا المسلسل، واليمنيون يحبون مسلسل «وادي الذئاب». رسالة لإسرائيل المجتمع اليمني المتابع لأحداث هذا المسلسل يفهم ان تركيا أصبحت اكثر تأثيراً على المجتمعات العربية والاسلامية.. ما تعليقكم على ذلك؟ نعم.. هذا صحيح.. وستكون خلال شهر يناير 2011 رسالة موجهة الى إسرائيل من خلال فيلم يحمل اسم «وادي الذئاب». سؤال صعب ماهي في اعتقادكم العوائق الماثلة أمام عدم انضمام تركيا لمنظومة الاتحاد الأوروبي حتى الآن؟ هذا سؤال صعب، والاجابة عليه مطولة وبحاجة الى الكثير من الوقت لكن البعض يرى ان تركيا معظم شعبها مسلم، وهذه واحدة من العوائق التي تقف أمام عدم قبول تركيا عضو في الاتحاد الأوروبي. عقبات أخرى ما ردكم على ذلك؟ الى حد ما.. ان سمعت ايضاً عن هذا الجانب عندما كنت أعمل في سفارة تركيا لدى المانيا ولمدة سبع سنوات ولكن هناك عقبات أخرى، وكل هذا لا يعني بأن هناك قطيعة بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي.. فالعلاقات ممتازة وايجابية، لأن تركيا هي الصلة ما بين أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط. دولة قوية لماذا لا تزال العلاقات التركية مع دول البلقان غير واضحة المعالم حتى الآن، رغم أن تركيا أصبحت قوة إقليمية مؤثرة على الساحة العالمية؟ تركيا هي مؤثرة على البلقان، ومعظم سكان هذه المنطقة مهاجرون في تركيا، وعلى سبيل المثال «الألبان» متواجدين في تركيا اكثر من البانيا، لأن تركيا منطقة جاذبة لسكان دول البلقان باعتبارها دولة قوية، وسوف يكون هناك تعاون مع هذه الدول في المجالات الاقتصادية والسياسية واحترام متبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. المجال الاقتصادي ختاماً إلى أين تتجه مسارات العلاقات التركية- الغربية، والعربية- التركية في ظل المتغيرات الدولية الراهنة؟ تركيا في علاقاتها تربط بين الشرق الأوسط والدول الغربية، وهي تسعى الى تعزيز علاقتها مع جميع الدول لا سميا في المجال الاقتصادي، وهذه هي توجهات تركيا في العصر الراهن. كلمة تودون قولها عبر «26سبتمبر»؟ مرة اخرى اتوجه بالشكر ل«26سبتمبر» وانا متأكد بان زيارة سيادة الرئيس التركي عبدالله غل خلال الايام القادمة سوف تقوي وتعزز علاقات التعاون بين اليمن وتركيا، وسوف يشهد المجال الاستثماري في اليمن ازدهاراً كبيراً خلال الفترة المقبلة.