حملة أمنية تقتل المتهم الرئيسي باغتيال افتهان المشهري وتعتقل شقيق قائد المحور *- شبوة برس - الأيام في تطور جديد لمسار التحقيقات في جريمة اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين بمحافظة تعز، افتهان المشهري، قُتل المتهم الرئيسي في القضية"محمد صادق المخلافي"، أمس الأربعاء، خلال اشتباكات مع الحملة الأمنية في منطقة تبة الوكيل بحي الروضة شرق المدينة، وسط تساؤلات واسعة عن دوافع تصفيته بدلًا من اعتقاله.
مصادر رسمية أكدت أن الحملة الأمنية التي انتشرت منذ الصباح في تبة الوكيل اشتبكت مع المخلافي ومجموعة من المسلحين، ما أسفر عن مقتله بعد مقاومته لقوات الحملة، غير أن ناشطين وحقوقيين تساءلوا عن أسباب تصفيته بدلًا من اعتقاله حيًّا، خصوصًا أنه كان محاصرًا وكان من الممكن السيطرة عليه حتى لأيام أو أشهر. ويذهب هؤلاء إلى أن التخلص منه قد يكون مخططًا مقصودًا لإخفاء ما بحوزته من أسرار حول الجريمة والجهات التي تقف وراءها وتموله. الصندوق الأسود للجريمة المخلافي يُعتبر المتهم الأبرز في تنفيذ عملية اغتيال المشهري التي وقعت في 18 سبتمبر الجاري، حين أطلق مسلحون النار عليها وهي داخل سيارتها في شارع جولة سنان وسط مدينة تعز، في حادثة مروعة هزّت المجتمع المحلي وأثارت موجة غضب عارمة.
وبحسب مصادر حقوقية، فإن المخلافي كان حلقة وصل رئيسية بين المنفذين والجهات التي خططت للعملية، ما جعله "الصندوق الأسود" الذي يمكن عبره كشف شبكة التمويل والدعم السياسي والعسكري. تورط قيادات عسكرية التحقيقات الأولية أشارت إلى تورط قيادات عسكرية بارزة مرتبطة بحزب الإصلاح (الجناح اليمني لجماعة الإخوان المسلمين)، المسيطر فعليًا على مدينة تعز. ومن أبرز المتورطين بكر صادق سرحان، قائد كتيبة في اللواء 22 ميكا، الذي اعتُقل مؤخرًا بعد مداهمة منزله.
وتشير وثائق قضائية إلى أن سرحان سبق أن صدر بحقه حكم بالإعدام في يناير 2024 في قضية قتل عمد، لكنه ظل طليقًا بفضل نفوذ والده القائد العسكري السابق للواء ذاته، إضافة إلى حماية شبكات سياسية وعسكرية نافذة. تحذيرات وتجاهل أمني معلومات مسرّبة كشفت أن المشهري كانت قد أبلغت الأجهزة الأمنية قبل اغتيالها عن تلقيها تهديدات مباشرة، وأن وساطات قادت إلى ما سُمي حينها "تسوية قبلية"، شارك فيها بكر صادق سرحان، لإلزام الجهة المهددة بعدم التعرض لها. غير أن تلك التسوية لم تصمد، إذ عادت الأطراف ذاتها ونفذت عملية الاغتيال بمشاركة المخلافي، الذي جرى التخلص منه اليوم.
وبموازاة تصفية المخلافي، واصلت الحملة الأمنية المشتركة عملياتها في تعز، وتمكنت من اعتقال القيادي في اللواء 170 دفاع جوي "همام مرعي"، إضافة إلى "عرفات علي منصور"، المتهمين في قضايا جنائية متعددة. كما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على "فاروق فاضل"، شقيق قائد محور تعز اللواء خالد فاضل، على خلفية حادثة إطلاق نار أودت بحياة مواطن في مديرية جبل حبشي قبل أيام.
هذه العمليات تأتي استجابة للضغط الشعبي المتصاعد عقب اغتيال المشهري، إذ خرجت أصوات عديدة تحمّل السلطات مسؤولية الفوضى وانتشار السلاح والمظاهر المسلحة في المدينة. شكوك حول أهداف الحملة رغم هذه النجاحات المعلنة، يرى مراقبون أن مقتل المخلافي خطوة محسوبة تهدف إلى طمس خيوط التحقيق ومنع الكشف عن الجهات السياسية والعسكرية التي خططت للجريمة. ويذهب البعض إلى أن تصفية المتهم الأول تضعف فرص الوصول إلى الحقيقة، خاصة وأنه كان الرابط بين الممولين والمنفذين.
تعز، التي تحررت من الحوثيين قبل سنوات، ما تزال تعيش في دوامة انفلات أمني وصراعات نفوذ داخلية. وتُتهم القوات الموالية لحزب الإصلاح بتحويل المدينة إلى ساحة مغلقة تُدار وفق مصالح الحزب، ما يعرقل جهود إعادة بناء مؤسسات الدولة وفرض سيادة القانون.
ويرى خبراء أن الحادثة الأخيرة تكشف عمق الأزمة الأمنية في المدينة، وأن المعركة الحقيقية لم تعد مع الحوثيين في الجبهات، بل داخل المدينة نفسها ضد الجماعات المسلحة وشبكات النفوذ.
مع تصفية المخلافي تتزايد المخاوف من أن تتحول القضية إلى ملف مغلق دون محاسبة حقيقية، وأن يُحرم الرأي العام من معرفة من يقف وراء اغتيال المشهري، وما إذا كان الهدف من العملية إسكات صوت مدني إصلاحي في مؤسسة خدمية، أم تصفية حسابات أعمق بين شبكات النفوذ السياسي والعسكري.
ويبقى السؤال الأهم هل ستنجح الحملة الأمنية في كشف بقية المتورطين وكسر جدار الحماية الذي وفرته جماعة الإصلاح لقياداتها المسلحة، أم أن تصفية "الصندوق الأسود" ما هي إلا بداية لدفن الحقيقة؟