في ظل ما تشهده العاصمة عدن وبقية المحافظات الجنوبية من تحسن نسبي في قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، برزت إلى السطح مجددًا ظاهرة سماسرة العملة، الذين يعملون في الخفاء والعلن على زعزعة هذا الاستقرار المالي والاقتصادي، خدمةً لأجندات مشبوهة ومصالح شخصية لا ترى في الجنوب سوى سوقًا للاستنزاف والنهب. هؤلاء السماسرة ليسوا مجرد أفراد يعملون بمفردهم، بل هناك شبكات منظمة، أغلبها مرتبطة بتجار القات وتُجّار الخضروات والمضاربين في السوق السوداء، تسعى بكل الطرق إلى شراء كميات ضخمة من العملات الأجنبية من السوق المحلية في عدن، وتحويلها لاحقًا إلى المحافظات الشمالية، مما يؤدي إلى انكماش المعروض من العملات الصعبة في الجنوب وارتفاع الطلب عليها، وبالتالي تدهور سعر الريال الجنوبي من جديد.
إن هذا المخطط الخطير لا يقل شراسة عن أي حرب، بل هو حرب اقتصادية ممنهجة هدفها خنق المواطن الجنوبي وخلق حالة من الفوضى والضغط المعيشي المستمر، تمهيدًا لإضعاف الإرادة الشعبية وضرب الاستقرار الذي بدأ الجنوبيون يلمسونه بعد سنوات من المعاناة.
ما يُؤسف له أن هذا النشاط يتم أحيانًا تحت أنظار البعض، بل وبتواطؤ من ضعاف النفوس الذين باعوا ضميرهم مقابل مكاسب سريعة على حساب شعب بأكمله.
ومن هنا، نُوجه نداءنا إلى:
البنك المركزي في عدن: لتحمل مسؤولياته في الرقابة المشددة على عمليات الصرافة والتحويل.
الأجهزة الأمنية والرقابية: لتكثيف جهودها في ملاحقة سماسرة العملة ومصادرة الأموال المهربة.
قيادة المجلس الانتقالي: لاعتبار هذا الملف أولوية قصوى، فالسيادة الاقتصادية لا تقل أهمية عن السيادة السياسية.
التجار والمواطنين: لتحكيم الضمير وعدم بيع العملة لهؤلاء السماسرة، فكل من يشارك في هذا العبث المالي يُساهم بشكل مباشر في إفقار مجتمعه.
نعم، يجب أن نكون جميعًا في خندق الدفاع عن قوت الناس واستقرار معيشتهم، فمعركتنا اليوم لم تعد فقط مع السلاح، بل أيضًا مع من يُمسكون بخيوط المال ويستهدفون استقرار الجنوب من باب الاقتصاد.
احذروا سماسرة العملة... فخطرهم لا يُرى، لكن أثرهم مدمر.