كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن الإصلاحات الاقتصادية كحلٍّ سحري للأزمات المتفاقمة، غير أن الحقيقة المؤلمة تقول: الإصلاحات وحدها لا تكفي. فما جدوى خطط وإجراءات لا تتجاوز حدود التصريحات الإعلامية، بينما الفساد ينهش جسد الدولة من الداخل ويُدار خلف الكواليس بلا حسيب ولا رقيب؟ إن غابت الرغبة الجادة من الحكومة والأحزاب والمجتمع بكل مكوناته، فلن تكون الإصلاحات أكثر من مسكّنات مؤقتة، سرعان ما تفقد أثرها ويعود النزيف أشد وأقسى. الإصلاح الحقيقي يبدأ من إرادة سياسية صارمة، تُترجم إلى قرارات جريئة بمحاسبة الفاسدين ومحاكمتهم فورًا، بلا استثناءات ولا حصانات.
لقد سئم الشعب من سماع نفس الأسطوانة المشروخة: "إصلاحات... لجان... وعود..."، بينما تزداد معاناته فقرًا وحرمانًا وفسادًا. وإن لم يدرك المسؤولون خطورة هذا الوضع، فإنهم يقودون البلاد إلى حافة الانهيار التام.
ونؤكد هنا أن مسؤولية نجاح هذه المرحلة لا تقع على عاتق الحكومة وحدها، بل على الشعب والمجتمع المدني أيضًا. فالمطلوب اليوم أن يقف الجميع إلى جانب الأستاذ سالم بن بريك في خطواته الجادة، لأنه إذا فشل هذا المسار فستكون الانتكاسة أبدية، ولن يتمكن هذا الشعب المكلوم من الوقوف على قدميه مرة أخرى.
نقولها بوضوح: لا إصلاح بلا عدالة. لا إصلاح بلا محاكمات علنية للفاسدين. لا إصلاح بلا شفافية تضع حدًا للعبث الجاري خلف الكواليس.
لقد ضاق الشعب ذرعًا، وصبره أوشك على النفاد. وعلى المسؤولين أن يتذكروا أن التاريخ لا يرحم، وأن الشعوب لا تُخدع مرتين. الإصلاح الحقيقي ليس بيانات تُقرأ، بل خطوات ملموسة تُنفذ، وإلا فلن يكون هناك مستقبل سوى استمرار الدوران في حلقة مفرغة من الفساد والخراب.